زيارة كيري للمنطقة تريد رأس الإنتفاضة مقابل تحسينات ومنح مالية
شرع وزير الخارجية الامريكي جون كيري ينوي في زيارة للمنطقة ، وتضاربت الأنباء حول الأهداف التي يسعى كيري تحقيقها في منطقة تعج بالملفات الكبيرة من سوريا وإيران بالإضافة إلى الملف الفلسطيني وحركة السياسة بين هذه الملفات.
في رصد أجراه مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني" بين أن التعاطي مع هذا الملف جاء وفق أجندات يريدها أصحابها، منهم من أراد أن يبرز الملف الفلسطيني كهدف أساس في في الزيارة، و آخرون وجدوا في ملفات المنطقة المشتعلة أساسا تحتاجه الولايات المتحدة للوصول إلى الملف الفلسطيني، بهدف تحقيق تهدئة الأوضاع المشتعلة في الأراضي الفلسطينية ".
لكن اللافت في الزيارة بحسب المركز أنها بدأت من الإمارات العربية المتحدة ، وكيل أعمال الغرب في المنطقة (في ملف التصدي لصعود الإسلاميين للحكم) عدا عن سعيها الكبير، تثبيت دحلان في معادلة القيادة المنتظرة، وتغيير البيئة السياسية في قطاع غزة.
زيارة كيري وتدخله جاء مبكرا منذ الشهر الأول للانتفاضة، حيث قام بزيارة الأردن والتقى قاتها، وعقد مع نتنياهو جملة من المحادثات لسحب البساط من تحت من يريدون التصعيد.
إعلان نتنياهو حينها حول المسجد الأقصى وتصريحات الملك عبد الله، بالإضافة إلى تصريحات السيسي حول توسيع أطراف (المتصالحين) مع الإحتلال لم تنجح في إنهاء الحالة الشعبية والمقاومة، بل على العكس من ذلك جذرت ضرورة رفع سقف الأحداث.
من جانبه قال الباحث عماد أبو عواد، إن هناك العديد من القضايا التي ينوي كيري تأكيدها خلال الزيارة
أولا: إن الولايات المتحدة الامريكية، لا زالت اللاعب الأبرز في المنطقة وأن خيوط سياستها تستطيع التدخل في كافة ملفات في المنطقة.
ثانيا: نجدة إسرائيل من قبل شخص جون كيري (الديمقراطي) قبيل الإنتخابات الأمريكية الداخلية.
ثالثا: تهيئة المنطقة الى مرحلة تغيير في القيادات على حساب (مصر، السعودية) ، لصالح الامارات العربية المتحدة.
أما على الصعيد الإسرائيلي فقال أبو عواد إن أهداف إسرائيل من هذه الزيارة كثيرة وإن كان ابرزها محاولة اجهاض الانتفاضة الفلسطينية فان نتنياهو له مآرب اخرى تتلخص فيما يلي.
أولا: الظهور عالميا بوجه من يريد إيقاف الدم في المنطقة والقاء الكرة في الملعب الفلسطيني خاصة في ظل ظهور نوع من العداء الاوروبي لسياسات إسرائيل الاستيطانية والتي كان اخرها قرار وسم منتجات المستوطنات الاسرائيلية والتي اثارت ضجة اسرائيلية كبرى.
ثانيا: توجيه رسالة للمعارضة الاسرائيلية ولبعض الاطراف الداخلية التي شككت في قدرة نتنياهو في إعادة تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة ، خاصة جون كيري.
ثالثا: إلقاء جزء من العبء الذي شكلته الانتفاضة الحالية من على كتفيه الى الشريك الإستراتيجي الأبرز لإسرائيل في المنطقة.
رابعا: التأكيد على أن إسرائيل لا زالت تمثل الحليف الاستراتيجي الابرز للولايات المتحدة ، خاصة في ظل بروز دور جديد لروسيا في المنطقة وفي ظل تحسن العلاقات الايرانية الامريكية في الآونة الاخيرة والتي عبر عنها الاتفاق النووي الذي اثار غضب اسرائيل.
