موسوعة جرائم الولايات المتحدة الأمريكية 70
كيف كان الأمريكان والبريطانيون يفجّرون السيارات المفخخة في العراق ليحصدوا أرواح المدنيين ويشعلوا الحرب الطائفية؟ حادثة الإرهاب البريطاني في البصرة نموذجا.
(الإرهابيون في العراق هم من القوات الخاصة البريطانية : حادثة الإرهاب البريطاني في البصرة - الجيش البريطاني يهجم لإنقاذ الإرهابيين - وقفة : ويلز يتنبأ عام 1933: النظام العالمي الجديد سيبدأ من شرارة البصرة !!- عودة : لا قاعدة في العراق إلى أن جاء الغزو الأمريكي البريطاني - المحقّق البريطاني في البصرة يموت في ظروف غامضة - التصريحات البريطانية بشأن "عملية الإنقاذ" - هل كان الجيش البريطاني يعرقل تحقيقات الشرطة العسكرية برئاسة العقيد ماستر؟ - القوات الأمريكية والبريطانية وعمليات "الراية المزيّفة" - دلائل على قيام القوات الأمريكية والبريطانية بتفجير السيارات المفخّخة - فضيحة أمريكية إرهابية في نيكاراغوا - تبريرات واهية للإرهاب البريطاني في البصرة - الإرهاب الأمريكي : عمليّة في حي الغزالية - القوات الخاصة البريطانية تأريخ دنىء من العمليات الإرهابية - إضافة وتوصية - مصادر هذه الحلقة – مصادر حلقات اختراع الولايات المتحدة للإرهاب العالمي - ملاحظة عن هذه الحلقات)
الإرهابيون في العراق هم من القوات الخاصة البريطانية :
حادثة الإرهاب البريطاني في البصرة
________________________________________
في يوم الأحد 19 سبتمبر أيلول 2005 نقلت وكالة أسوشيتدبرس خبراً مفاده أنه تم القبض على مجموعة من جنود القوات الخاصة البريطانية في البصرة هذا الأسبوع تعمل سرّاً للتظاهر بأنها من المتمرّدين. كان الجنود البريطانيون يقودون سيارة بأرقام عراقية من نوع كريسيدا ويتنكرون بالملابس العربية ويحملون أسلحة ومتفجرات . وقد قاموا بإطلاق النار على المواطنين المدنيين العراقيين وقتلوا بعضاً منهم . بعدها قام رجال الشرطة العراقيون الذين كانوا يمشّطون المنطقة بحثاً عن "الإرهابيين" بإلقاء القبض على اثنين من هؤلاء الجنود البريطانيين المتنكرين وهرب الباقون.
من الواضح، أنه لو لم يتم إلقاء القبض على هؤلاء المجرمين البريطانيين وحصلت التفجيرات، فإن وسائل الإعلام سوف تعلن عن الحادثة بأنها مجرد محاولة أخرى من جانب الأشرار "الإرهابيين" لخلق حرب أهلية في العراق في حين أن الجناة هم من القوات الخاصة البريطانية.
كان هناك عدد من حوادث التفجيرات قد حصلت في هذه المنطقة وفي جميع أنحاء العراق استهدفت رجال الشرطة والمدنيين الذين قتلوا من قبل "الإرهابيين" أو "المتمردين". ولكن هذه هي المرة الأولى التي لا يكون فيها أيٌّ من هؤلاء "المسؤولين" في حالة التلبس، وأنه من الواضح الآن أنه على الأقل بعضاً من هؤلاء يعملون بشكل مباشر لقوات الاحتلال، التي كان العراقيون يشتبهون بها كثيراً كسبب لعمليات التفجير "الإرهابية".
وبمجرّد ظهور الأخبار حول هذا الحادث، انفجر السكان المدنيون في البصرة بالغضب. على الرغم من أن العديد من الناس يشتبهون بأن قوات التحالف كانت تتنكر بملابس عربية لاطلاق النار وقتل الناس، وبالتالي تحريك البلاد الى شفا حرب أهلية، إلّا أنه لا شيء ثبت على هذه الشبهات في أي وقت مضى حتى الآن. وبسبب الغضب العارم بين السكان المدنيين في البصرة، هبّ الجيش البريطاني بشكل سريع وحاسم لنجدة رجال القوات الخاصة المعتقلين من رجال الشرطة العراقيين.
