عاشوراء حركة اصلاح مبكرة
و نحن نقف على اعتاب موسم أستحضار النهضة الحسينية التي كانت علامة فارقة في التاريخ الانساني فلم تعد الحياة السياسية في العالم الاسلامي كما هي بعد هذه الثورة الاصلاحية التي جاءت لتعلم العالم أن السكون و السكوت والاستسلام على الظلم ينميه و يغذيه و ينفخ فيه فلا خيار الا مواجهته و كسر حاجز الخوف من الظالم و عدم الاستسلام لأدوات ظلمه و عدم المهادنة على المباديء وقيم الحق التي يتبناها الانسان وأن كان الثمن و التضحية هو الموت لتحيا الامة فللإصلاح ثمن و لا يأتي هبة من الاخرين فرسمت الحركة الحسينية طريقاً معبداً بالكرامة و العزة و الاباء للسائرين بحرية العقول و التحرر من عبودية الاهواء والشهوات و هذه المسؤولية العظيمة (الاصلاح ) لايقوم بها الا الاقوياء و العظماء ممن أنتصروا في المعركة الاولى وهي معركة التغلب على النفس فمن أنهزم في تلك المعركة الداخلية لن يتمكن من مواجهة أي عدو او الانتصار في اي معركة خارجية فمن يطلب الصلاح ليبدء بنفسه فإن أصلحها وضحت له الرؤية الاصلاحية وكانت خطواته سليمة لم تشوبها شائبة من هوى أو ضعف أو أنحراف بل أن تلك المعركة ستكون معسكراً تدريبياً لمعركة الاصلاح التي تحتاج الى نفس قوية مدججة بأسلحة تتغلب بها على شتى الوان الاعداء فلو كان في قلب الحسين ذرة من حب للدنيا لما أستطاع أن يتركها في سبيل الاصلاح وحاشاه الله وهو القائل (ما خرجت الا لطلب الاصلاح ) وكذا اصحابه و أهل بيته في رحلة الاصلاح عندما أرخصهم في الذهاب و لكنهم اختاروا النصر في الطف لأنهم أنتصروا مسبقاً على نفوسهم و من ثم تفجرت ثورات المصلحين بعد أشعال فتيلها في كربلاء ، فقضت مضاجع الظلمة و صححت مسار الامة فكانت عاشوراء مناراً للمصلحين في كل مكان فأورقت دماء شهداءها براعم الاسلام الاصيل فكانت المائز بين الحق و الانحراف و بين الصدق و الكذب و بين الاصالة و التشويه و هذا ما نحتاجه اليوم في دوامة خلط الاوراق عندما يتهم الاسلام بالفساد بسبب فشل بعض المتقمصين له في معركة الحكم و السلطة و المال و ما كانت هذه الهزيمة لتحصل لو أن هؤلاء المنتسبين زوراً للحسين ع كانوا أنتصروا في معركتهم مع أنفسهم الامارة بالسوء وعندها نتلمس أهمية المعركة الاولى ومدى خطورة نتائجها في تحديد ملامح صورة الحياة في كل مفاصلها لأن أساس كل بناء حضاري هو الانسان .
وسوم: 638