فيما اشار علاء الريماوي مدير مركز القدس ان زيارة كيري للمنطقة هي زيارة خبيثة تحمل في طياتها اجهاض الانتفاضة الفلسطينية دون ان تقدم أي ثمن للشعب الفلسطيني، وتأتي في اطار محاولة احياء محادثات فلسطينية اسرائيلية لها بداية دون ان يكون لها نتائج حقيقية وكذلك للضغط على الرئيس الفلسطيني محمود عباس لقبول أي صيغة امريكية لتهدئة الاوضاع.
انطلاقا من هنا يجمع الباحثين في مركز القدس ( علاء الريماوي، عماد ابو عواد ) ان الانتفاضة الفلسطينية الحالية تعدت مرحلة القدرة على اجهاضها في ظل بقاء الاوضاع على حالها، وان هناك وعي فلسطيني في اتجاه تحقيق مكاسب حقيقية على الارض، لذى فان زيارة كيري للمنطقة لن تتعدى كونها تأتي في اطار تجميلي محكوم عليه بالفشل سلفا من حيث الحراك السياسي وهذا يرجع إلى جملة من المتغيرات.
أولا : السقف السياسي للزيارة : تأتي زيارة كيري تحت ما يعرف "بسقف التحسينات" مقابل وقف الانتفاضة الفلسطينية، التي شكلت حالة قلق في صفوف الاحتلال الإسرائيلي.
ثانيا: جعبة كيري خالية من المبادرات السياسية الواضحة، سوى قدرته على ممارسة ضغوط على القيادة الفلسطينية.
ثالثا: تأتي زيارة كيري في ظل وضوح إسرائيلي في ملفات الاستيطان، والإفراج عن الأسرى، وشكل التحرك السياسي في هذه المرحلة.
رابعا: يسعى كيري في هذه الزيارة ترميم منهجية العمل بين إسرائيل والعرب في الملفين السوري والإيراني، بعد تصدع أجزاء منه بعد الاتفاق مع إيران.
خامسا: تعتبر إسرائيل زيارة كيري فرصة حقيقية، للضغط على أطراف عديدة في المنطقة منها السلطة الفلسطينية وأوروبا.
وعن تأثري الزيارة على الإنتفاضة قال المركز هناك العديد من الأسباب التي تدفع في باتجاه استمرار الانتفاضة واكتسابها زخما جديدا كبيرا
اولا: فقدان أي أفق سياسي من شأنه ان يقنع الشباب الفلسطيني ايقاف هذه الانتفاضة في ظل تجربة المفاوضات طويلة الامد وعديمة النتائج .
ثانيا: ممارسات اسرائيل وقطعان مستوطنيها التي ساهمت في زيادة الغليان الشعبي العارم لدى الشباب الفلسطيني ، خاصة نوايا الحكومة الاسرائيلية في تقسيم المسجد الاقصى زمانيا ومكانيا واستمرار المشاريع الاستيطانية ، والاعتداءات الإسرائيلية الوحشية على عموم الشعب الفلسطيني وخاصة الاطفال والفتيات.
ثالثا: فقدان قدرة أي طرف من الاطراف على توقع من اين ومتى واين من الممكن ان تنطلق الاعمال الفلسطينية ، خاصة في ظل ان اغلب العمليات هي فردية بالأصل ولا يوجد مرجعية تنظيمية لها مما يعقد من مسألة قدرة الاجهزة الامنية الاسرائيلية في اجتثاثها او القضاء عليها.
رابعا: تقبل كافة اطياف الطيف الفلسطيني لفكرة استمرار الانتفاضة والتأكيد على انها السبيل الوحيد لنيل الحقوق ولإيقاف نزيف الدم الفلسطيني .
وختم المركز إن زيارة كيري ستمضي، لكن الخشية أن تؤثر الضغوط على السلطة الفلسطينية، في قبول التسويات الاقتصادية على حساب جوهرية القضة في هذه المرحلة.
وسوم: العدد 643