الجيش البريطاني يهجم لإنقاذ الإرهابيين
______________________
وحسب الصحفي الكندي "ثوماس واغنر" قامت القوات البريطانية (عددها الكلي 8500 جندي بريطاني في البصرة) بهجوم مسلح مساءً هدمت فيه جدار السجن بالدبابات وأطلقت سراح الجنديين المتهمين . وقد قام المواطنون الغاضبون – وهم يشاهدون كيف تهجم الدبابات البريطانية على السجن لهدمه وإخراج الجنديين المتهمين – بمهاجمة القوات البريطانية بالحجارة والطابوق وقناني النفط الحارقة فأحرقوا إحدى الدبابات التي قفز منها الجنود البريطانيون. عرض التلفزيون البريطاني صور الدبابة البريطانية المحترقة ونشرتها الصحف البريطانية ايضاً (راجع الصورة رقم 1) .
الصورة رقم (1) الدبابة البريطانية التي هدمت جدار السجن لإطلاق سراح الإرهابيين البريطانيين وأحرقها أبناء البصرة الأبطال
صارت مدينة البصرة تغلي بعد انكشاف حقيقة أن العمليات التفجيرية بالسيارات المفخخة وعمليات القصف والقنص التي كانت تسفك دماء أبناء المدينة لسنوات طويلة وتُتهم بها حركة المقاومة العراقية ثبت أنها من صنع البريطانيين المجرمين لإشعال الحرب الأهلية الطائفية وإدامة حريقها. بسبب غليان الناس انسحبت القوات البريطانية في البصرة إلى ضواحي المدينة.
في عدة مناسبات، حذّرت الكثير من المواقع وفي مقدمتها موقع Cutting Edge، من أن القوات الخاصة الأمريكية والبريطانية كانت مسؤولة عن بعض من "العنف الداخلي" في العراق. بعض من قناصة القوات الخاصة الأمريكية والبريطانية كانوا يقتلون المدنيين في الواقع حتى يمكن إلقاء اللوم على المتمردين. ومع ذلك، فإن هذا الحادث هو الأول الذي كشف الجنود البريطانيين الذين القي القبض عليهم وهم منشغلون بتنفيذ العمليات القذرة ضد الشعب العراقي.
وحسب وكالة أسوشيتدبرس فإن من المفترض بالحكومة العراقية أن لا تطلب اعتذاراً من الحكومة العراقية فقط بل من حكومة الولايات المتحدة أيضاً لنفس الشيء، لأننا شهدنا العديد من التقارير على أن القوات الأمريكية كانت تنفّذ هذا النوع الكلاسيكي من العمليات المثيرة للنقمة على الحكومة.
وقفة : ويلز يتنبأ عام 1933: النظام العالمي الجديد سيبدأ من شرارة البصرة !!
______________________________________________
مع الغضب العارم لسكان البصرة، هل حان الوقت لأن نتذكر الرؤية الشيطانية لـ "ح. ج. ويلز" في عام 1933، حين حاول إخبارنا عن الشرارة التي ستشعل الحريق الذي سيُعرف باسم الحرب العالمية الثالثة؟ لنستمع إليه بعناية:
"في عام 1933، كتب ويلز كتاباً بعنوان" شكل الأمور في المستقبل The Shape of Things To Come". في هذا الكتاب، كشف ويلز عن جزء من خطة عصبة المتنورين لبدء الحرب العالمية الثالثة التي من شأنها أن تعلن الدخول إلى "الدولة العالمية الحديثة" التي سيحكمها "المسيح - المسيح الدجال". لنستمع بعناية إلى هذا الجزء من الخطة، لأننا قد نرى ذلك يظهر مستقبلاً في أخبارنا اليومية:
".. إن مخطط تحقيق "الدولة العالمية الحديثة" سوف ينجح في المحاولة الثالثة (الحرب العالمية الثالثة) والتي سوف تنشب من شيء يمكن أن يحدث في البصرة، بالعراق" .
المصدر :
The Globalists: The Power Elite Exposed", by Dr. Dennis Cuddy, p. 50.
