شيئا من المراهقة المتأخرة ...
تسارع السنوات والايام تجعل الكبير والصغير ينظر كلاهما الى مراة الامس لعل فى هذا بعض التسلى والضحك على ايام الصبا وزهو الشباب فى حسرات ليس لها نهاية .... البكاء على اطلال الامس الجميل ... والنظر صوب مراة الصبا الصامته على جدار العمر الفسيح ...
ما أن يغادر بعض الرجال عتبة (الأربعينيات) من العمر حتى يغادروا مرحلة النضج الفكري والاتزان في التصرفات. وما أن تحبو بعض النساء نحو ختام الأربعينيات حتى تتلبسهنّ حالة من التصابي والسطو على مراحل عمرية سابقة ....
فيلجأ الرجال إلى صبغ الشعر ومطاردة الشعر الأبيض وارتياد هوايات الشباب والصالات الرياضية وأجواء الطرب ومحاولة الاشتراك في غالبية النشاطات الشبابية، ويعمدون إلى تضليل علامات التقدم في السن بلبس (التي.. شيرتات) البرّاقة ذات الألوان الصادمة أو المزركشة مع الإبقاء على زرارة أو اثنتين مفتوحتين في الأعلى علّها تضيف شيئا من الإثارة للمظهر العام.
وما ينقص من مظهر شبابي تتم السيطرة عليه بعطر نفاذ وممارسات صبيانية.
أما النساء فيدمنّ صوالين التجميل ولا يتركن (حبة) كولاجين أو حقنة سلولايت إلا ويقمن بتجربتها على أنفسهن ويعشقن كثرة (المرايات) فيضيع نصف اليوم في فحص حبة أو تجاعيد على وجهها في زمن كان يمكن أن تُنهي فيه رواية على الأقل لعبقرية الرواية العربية أحلام مستغانمي (لو قرأت النساء روايات مستغانمي بعين فاحصة لهجرن المرايا إلى الأبد).
المهم أن هنالك الكثير من الرجال والنساء يمارسون شيئا من المراهقة المتأخرة وذلك حسب ما يقول أطباء علم النفس أنها (مرض نفسي يصيب الكبار بعد زوال الشباب وحضور الشيب).
والشيب الذي نقصده هنا هو الشيب الذي يتزامن مع تقدم العمر وليس الشيب الوراثي أو الشيب المبكر لدى البعض في عزّ الشباب.
والذي ينظر بعين فاحصة إلى المتصابين من الرجال والنساء يشعر أنهم يفتقدون شيئا يحاولون إيجاده بالبحث عنه في دفاتر لا يملكون مفتاح شفرتها ، فيبدأون في القراءة بتلعثم وجهل دون أن يفتح الله عليهم بنطق صحيح فيصبحون مثار تندر وسخرية ويخسرون أول ما يخسرون أسرهم وذويهم والمجتمع
وفي الآونة الأخيرة طفت إلى السطح ظاهرة وجود رجال مع فتيات في عمر بناتهم وظهور نساء مع شباب أصغر منهن على الأقل بخمسة عشر عاما هذا الظهور يتطور في أحيان كثيرة من قضاء وقت لمتعة مزيفة إلى الزواج، وهنا تبدأ ملامح تفسخ اجتماعي في الظهور فتتبدل ملامح العلاقة من أبوّة بين الرجل والفتاة إلى زوج وزوجة وملامح الأمومة بين المرأة والشاب إلى زوج وزوجة، وفي هذه الحالات سرعان ما تتساقط الأقنعة .
فأمراض الكبر من سكري وضغط وقلب تبدأ في الفتك بأعصاب الجسم وسرعان ما تبدأ التجاعيد في الظهور وتتساقط آخر بقايا الصبغة عن الشعر الأبيض فيجد الرجل والمرأة نفسيهما في ماراثون تتقطع فيه الأنفاس من الجولة الأولى.
عندها تبدأ تلك الفتاة في البحث عن شاب يكمل معها سباق الماراثون والذي تمثله هنا الحياة وبنفس الحماس, كما يغادر ذلك الشاب أيضا محطة والدته أو زوجته بمعنى أصح يغادرها مبكرا ليتركها وهي نائمة عقب أذان العشاء مباشرة ويذهب ليكمل سهرته مع فتاة صغيرة على الأقل لن تبدأ في الشخير مبكرا.
إن الحياة والحاجة الإنسانية للآخر تتمثل في عدة معادلات من ضمنها الاختيار السليم والمناسب ومراعاة التغيير الهرموني والبيولوجي وكما قال الشاعر :
ألا إنّ سِفاهَ الشيخِ لا حلم بعدَهُ ****ولكنّ الفتى بعدَ السفاهةِ يحلمِ.
تسارع السنوات والايام تجعل الكبير والصغير ينظر كلاهما الى مراة الامس لعل فى هذا بعض التسلى والضحك على ايام الصبا وزهو الشباب فى حسرات ليس لها نهاية ....
وسوم: 637