لمن يوجه الخطاب
¤ كثير من القضايا التي يُبذل فيها مجهود كبير ونقاشات لأيام طوال، بل تستغرق منا سنين طويلة من المناظرات، ينهيها سؤال عملي واحد.
¤ مثال ذلك قضية التدرج في تطبيق الشريعة، وجواز الحكم بغير ما أنزل الله، وهل حكم يوسف بغير شرع الله؟ وهل أقرّ رسول الله النجاشي على حكم بلاده بأنظمة الكفر؟ وهل يجوز الأخذ بالديمقراطية والمشاركة في الحكومات العلمانية التي تفصل الدين عن الحياة؟ وهل يجوز أن نتشارك مع الكفار في المجالس التشريعية؟ وأن نكون مع غير المسلمين والملاحدة في صياغة الدساتير الوضعية التوافقية؟ ثم نسوق الأدلة الشرعية والعقلية ونضع التبريرات والأعذار، ونخوض النقاشات الطويلة، وفي كثير من الأحيان تكون مناكفات ومجادلات عقيمة.
¤ كل ذلك ينهيه سؤال واحد ألا وهو:
● كل تلك التبريرات والأعذار التي نسوقها لمن نوجهها؟
هذا الخطاب لمن نوجهه لنقنعة بما نقوم به؟
■والجواب سيضعنا أمام احتمالات:
١. أن يكون التبرير عذرنا عند الله:
إن كان الأمر كذلك فإن الله لا يرضيه إلا أن نأتمر بأمره وننتهي بنهيه ولن يخادعه أحد، ولا أظن أن هذا الهدف هو غاية أصحاب الرأي من النقاش، إنما هدفهم إقناع المعترضين عليهم بصحة ما يفعلون.
٢. أن يكون التبرير موجها لخصوم الإسلام:
إن كان الأمر كذلك فإن خصوم الإسلام ليسوا أغبياء ولا مغفلين حتى يقبلوا بالتدرج للوصول إلى الحكم بالإسلام لا على المدى القريب ولا البعيد ولا إلى قيام الساعة، فلن يخدعوهم، فالإسلام عدو وجودي للكفر، ومن الغباء أن يقال لهم نحن نخدعكم وسنطبق الإسلام مستقبلا، فهذا الخطاب ليس موجها لأعداء الإسلام لأنهم لن يقبلوا به دفعة واحدة ولا بالتدرج.
٣. أن يكون الخطاب موجها للناس الذين وثقوا بالجماعات الإسلامية وأوصلوها إلى سدة الحكم ليطبقوا عليهم الإسلام، وعندما لم ير الناس إسلاما، ولم تتبدل سياسات ولا تشريعات، وليس هذا فحسب بل رأوا تحالفات ومخالفات تسخط الله، فكان لا بد من سوق التبريرات، وتلفيق الإجابات لتسكين العامة وإيهامهم بأن ما يقومون به مشروع وأن الإسلام قادم.
● هؤلاء هم المستهدفون من الخطاب، فإذا كان الأمر كذلك:
※ فلا تتهموا الناس بأنهم لا يقبلون الإسلام جملة وأنتم تتدرجون معهم.
※ لا تتهموا الناس بأنهم سيرفضون أحكام الشرع لقسوتها فنخلطها بالكفر تخفيفا عليهم.
※ لا تتهموا الناس بالفساد وأنتم تنتظرون صلاحهم لتحكموا بالإسلام.
※ لا تجلدوا ظهور الناس وتجعلونهم العقبة في وجه التغيير بالإسلام.
■ أيها المتدرجون المفرطون في دينكم، أيها المدافعون عن المتدرجين:
عيب الناس هو أنتم، ومشكلة الأمة هي أنتم، فأنتم تحملون هم جماعاتكم، فالقضية عندكم وصول جماعتكم للحكم وكم حصتها فيه، وليس وصول الإسلام إلى الحكم، فأنتم لا تحملون قضية إسلامكم وأمتكم بل تحملون قضية جماعتكم.
※ فبماذا يعني الأمة أن تصلوا إلى الحكم بغير الإسلام؟
※ بماذا يعني الأمة أن تكون لكم وزارة أو أكثر يطبق فيها الشيخ عليهم ما يطبقه الفاجر؟
※ أرِباكم حلال وربا غيركم حرام؟
※ السياحة والتعري على الشواطئ في حكمكم حلال وسياحة غيركم حرام؟
※ أمعاهداتكم مع يهود حلال ومعاهدات غيركم حرام؟
※ الخمر في حكمكم قانوني وفي حكم غيركم غير قانوني؟
التساؤلات تضيق بها الكتب!
● كفى جلدا لأمة وصفها ربها بخير أمة أخرجت للناس، أمة جعلها الله أمة عدل شاهدة وقوامة على البشرية.
{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}
صدق الله وكذبتم، صدق الله وكذبتم، صدق الله وكذبتم.
أيها المسلمون:
الأمر بيّن لا لبس فيه:
※ هذا قول الله وذاك قولهم، هذا سبيل الله وذاك سبيلهم.
※ فلا تتبعوا سبيل الشيطان إنه لكم عدو مبين.
وسوم: العدد 644