عودة : لا قاعدة في العراق إلى أن جاء الغزو الأمريكي البريطاني
_____________________________________
ومن الجدير بالذكر، أنه قبل أيام قليلة، وفي بيان لم تنقله - كالعادة - وسائل إعلام الشركات الغربية، صرح مسؤول عسكري إيراني رفيع المستوى أن عدم الإستقرار الأمني في العراق يرتبط على وجه التحديد بوكلاء الولايات المتحدة وحلفائها، وقال : "لدينا معلومات تفيد بأن انعدام الأمن له جذوره في أنشطة لجواسيس لأمريكا ولإسرائيل ".
ودائما يُلقى باللوم في أعمال عنف ما بعد الحرب في العراق على "المتطرفين الإسلاميين" أو "الفصائل العراقية المتنافسة". في تاريخ البلاد، لا شيء من هذا القبيل حدث في أي وقت مضى. بدأت المشاكل على وجه التحديد عندما غزت الولايات المتحدة وبريطانيا البلاد واحتلتها.
لقد اعتقلت الشرطة العراقية الجنود البريطانيين ووضعتهم في السجن. ولكن للأسف لم تكن لدى الشرطة أي فرصة للتحقيق معهم ومعرفة ما كانوا يفعلونه بالضبط، لأن في غضون دقائق قامت القوات البريطانية بأرسال عشر دبابات ووحدة من القوات الخاصة البريطانية لتهديم السجن وإطلاق سراح الإرهابيين البريطانيين وكذلك المجرمين الذين كانوا محتجزين فيه.
ومن المعروف تاريخيا أن الولايات المتحدة وبريطانيا لا تترددان في استخدام العنف والإرهاب لتحقيق أهدافهما، ومهما كانت العواقب.
كان التفسير الرسمي البريطاني لكسر السجن غير القانوني أنه يُعتقد أن من الممكن أن تقوم عصابات عراقية مسلحة بخطف الجنود البريطانيين المُعتقلين وتنقلهم إلى جهات مجهولة. طبعاً هذا هراء صارخ (بالعراقي خريط)، بطبيعة الحال، لأن السجن كلّه كان محاصراً بالكامل من قبل الدبابات والقوات البريطانية. ومع وجود القوة الكاملة للجيش البريطاني في متناول اليد، تم انقاذ الجنود البريطانيين الارهابيين بسرعة وسهولة.
ومع ظهور المزيد من التفاصيل عن العملية، بدأت وسائل الإعلام الغربية وبشكل متزايد بعرض تقارير متضاربة حول طبيعة وتسلسل الأحداث، واستشهدت بمصادر بريطانية رسمية في تعميم التغطية الإخبارية بطريقة تدل على ممارسة التضليل الكلاسيكي.
المحقّق البريطاني في البصرة يموت في ظروف غامضة
________________________________
العقيد كين ماستر، كبير محققي الشرطة البريطانية في البصرة توفي في ظروف غامضة. لم يُذكر سبب الوفاة. ووفقا للمتحدث باسم وزارة الدفاع البريطانية، كانت وفاته غير مرتبطة "بعمل عدائي" ولا بأسباب طبيعية !!.
كان كين ماستر قائد فرع التحقيقات الخاصة في الشرطة العسكرية الملكية. وكان "مسؤولا عن التحقيق في كل الحوادث الخطيرة في مسرح العمليات، بالإضافة إلى التحقيقات التي أجرتها عناصر واجبات الشرطة العامة لفريق التحقيق في مسرح العمليات." (بيان من وزارة الدفاع البريطانية، 16 أكتوبر 2005).
وبهذه الصفة، كان العقيد ماستر مسؤولاً عن التحقيق في ملابسات اعتقال اثنين من جنود قوات الخدمة السرّية البريطانية ، الذين كانوا متنكرين بالملابس العربية، من قبل الشرطة العراقية في البصرة في 19 أيلول الماضي (لندن تايمز- 17 أكتوبر 2005) . (راجع الصورة رقم 2).
