الأسرى فخرنا ونحن عارهم
جميل السلحوت
جاء في أنساب الأشراف "حدثني محمد بن سعد عن الواقدي عن عاصم بن عمر عن محمد بن عمرو عن يحيى بن عبد الرحمن عن حاطب عن أبيه عن عمر أنه قال: لو ماتت سخلة على شاطئ الفرات ضياعاً لخشيت أن يسألني الله عنها."
من يشاهد الفضائيات العربية سيدهش من كثرة الأخبار عن القائد الملهم الباني، حامي الحمى وصاحب المكارم التي لا تعد ولا تحصى، حتى يخيّل للمشاهد أنّنا أكثر الشعوب تقدّما في مختلف المجالات، ولا يكلّف أحد نفسه بالاطلاع على نسبة الفقر، وتدني المستويات التعليمية والرعاية الصحية وغيرها في بلداننا.
ويتغنى القادة بمقولة"أنّ الانسان أغلى ما نملك" وفي فلسطين يخوض عشرات الأسرى المعتقلون اداريا بدون توجيه أيّ تهمة لهم، اضرابا مفتوحا عن الطعام منذ أكثر من خمسين يوما، مطالبين بحقهم في الحرية كبقية خلق الله، ويتعرضون لمعاملة قاسية جدا تهدّد حقّهم بالحياة، وتنتهك كرامتهم الانسانيّة، ومع ذلك فان سلطات الاحتلال لا تعبأ بحياتهم، ولم تستجب لطلبهم العادل بالحرّيّة، خصوصا وأنّه لا يوجد ضدّهم أيّ تهمة، وهذا يعني أنّهم معتقلون بناء على الشّكّ بنواياهم المعادية للاحتلال، وكأنّه مطلوب من الانسان الفلسطيني أن يسبّح بحمد محتلّ وطنه ومنتهك كرامته الانسانيّة!
وإذا كان الأسرى لا يملكون خيارا للدفاع عن حقوقهم الانسانيّة غير الاضراب عن الطعام، فإنّهم خاضوا معركة الأمعاء الخاوية، بالرّغم من الأضرار الصّحيّة التي تلحق بهم، ومستعدّين لتقديم أرواحهم ثمنا لحرّيتهم، لكنّ المريب هو اللامبالاة التي تقفها منظمات حقوق الانسان تجاه عشرات الأسرى الذين تذوب أجسامهم تحت وطأة الجوع كما الشموع المشتعلة. واسرائيل التي اعتادت على إدارة ظهرها للقانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية ولاتفاقات جنيف الرابعة بخصوص الأراضي التي تقع تحت الاحتلال العسكري، لم تعبأ بنداء الأمين العام للأمم المتحدة بخصوص الأسرى المضربين عن الطعام، يساعدها هذا الصمت العربي الرسميّ، واذا كان الانسان هو أغلى ما نملك حقا، فما تفسير هذا الصّمت؟ أم أن القيادات العربية لم تصلها أخبار الاضراب؟ ومن حق الانسان الفلسطيني أن يتساءل أكثر من هذا، خصوصا وأن الشعب الفلسطيني جزء لا يتجزأ من الأمّة العربيّة، وألا تستحق أرواح أسرانا المهدّدة حقا بطلب اجتماع عاجل لمجلس الأمن الدّوليّ لاتخاذ قرار يلزم اسرائيل بالافراج عن الأسرى المعتقلين اداريا على الأقلّ؟ وإذا ما سقط بعض الأسرى المضربين عن الطّعام شهداء فما هي مسؤولية القادة الصّامتين، والذين لم يحركوا ساكنا لحماية حياة الأسرى؟ وهل يخافون الله إن لم يخافوا من شعوبهم، اقتداء بخوف عمر رضي الله من موت سخلة ضياعا على ضفاف نهر الفرات؟