كيف ستستفيد إسرائيل من إعادة تيران وصنافير إلى السعودية ؟
لإسرائيل دائما قرص في كل عرس . حتى ما يبدو في ظاهره مصيبة لها تحوله إلى مكسب . وأكثر أقراصها طبعا في المنطقة العربية وعلى حساب العرب وأولهم الفلسطينيون . هذه متوالية قلما تخيب . وفي زوبعة جزيرتي تيران وصنافير التي تفجرت الجمعة الماضية بعد الإعلان عن الاتفاق المصري _ السعودي على إعادتهما إلى السيادة السعودية ، وعلى مألوف العرب في كل أحوالهم ، ثارت بلبلة واسعة محورها حقيقة ملكية الجزيرتين : للسعودية أم لمصر ؟ فإذا كانت للسعودية ، كيف صارت لمصر ؟ وإذا كانت لمصر ، لماذا تتنازل عنها للسعودية ؟ وتردد ذكر إسرائيل في البلبلة ، وغضب مصريون من مختلف المستويات والاتجاهات على النظام المصري متهمين له بالتفريط في أرض مصرية . ويوم الاثنين قدمت الحكومة المصرية 9 مستندات تؤكد سعودية الجزيرتين ، ومستبعد أن تقنع المستندات حاليا الغاضبين المصريين . المعروف دائما أن الجزيرتين سعوديتان ، وأن مصر استعارتهما من السعودية في 1950لمواجهة إسرائيل بعد أن استولت الأخيرة في 9 مارس / آذار 1949على قرية أم الرشراش المصرية بحجة أنها كانت في القديم مملوكة لقبيلة إيلة اليهودية التي تذكر بعض كتب تفسير القرآن أنها هي التي غضب الله _ سبحانه _ عليها حين عصته بصيد السمك في السبت ، فأهلكها بعد ثلاثة أيام من معصيتها. وكما هو معروف ، حولت إسرائيل القرية إلى ميناء إيلات ليكون منفذا لها إلى آسيا وأفريقيا . في النهاية ستهدأ زوبعة الجزيرتين في الجانب الشعبي المصري خاصة بعد تزايد اتضاح ملكية السعودية لهما . المشكلة ستكون في القرص الإسرائيلي الذي سيكبر مع الأيام . وزارة الخارجية الإسرائيلية كشفت أنها ستدرس المسألة قضائيا ، وهو موقف تمويهي ؛ فالمحسوم أن إسرائيل كانت على اطلاع على مقدمات ومجريات الاتفاق ، ومصر نفسها أعلنت أنها أطلعتها عليه ، وبالطبع تابعت أميركا ودول كبرى أخرى خطواته . إسرائيل تعرف كل حرف في الجانب القضائي للاتفاق ، ومن البداية ركزت على استفادتها منه ؛ فما وجوه هذه الاستفادة ؟
أولا : ستنتقل التزامات مصر في كامب ديفيد في ما يتعلق بالجزيرتين إلى السعودية ، وتصبح التزاما سعوديا تجاه إسرائيل ، وفعلا أعلنت الرياض التزامها بالاتفاق . ويصنف الاتفاق الجزيرتين تحت البند (ج) الذي يمنع أي تواجد عسكري مصري فيهما ، وهو ما سينسحب على الوجود العسكري السعودي ، وفوق ذلك ، سيكون الالتزام أول اتفاق سعودي _ إسرائيلي رسمي ، ولا ينقص من رسميته أنه تم بصورة غير مباشرة ، ولا نستبعد أن يتحول مباشرا . ويمكن تخيل كيف ستتخذه إسرائيل سلما لاتفاقات أخرى نظن الجانب السعودي راغبا فيها .
ثانيا : لن ينفذ مشروع جسر الملك سلمان بين السعودية ومصر إلا بموافقة إسرائيل لمروره عبر الجزيرتين ، وستأخذ ثمن موافقتها إضافة فوق دلالتها القانونية والسيادية .
ثالثا : يفتح اتفاق الجزيرتين احتمالا تحدث عنه الدكتور عاصم الدسوقي أستاذ التاريخ الحديث ، وهو استعانة السعودية بإسرائيل في حروبها الإقليمية خاصة ضد إيران والحوثيين بعد أن صار بين الدولتين تواصل جغرافي .
بدأنا بالإشارة إلى وجود قرص في كل عرس لإسرائيل ، والمنطقي أن نحدد السبب الذي لا يمكن حصره في عبقرية خاصة بها . العرب أكبر من يهبها هذه الميزة بتخاذل فريق منهم في التصدي لأطماعها وعدوانها ، وتحالف فريق منهم معها .
وسوم: العدد 663