الصورة رقم (2) : الجنديان البريطانيان الإرهابيان لدى اعتقالهما في سجن بالبصرة
"رفضت وزارة الدفاع الكشف عن تفاصيل حول عمل ماستر، ولكن يُعتقد أنه قائم بالتحقيق في الانقاذ المثير للجدل لاثنين من جنود القوات الخاصة البريطانية من سجن في البصرة." (صحيفة ديلي ميل، 16 أكتوبر 2005)
وكان "الجنود" البريطانيون، يقودون سيارة محملة بالأسلحة والذخيرة، ثم في وقت لاحق تم "انقاذ" اثنين منهم اعتقلا من قبل الشرطة العراقية من قبل القوات البريطانية، في هجوم عسكري كبير على مبنى السجن الذي كانوا محتجزين فيه.
"استخدمت القوات البريطانية قوة من 10 دبابات مدعومة بالمروحيات لتهديم جدران السجن واطلاق سراح اثنين من الجنود البريطانيين".
وأشارت تقارير عدة في وسائل الاعلام وشهود العيان بأن الجنود البريطانيين كانوا يتنكرون بالملابس العربية ، وكانوا يخططون لتفجير القنابل في ساحة رئيسية في البصرة خلال مناسبة دينية كبيرة.
في 14 أكتوبر تشرين الثاني، اعتذرت بريطانيا رسميا إلى العراق، وأكدت أنها "ستدفع التعويض عن الإصابات والأضرار التي حصلت في أثناء اقتحام قوات الجيش البريطاني لمركز للشرطة في البصرة في عملية إطلاق سراح جنديين بريطانيين معتقلين متهمين بالإرهاب" (الاسكتلندي، 15 أكتوبر 2005).
في هذه الغارة البريطانية على سجن البصرة، قُتل 7 عراقيين وأصيب 43 آخرون . (التايمز، مرجع سبق ذكره)
"تعويضات أسر الضحايا العراقيين الذين لقوا حتفهم في أثناء الهجوم البريطاني يعتمد على التحقيق الرسمي الذي يقوم به العقيد ماستر وفريقه." (المرجع نفسه).
توفي العقيد "كين ماستر" في البصرة في 15 أكتوبر تشرين الأول. ووفقا لوزارة الدفاع فإن "ظروف [وفاته] لا تعتبر مشبوهة".
"إن التقارير تشير إلى أن ماستر ربما كان يعاني من" الإجهاد "، الذي يمكن أن يكون قد دفع به إلى الانتحار. على حد قول محلل وزارة الدفاع الذي نقلته هيئة الاذاعة البريطانية :
"كان العقيد ماستر جزءاً أساسياً من جماعة صغيرة وأن وظيفته كانت مرهقة جدا. كان عمله شاقاً إلى حدّ بعيد ... وأعتقد، أنه حصل إجهاد كبير" (بي بي سي، 16 أكتوبر 2005).
صحيفة الديلي ميل (17 أكتوبر 2005)، رفضت فرضية الانتحار وقالت : "لا يُعرف سوى القليل عن حياته الخاصة، ويُقال أن من غير المرجح أن ضغوط العمل قد أدت به إلى الانتحار".
التصريحات البريطانية بشأن "عملية الإنقاذ"
________________________
بدأ هجوم يوم 19 سبتمبر أيلول "لإنقاذ" الجنديين البريطانيين تحت قيادة العميد "جون لوريمر". وفي بيان، قال لوريمر إن الهدف من الغارة هو ضمان سلامة الجنديين:
"... كان لدي سبب وجيه للاعتقاد بأن حياة الجنديين في خطر، وأرسلت قوات إلى منطقة البصرة بالقرب من مركز الشرطة للمساعدة على ضمان سلامتهم". ... "ولكن، في وقت لاحق من نفس اليوم، أصبحت أكثر قلقا حول سلامة الجنديين بعد تلقينا معلومات تشير إلى أنه قد تم تسليمهما إلى عناصر الميليشيا. ونتيجة لذلك أخذت القرار الصعب من أجل الدخول إلى مركز الشرطة. قبل اتخاذ هذا الإجراء كنا قادرين على التأكد من أن الجنود لم تعد تحتجزهم الشرطة الاتحادية. والعملية شُنّت لإنقاذهما من منزل في البصرة ". (نيويورك تايمز، 20 أكتوبر 2005 )
ومن المفارقات، أن تصريح العميد لوريمر قد تم تكذيبه من قبل الحكومة العراقية المؤقتة التي نصبتها الولايات المتحدة.
