أشكال التصعيد القادم في الأرض الفلسطينية في ظل النار
أعادت المقاومة الفلسطينية الشعبية والحزبية، خلال الأيام الماضية، الملف الفلسطيني إلى واجهة الاهتمام العربي والعالمي، كما أصبح على الصعيد الإسرائيلي الموضوع الأهم ، لاتصاله بأمن المجتمع الصهيوني.
شكل الاهتمام ونوعه، في "إسرائيل" ظل ضمن التقييم للواقع و سلسلة إجراءات قمعية، أنما عربيا فحرك موجة من الاستنكار والشجب عدا عن تعبير الخشية من التصعيد، الأمر الذي تسعى لدفعه قوى عالمية.
و في الخفاء، نشطت على ايقاع التصعيد في الأيام الماضية، حركة سياسية دولية وعربية، تحدثت مع السلطة لتهدئة على الأرض، ومع حركة حماس لضمان منع اندثار النار .
لغز النار: يحرك ساكن السياسة
تعيش القضية الفلسطينية في أخطر حالاتها خاصة، في ظل المخططات الإسرائيلية تجاه القدس،غزة، والنقب، الضفة الغربية.
هذا الحال يتزامن مع أخطر الشماريع الهادفة لتهويد الضفة من خلال ما يعرف بترسيم الحدود بين "الأردن والكيان" عبر بناء سياج أمني متوافق عليه، في ظل جهد مصري آخر يسعى لترسيخ حالة فصل محكم لغزة عن مصر .
العبث العالمي في الملف الفلسطيني، تزداد وتيرته في هذه المرحلة، لشعور الأطراف بأن الحالة الفلسطينية ساكنة، أو مائلة لذلك.
مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي" أجرى قراءة عامة لمستويات التفاعل مع القضية الفلسطينية طيلة 3 عقود فتبين من خلال القراءة الآتي :
أولا : الإتفاقات السياسية مع الجانب الإسرائيلي : أبرمت كافة الإتفاقيات السياسية الرئيسية، مع الجانب الإسرائيلي، بعد انتفاضة أو موجة عمليات كبيرة في الضفة الغربية، مما يعني أن المحرك لها الضغط الأمني .
ثانيا : الانسحاب من قطاع غزة : كان السبب الرئيسي وراء انسحاب اسرائيل من قطاع غزة، الكلفة التي دفعها الجيش الإسرائيلي الأمر الذي اعترف به شارون .
ثالثا: 9 من عمليات الافراج عن الأسرى الفلسطينيين : كانت نتاج محاولة إسرائيلية لتهدئة الغضب الفلسطيني، أو بهدف دفع الطرف الفلسطيني دخول مسار تهدئة متوافق عليها .
رابعا : التحرك الدولي مع القضية الفلسطينية : تنشط الدوبلوماسية العالمية كلما ارتفع، المؤشر الأمني باتجاه التصعيد، مما يضطر الولايات المتحدة وأوروبا التحرك عبر مبادرات سياسية .
خامسا : ميول المجتمع الصهيوني : أثبتت استطلاعات الرأي، أن حركات السلام، أو التوجهات نحو التسوية ترتفع كلما زادت وتيرة الضغط الأمني على المجتمع الإسرائيلي.
هذه المعطيات الخمس لم تأت من قبل المركز لدفع الخيارات الفلسطينية للتصعيد أو تفضيله، انما هي رصد لشكل السلوك السياسي الإسرائيلي .
أشكال التصعيد المتوقعة في الأراض الفلسطينية وأثرها على الكيان خلال المرحلة القادمة
بعد تحليل للبيئة الامنية في الأراضي الفلسطينية، قال مدير مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي علاء الريماوي ، نحن أمام جملة من سيناريوهات التصعيد على الأرض خلال المرحلة القادمة .
أولا: تصهيد شعبي في الضفة الغربية : الضفة الغربية مهيئة لتصعيد أمني" تختلف معالمة عن الإنتفاضتين الأولى والثانية"، لذلك يرجح أن تندمج في الحالة الجديدة " الحركة الحزبية المكبلة و الحالة الشعبية الغاضبة، مما سيظهر لدينا، واقع ثوري فيه عمليات فردية غالبة وتنظيمية متقطعه بالأضافة إلى مواجهة شعبية متسعة .
هذا النوع من التصعيد، يصعب على الحكومة الإسرائيلية، مواجهته إلا عبر اجراءات أمنية مشددة، الأمر الذي تعتبره اسرائيل استزافا لقواتها على الأرض.
ثانيا : استمرار الموجات الثورية في القدس : أثبتت مواجات التصعيد المتقاربة في القدس، أن هذا النوع هو السمة لمقاومة القدس، هذا الواقع بات سلوك القدس خلال السنوات ال15 أخيرة .
