في ذكرى سرقة د. عباس علي مسلسل علي الوردي منّا
في عام 2013 ، عُرض مسلسل علي الوردي على شاشة التلفاز ، كان مسلسلاً نزفنا عرقا وصحة واحترقت أعصابنا لنؤلفه (أنا والأخ الأستاذ سلام الشماع) عبر عمل متواصل ومهلك . وإذا بنا نفاجأ بوضع اسم المدعو الدكتور عباس علي على المسلسل كمؤلف له !! في سرقة عجيبة تنم عن جسارة مخيفة لأن الكاتبين مازالا حيين فكيف إذا ماتا ؟!!
لقد كتبت هذا المسلسل – بفكرة ووثائق الأستاذ سلام الشماع - بأربعين حلقة عن الراحل الكبير الأمر الذي اضطرني إلى العودة إلى قراءة مؤلفاته ومقالاته ( أكثر من 4000 أربع آلاف صفحة ) رافقتها قراءة مصادر عن تأريخ العراق خلال الثمانين عاما العاصفة الأخيرة التي عاشها الوردي راصدا ومحللا وناقدا ومشاركا في أحداثها (أكثر من 6000 ست آلاف صفحة ) مستندا إلى البحث التفصيلي في حياة الوردي منذ ولادته حتى وفاته المأساوية مهملا بسرطان البروستات المتقدم في 13/تموز/1995 ، الأمر الذي جعلني قادرا على الإحاطة بحياة وبالمنجزات الفكرية الفريدة التي قام بها هذا العالم الخطير ؛ فولتير العرب ، الذي وصفه المؤرخ والمستشرق الفرنسي الشهير (جاك بيرك) في كتابه (العرب – تاريخ ومستقبل ) بقوله :
(( الوردي كاتب يحلّق إلى العالمية بأسلوبه الذي يضرب على الأوتار الحساسة في المجتمع ، مثل فولتير )) .
كتبنا المسلسل في دمشق، ولم تكن لدينا كمبيوترات أو خدمات إنترنت، ومن الصعب أن نحمل عشرات المصادر ونذهب إلى أقرب مكتب إنترنت لكتابة الحلقة . كنتُ أبدأ بالكتابة على ورق مسودات يدبره سلام من الساعة الخامسة مساء حتى الساعة الثامنة من صباح اليوم التالي ، وحين تكمل كتابة الحلقة أتصل بالأخ سلام ليأتي ويأخذها ويذهب بها إلى حي السيّدة زينب حيث يعمل الصديق الشاعر محمد البغدادي، ويبدأ سلام بقراءة الحلقة باللغة العامية العراقية ومحمد يطبع .. وحين يكملان الحلقة يرسلانها فورا إلى الأستاذ المخرج فلاح زكي في الولايات المتحدة عبر الإيميل الذي يبدأ بمراجعتها ووضع السيناريو لها وتثبيت ملاحظاته المهمة النابعة من خبرته .
أنام في التاسعة حتى العصر ثم أستيقظ وأبدأ بالكتابة من جديد حتى صباح اليوم التالي .. وهكذا .. اشتغلنا ليل نهار لأكثر من أربعين يوما تحطمت صحتنا بعدها .
لم يترك سلام شخصية عاصرت الوردي لم يتصل بها في الداخل والخارج مع ما يعنيه الاتصال الهاتفي المطول بالخارج من تكاليف ..
ثم جاء المدعو الدكتور عباس علي ليسرق المسلسل كاملا ويضع اسمه عليه .
المسلسل موجود على التلفاز .. وهو موجود كحلقات لدينا .. ونحن – سلام وأنا - على استعداد لتزويد أي كاتب أو ناقد أو مخرج أو ممثل أو قارىء بالحلقات كاملة ليقارنها بالمسلسل ويكتشف بنفسه : هل أضاف عباس علي شيئا من عنده ؟؟ وما هو ؟؟
كلما حاولت نسيان هذه الجريمة يتقطع قلبي وأختنق .. يا إلهي سُرق المسلسل منا ونحن أحياء فكيف إذا كنّأ ميتين ؟! هل هناك صلافة ووقاحة وجسارة أكبر من هذه ؟؟
أنا لا أستطيع النسيان ، وأعاهد ربي ونفسي وأصدقائي وعائلتي وقرّائي وزملائي على التذكير بسرقة عباس علي لمسلسل علي الوردي منّا كل عام بإذن الله لكي يعرف أولاده ما الذي فعله أبوهم ، ويعرف طلّابه إذا كان تدريسيا ما الذي فعله استاذهم القدوة . والله على ما أقول شهيد .
وسوم: العدد 656