في إعلان لاحق، قال لوريمر ان الشرطة في البصرة كانوا متورطين بالإرهاب، ويجري دعمهم من قبل إيران (لاحقاً تم رفض هذا الارتباط المزعوم بإيران من قبل مسؤولي وزارة الدفاع البريطانية).
وقال لوريمر أيضا إن الجنديين البريطانيين المعتقلين قد كُلّفا بالتحقيق في حالات التعذيب وسوء المعاملة داخل السجن: "الرجلان تم اعطاؤهما مهمة محاولة تحديد الفريق الذي كان وراء سيطرة الإرهاب في السجن" (نقل التصريح في صحيفة ديلي التلغراف، 16 أكتوبر 2005). ووفقا للوريمر كان السجن "مكاناُ فاسدأ للغاية". (نفس المصدر السابق).
هل كان الجيش البريطاني يعرقل تحقيقات الشرطة العسكرية برئاسة العقيد ماستر؟
______________________________________________
هناك خلافات واضحة بين الضباط من القادة العسكريين البريطانيين ومسؤولي الشرطة العسكرية الذين أرسلوا إلى مسرح العمليات للتحقيق في تصرفات وسلوك الأفراد العسكريين. (الاندبندنت 17 أكتوبر 2005).
لقد حصلت ضغوط شديدة للتأثير على العقيد ماستر من قبل وزارة الدفاع، فقد قرّر الجيش البريطاني بقيادة العميد لوريمر:
"تخليص هؤلاء الرجال من أي خطر للاستجواب من قبل حلفاء يُفترض أن الحكومة البريطانية هي التي تدعمهم، حتى عندما تنطوي نجدتهم على تدمير أحد السجون العراقية، وإطلاق سراح عدد كبير من السجناء، وخوض معركة بنادق مع الشرطة العراقية ومع ميليشيا جيش المهدي، وخلق تعبئة شعبية كبيرة ضد قوات الاحتلال البريطاني. والسبب في ذلك هو أن كل الدلائل، تدعم الرأي القائل بأن هذه الحلقة البريطانية تتضمن شيئا كثيرا أكثر قتامة وأكثر خطورة من مجرد اشتعال الغضب بسبب تصرفات سيئة في نقطة التفتيش ".
كان لدى العقيد كين ماستر تفويض للتعاون في تحقيقاته، مع السلطات العراقية المدنية. وكجزء من صلاحياته كان يجب أن يقوم بالتحقيق "في مزاعم بأن جنودا بريطانيين قتلوا أو أساءوا معاملة المدنيين العراقيين". وعلى وجه التحديد في هذه الحالة، يتعلق التحقيق بملابسات الهجوم البريطاني على السجن يوم 19 سبتمبر أيلول. وتشير التقارير الصحفية والتصريحات الرسمية أن الهجوم على السجن كان بأمر من وزارة الدفاع البريطانية.
وكان الجنرال السير مايكل جاكسون، رئيس هيئة الأركان العامة البريطانية في البصرة قبل أيام قليلة من موت العقد ماستر ولابدّ أنه التقى مع كل من العميد لوريمر والعقيد ماستر. وقد أيّد جاكسون الهجوم البريطاني قائلاً :
"اسمحوا لي أن أوضح أنه كان من المهم جداً استرداد هذين الجنديين" (مدرج في صحيفة نيويورك تايمز، 12 أكتوبر 2005).
القوات الأمريكية والبريطانية وعمليات "الراية المزيّفة"
______________________________
لقد كتب الباحث "كيرت نيمو" مقالة عن عمليات "الراية المزيّفة" التي قامت بها القوات الخاصة البريطانية في شمال إيرلندا وأماكن أخرى ، وعن قيام دونالد رمسفيلد بتشكيل مجموعة العمايات الاستباقية P2OG, or Proactive Preemptive Operations Group ، التي ترتبط مباشرة بالاتهامات العراقية لقوات الاحتلال بالقيام بعمليات "الراية المزيّفة" (راجع خلاصة المقالة بعد قليل) .