لكن الجديد الذي أحدثته القدس في سلوكها، هو دخول الحالة الشعبية، على مسار شعبي عنيف، عبر تحويل الحجارة والزجاجة الحارقة إلى مكنة اضرار كبيرة.
هذا الشكل من التصعيد، ترى اسرائيل بانه متسع و خطير، لتحويله كل متحرك اسرائيلي لهدف على الأرض .
ثالثا : تصعيد غزة غير المنضبط : اسرائيل في تعاطيها الحالي مع قطاع غزة، تخشى من عودة ما يعرف "تصعيد الاستنزاف " الأمر الذي ترجحه جهات أمنية اسرائيلية، خلال المرحلة القادمة.
اسرائيل تدرك أن هذا النوع، لن يمكنها من استهداف واسع وكبير لحماس، وفي ذات الوقت، سيشكل هذا النوع من الصواريخ المنفلتة ضغطا كبيرا، على أمن المجتمع الإسرائيلي.
هذا السلو في السابق اورث تفعيل وسطاء للتهدئة، كما تسبب بموجات تصعيد لعدم انضباطه، لكن في ذات الوقت، يعد أحد أهم الملامح التي ستكون عليه غزة خلال المرحلة القادمة .
رابعا : توثب أمني شمال "إسرائيل" مصحوبا بموجات نار متقطعه : تخشى إسرائيل من بدء تشكل جناح فلسطيني مسلح على الحدود السورية و اللبنانية، "إسرائيل" اتهمت الجبهة الشعبية القيادة العامة، وحركة حماس، الجهاد الإسلامي إلى هذا النوع من التفكير والممارسة .
المؤشرات على الأرض، بحسب التقديرات الإسرائيلية تشير إلى تطور هذا النوع من الخطر، خاصة في حال التصعيد على الأرض الفلسطينية.
هذا الواقع تراه اسرائيل خطيرا، كونه أحد الأسباب التي يمكنها تفجير الأوضاع الأمنية، مع حركات قابلة للدخول في مواجهة مع اسرائيل .
خيارات التصعيد "استثناء لحرب واسعة وانتفاضة شاملة"
يرى مركز القدس، أن الواقع السياسي العربي، والحالة الفلسطينية القائمة، لا يمكنها احتمال حرب واسعة في قطاع غزة، كما لا يمكنها حشد الساحة لانتفاضة خلال المرحلة القادمة لجملة من الأسباب أهمها :
على صعيد الضفة
أولا : لازالت ترفض بشدة زج الضفة الغربية، في مواجهة على شكل انتفاضة واسعة، لجملة من الأسباب أهمها القناعة بخطورة ذلك على مشروعها .
ثانيا : تغير البيئة السياسية في الضفة الغربية : أورث أداء السلطة الأمني حالة الضفة الغربية انهيار لحركات اليسار، ضعف كبير للجهاد الإسلامي، وتكبيل خطير لحركة حماس، بالإضافة إلى تحويل فتح إلى مؤسسة عامة مفككه، الأمر الذي جعل حالة التأثير الفصائيلة ضعيفة على الشارع .
ثالثا : قناعة الأمن الفلسطيني في الضفة الغربية، بأن المواجهة في الضفة، من شأنه تغيير البيئة السياسية في الضفة الغربية، الأمر الذي من شأنه التسبب بخسارة النفوذ على الأرض .
هذه الثلاثية يرجح معها، تصعيد شعبي، يشتد في الريف، مع توسعه على شكل عمليات فردية وأخرى تنظيمية تكتيكية، بالإضافة إلى توسع ظاهرة الحجارة والزجاجات الحارقة.
على صعيد غزة
مازالت غزة، تعيش نتائج قاهرة للحرب الأخيرة، في ظل اجماع تآمري على القطاع الأمر مما يلزم غزة حذرا من التصعيد على الأرض .
هذا الحديث يجعل الواقع يميل إلى، خيار الاستنزاف المتقطع، عبر اطلاق صواريخ، كما حدث الليلة من قبل فصائل صغيرة، أو شن بعض الهجمات بالرصاص من قبل أفراد"بخفلية" .
خلاصة : سلوك اسرائيل ورؤيتها للواقع
ترى إسرائيل، أن الأثمان التي تدفع للفلسطيني، يجب أن تتساوى وحال المصلحة التي تجنيها، بالإضافة إلى قدرة الحكومة على تسويقها .
الحالة القائمة في الضفة الغربية وغزة، حتى الساعة ترى فيها اسرائيل، واقع يمكن التعايش معه، لذلك فإن الاستحقاقات المطلوب دفعها لم يحن بعد.
ومع ذلك، ترى إسرائيل، أن الخيار الذي تملكه، هو التسويات، لا الحرب، لخشية لديها، تكرار حروب قد تورث حالة أمنية يصعب التعايش معها .
علاء الريماوي
مدير مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي
وسوم: 634