وكم من الأخطاء ارتكبنا بحق روسيا ...
لا تتخيلوا لمجرد ثانية واحدة اننا في هذا المقال سندافع عن روسيا أو تحسبون لثانية اننا نؤيد التدخل الروسي في سوريا وفي منطقة الشرق الأوسط عموماً. نحن مخطئون بحق مفهومنا للموقف الروسي والذي كان ولا يزال وسيستمر معادياً للمنطقة العربية والغضب والحنق الذي تحمله روسيا ي صدرها ضد المنطقة العربية ودولها لاقتران المنطقة العربية وغالبية دولها بالغرب منذ قيام معظم الدول العربية، هذا الموقف والذي قام وساهم بأكبر عملية هجرة لليهود شهدها التاريخ الى فلسطين ولا تزال مشاهد المراكب الروسية العملاقة وهي راسية في عرض البحر قبالة ميناء حيفا وميناء يافا وميناء عكا والذي شهد الأخير اكبر عملية ادخال غير شرعية للمهاجرين اليهود الي فلسطين، والذي وثقته القيادة العسكرية البريطانية والتي كانت تشرف على منافذ الدخول والخروج من فلسطين في ذلك التاريخ، بأكثر من مليون يهودي روسي فقط دخلوا الى فلسطين عبر ميناء عكا.
روسيا كانت تحلم باليوم الذي تضع اقدامها فعلياً على ارض عربية، كان اقصى ما كانت تتحصل عليه هو مجموعة خبراء عسكريين في مصر عبد الناصر وعدد من مهندسي الصيانة في سوريا، ولكن الحلم الذي تحقق فعلياً اليوم بوجود قوات روسية فاعلة ضاربة على الأراضي السورية، جعل المخطط الروسي في العودة الى ساحة الأحداث الدولية ياخذ دوراً اكثر فعالية وتأثيراً على المسرح الدولي من الذي تلعبه على اراضي جمهورياتها السابقة، هذا الحلم الذ تحقق فتح الباب على مصرعيه لدق الخنجر الروسي المسموم في خاصرة كل الدول العربية والتي كانت في زمن من الأزمنة تحرم الطيران السوفييتي في ذلك الوقت من مجرد المرور عبر الأجواء العربية طاعة وانصياعا لرغبات الولايات المتحدة وبريطانيا.
الحنق الذي تكنه روسيا لدول المنطقة العربية، اكثره منصب ويتركز حول دول منطقة دول الخليج العربي والتي كانت لعقود من الزمن تقاطع المنتجات الروسية وعزل تام لروسيا أن يكون له أي توجد في منطقة الخليج العربي على الرغم من ان روسيا في مجالات استخراج النفط وتصنيعه وتصديره كانت ستكلف دول الخليج ربع التكاليف التي تتكبدها لدى الشركات الأمريكية والبريطانية.
سقط الجيل الجديد من حكام الخليج في الفخ الروسي۔ ستكون عواقب هذ التقارب الإماراتي السعودي مع روسية وخيمة جداً بالنسبة لأغنى دولتين نفطياً في المنطقة، حتى وان كانت طبيعة هذا التقارب الإماراتي السعودي الروسي في ظاهره يحمل صفة المسالمة وامكانية التعايش مع الوجود الروسي في المنطقة ألا ان الدب الروسي سيسمح بهذا التقارب حتى يصل به الى نقطة الانقضاض العنيف والذي لا شيء بعده سوى الموت المحقق لتلك الأنظمة التي قامرت وغامرت بعملية التقرب والتعايش مع الكيان الروسي والذي لا يعرف سوى العيش وحيداً.
خطاء الصغار من أبناء حكام منطقة الخليج يكمن في عدم ترويهم وانعدام بعد النظر لديهم، لم يكن آبائهم ليتجاهلوا خير روسيا لو كان في روسيا اي خير لهم ولدولهم، وهذا الاندفاع نحو الأحضان الروسية سيوغر صدر حلفاء الوقت الحاضر وحتى إذا ما انقض الدب الروسي وكشر عن انيابه وتبينت نواياه لن يهب هؤلاء الذين كانوا حلفاء وأحسوا بخيانة الأطفال التي يمارسها أبناء حكام دول الخليج العربي، وستقبع الدول الغربية التي كانت صديقة في مقعد المتفرج يشاهدون الدب الروسي وهو يلتهم مناطقهم دون ان يحرك الغرب ساكناً.
لقد وعى هذا الخطر الروسي المخضرمون من حكام الخليج، وأول من وعى للخطر الروسي هو الشيخ زايد بن نهيان رحمه الله، لقد أدرك الشيخ زايد ان ما فعلته روسيا من تخليها عن عبد الناصر وهو في أمس الحاجة اليها، أدرك الشيخ زايد ان روسيا دولة لا تعرف معنى الأخلاق ومعنى كلمة الشرف وقد قالها رحمه الله (الدولة التي تتخلى عن اصدقائها وقت الحاجة هي دولة لا تعرف معنى كلمة الشرف) لقد وعى هذا الأمر وهو حاكماً لإمارة أبو ظبي وواصل هذا الوعي وهو حاكماً لدولة الإمارات العربية المتحدة. لا يحسبن أبناء الحكام انهم يعرفون اكثر من آبائهم، عنفوان الشباب يخيل لهم انهم كذلك ولكن الحياة في حقيقتها هي مجموعة من الخبرات والتجارب، والتجارب أثبتت أن الروس لا يؤمن جانبهم، قائمة الشركات التي ضاعت حقوقها في روسيا لعدم وجود مجرد قانون يحمي المستثمرين في روسيا وضع روسيا على رأس قائمة أسواء دولة في العالم للاستثمار بها، ودعونا نسترجع الماضي مرة اخرى ونسترجع مواقف الروس تجاه قضايانا، لم يقف الروس بجوارنا وبجوار قضايانا في أي زمن في أزمنة صراعاتنا في المنطقة، بل على العكس هي كانت ولا تزال اكبر عامل هدام لمجتمعاتنا العربية واذا كنا نحسب ان الغرب منحرف ومنحل اخلاقياً فإن الانحلال الأخلاقي الذي سيأتينا مع الزحف الروسي سيجعل ذلك الغربي بالمقارنة بذلك الروسي، قمة في المحافظة اذا ما قارنته بالانحراف والانحلال الاخلاقي الروسي.
علينا ان نتنبه للخطر القادم من روسيا وعلينا ان ندرك ان مجرد عدم وجود كلمة الاتحاد السوفييتي لا يعني ان روس اليوم ليسوا بسوفييت الامس، انهم سوفيتيين أكثر مما كان عليه الاتحاد السوفييتي وأفكارهم أكثر خطورة وتدميراً.
وسوم: 638