هذه الاتهامات من قبل المسؤولين العراقيين هي صدى مطالبات ملحة لكنها غير مثبتة، تعود على الأقل إلى ربيع عام 2004، والتي مفادها أن العديد من التفجيرات الإرهابية التي نُفذت ضد أهداف مدنية في العراق قد تم ارتكابها بالفعل من قبل القوات الأمريكية والبريطانية بدلا من العراقيين المتمردين.
بعض هذه المطالبات يمكن إهمالها بسهولة. على سبيل المثال، في منتصف شهر مايو عام 2005، مجموعة تطلق على نفسها اسم "تنظيم القاعدة في العراق" اتهمت القوات الامريكية بتفجير السيارات المفخخة واتهام المتشددين زوراً وبهتانا".
كتب الصحفي الأمريكي "ظاهر جميل" في 20 أبريل 2004 أنه قد تردّدت أقوال بشكل واسع أن الموجة الأخيرة من تفجيرات السيارات الملغومة في بغداد هي من عمل الـ CIA:
"كلمة الشارع في بغداد هي أن تَوَقّف التفجيرات بالسيارات الملغومة هو دليل على أن وكالة المخابرات المركزية كانت وراءها. لماذا ا؟ لأنه كما يقول أحد الأشخاص، إن عملاء المخابرات المركزية الامريكية منشغلون جدا بالقتال الآن، والاضطرابات التي أرادوا إحداثها من هذه التفجيرات قد ارتدت عليهم الآن. وسواءً أكان ذلك صحيحاً أم لا، فإنه لا يبشر بالخير لصورة الاحتلال في العراق".
بعد ذلك بيومين، في 22 أبريل نيسان 2004، حسبما ذكرت وكالة فرانس برس حصلت خمسة تفجيرات بالسيارات الملغومة في البصرة: ثلاث هجمات شبه متزامنة خارج مراكز الشرطة في البصرة أسفرت عن مقتل ثمانية وستين شخصا، من بينهم عشرين طفلا، واثنان من التفجيرات التابعة. إلقي اللوم من قبل أنصار رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر على البريطانيين. وفي حين تظاهر ثمان مائة من أنصار الصدر خارج مكاتب الصدر، قال متحدث باسم الصدر أن لديهم "دليل على أن البريطانيين كانوا متورطين في هذه الهجمات".
كان العميد "نيك كارتر"، قائد الحامية البريطانية في البصرة، قد قال عبارة أكثر غموضا وهي "أن تنظيم القاعدة لم يكن بالضرورة المسؤول عن التفجيرات الخمسة، ولكن كل ما يمكننا أن نكون متأكدين منه هو أن هذا الشيء جاء من خارج العراق" . وقال كارتر "إن المسؤولين عن التفجيرات جاءوا من خارج البصرة ومن المحتمل جدا "من خارج العراق". العراقيون بالطبع يعتقدون نفس الشيء تماما إلا أنهم يعتقدون أن هؤلاء الغرباء هم عملاء ووكلاءالبريطانيين بدلا من الإسلاميين المجاهدين القادمين من الدول العربية الأخرى.
دلائل على قيام القوات الأمريكية والبريطانية بتفجير السيارات المفخّخة
_______________________________________
في مايو 2005 ذكرت "ريفربند"، وهو الإسم الوهمي لمحررة موقع "حرق بغداد" الواسع القراءة، أن ما تقوله الصحافة الدولية والتقارير عن التفجيرات الانتحارية هو في كثير من الأحيان "سيارات مفخخة إما يجري تفجيرها عن بعد أو بقنابل موقوتة". وبعد واحدة من أكبر التفجيرات التي وقعت في حي المأمون غرب بغداد، ألقي القبض على رجل يعيش في منزل في الجبهة المقابلة لموقع الانفجار زُعم بأنه قنّاص من الحرس الوطني العراقي. ولكن وفقا لـ "ريفربند"، فإن جيرانه قالوا قصة مختلفة:
"الناس من المنطقة يقولون إن الرجل قد اعتُقل ليس لأنه قتل أي شخص، ولكن لأنه كان يعرف الكثير عن الإنفجار. لقد رأى دورية أمريكية كانت تمر في المنطقة وتتوقف لدقائق عند موقع الانفجار قبل وقوع الانفجار الذي حصل بعد فترة وجيزة من حركة الدورية. انفجرت القنبلة، وأعقب ذلك حالة من الفوضى. لقد هُرع من منزله وهو يصرخ للجيران والمارة أن الأمريكيين أمّا أنهم زرعوا القنبلة أو أنهم شاهدوها ولم يفعلوا شيئا حيال ذلك. واعتقل واقتيد على الفور بعيدا".
