في ذكرى مولد الرسول ص ... بدعة اخطر من بدعة
المولد : صاحبه لم يغب قط.
سنة بعد سنة، منذ ثلاث أو أربع سنوات،
وأنا أضع منشوراً واحداً عن مولده عليه الصلاة والسلام، هذا هو نصه:
(عندما ولد عليه الصلاة والسلام..
لم يحدث شيء استثنائي قط
لم يحدث شيء مما قيل لنا على المنابر وحشوا رؤوسنا به.
لم يولد عليه الصلاة والسلام مختوناً.
لم تنطفئ نار المجوس.
لم ينشق إيوان كسرى ولم تسقط أربع عشرة شرفة منه.
لم تجف بحيرة ساوة.
ولم تنتكس الأصنام في مكة.
كل ما قيل لنا، عبر الأجيال، وما تناثر في قصائد المديح التي تقال في المناسبات، وتسلل إلى وعينا حتى صار من بديهيات (المناسبة)، كله لا يستند إلى دليل شرعي صحيح، واستند إلى أحاديث موضوعة أو لا أصل لها أو ضعيفة في أحسن أحوالها..
كلها تسللت إلى وعينا الجمعي في مطلع عصور التدهور، عندما بدأ المسلمون يفقدون (وعيهم) بالمكانة الحقيقية لنبيهم الكريم، خاتم النبيين وصاحب المعجزة الوحيدة المستمرة، المعجزة الوحيدة التي اعتمدت على (إعمال) العقل، بدلا من (إعجازه) كما حدث في المعجزات السابقة..
عندما بدأ المسلمون يفقدون استشعارهم لاستمرار هذه المعجزة، بدؤوا يبحثون عن (معجزات) أخرى.. بدؤوا يأخذون من الأمم الأخرى والديانات السابقة مبالغاتهم وغلوهم تجاه أنبيائهم..
وكان أن تسربت كل تلك الخرافات المحيطة بمولد النبي الكريم، البعض منشغل بالبحث عن كون الاحتفال بدعة أو غير ذلك ، لكن هناك بدعة أخطر من الاحتفال ، هي (بدعة) الرؤية السائدة التي تخرج الرسول الكريم عن أعظم ما فيه: عن كونه قد فعل كل ما فعل بجهد بشري استحق التأييد الإلهي.. عن كونه (القدوة) التي يمكنك أن تقتدي بها، لا الرجل الخارق الذي لن تفكر أصلا بتقليده..
لم تنطفئ نار المجوس بمولده عليه الصلاة والسلام..
ولم ينشق إيوان كسرى.
ولا حتى انتكست الأصنام..
كل ذلك حدث فعلاً، لاحقاً، وأدت له سيرة حياته الكريمة المليئة بالجهد والعمل والفعل..
نعم، لقد أطفئت نار المجوس..
وشق إيوان كسرى..
وانتكست الأصنام على يديه
لكن ذلك لم يحدث قط بمولده
بل عبر حياته كلها.. بمجملها
حياته التي علينا أن نتبع خطواتها..
خطواته التي تقول لنا:
قوموا من خرافاتكم إلى نهضتكم، يرحمكم الله)..
وسوم: العدد 648