وأيضاً في مايو 2005، أفاد "عماد خدوري"، عالم الفيزياء العراقي المنفي الذي ساعد بكتاباته على تفنيد الافتراءات الأمريكية والبريطانية حول أسلحة الدمار الشامل، ذكر قصة من بغداد هي أن سائق سيارة صودرت رخصته في نقطة تفتيش اميركية وقيل له "أن يراجع معسكراً للجيش الأمريكي قرب مطار بغداد للتحقيق معه، ومن أجل استرداد رخصته". وبعد استجوابه لمدة نصف ساعة، أبلغ أنه لم يكن هناك شيء ضده، ولكن رخصته قد أحيلت إلى الشرطة العراقية في منطقة الكاظمية "لتدقيقها" ، وان عليه أن يصل إلى هناك بسرعة قبل أن تنتهي مناوبة الملازم الذي أعطوه اسمه . انطلق السائق مسرعاً، لكن انتابه شعور بالقلق من أن سيارته كانت كما لو أنها تحمل حملا ثقيلا، وزادت مخاوفه من طائرة هليكوبتر كانت تحلق منخفضة فوقه وكأنها تلاحقه. أوقف السيارة وقام بتفتيشها بدقة. فعثر على ما يقرب من 100 كلغم من المتفجرات كانت مخبأة في المقعد الخلفي وفي البابين الخلفيين. التفسير الوحيد الممكن لهذه الحادثة هو أن السيارة قد تم تفخيخها من قبل الأمريكان، وخصصت لتنفجر في منطقة الكاظمية الشيعية في بغداد. وكانت المروحية ترصد حركة السيارة لتشهد "الهجوم البشع الذي ستقوم به العناصر الإرهابية الأجنبية".
ووفقا لخدوري "تكرّر نفس السيناريو في الموصل في شمال العراق". ولكن في هذه المرة، أنقذت حياة السائق عندما تعطلت سيارته فجأة في الطريق إلى مركز الشرطة حيث كان من المفترض ان يستعيد رخصته، وعندما "اكتشف الميكانيكي الذي لجأ إليه أن الإطار الاحتياطي كان محمّلاً بالكامل بالمتفجرات".
خدوري يذكر، حادثة أخرى تستحق التحقيق: في بغداد يوم 28 أبريل 2005 قُتل مواطن كندي يسوق شاحنة ويحمل الجنسيتين الكندية والعراقية. قال خدوري انه يقتبس تقرير CBC الذي يقول "نقلت بعض وسائل الاعلام عن مصدر لم يكشف عن هويته ان المواطن ربما يكون قد مات بعد أن "تعقبته" قوات الولايات المتحدة، وذلك باستخدام طائرة هليكوبتر، لكنه قال إن الشؤون الخارجية لا تزال تحقق في تقارير متضاربة عن الوفاة. ونفى مسؤولو الولايات المتحدة أي تورط في الحادث".
حادثة أخرى، وأيضا في أبريل 2005، وتدعو لتحقيق أكثر إلحاحا، لأن واحداً من ضحاياها لا يزال على قيد الحياة. عبد الأمير يونس، وهو مصور CBS، أصيب بجروح طفيفة من قبل القوات الأمريكية في 5 نيسان في "أثناء تصوير عقابيل تفجير سيارة مفخخة في الموصل". كانت السلطات العسكرية الأميركية قد اعتذرت في البداية عن إصاباته، ولكن بعد ثلاثة أيام ألقت القبض عليه على أساس أنه "يشارك في النشاط المضاد للائتلاف".
وكما بيّنت "أريانا هافينغتون"، في وصفها التفصيلي لهذه الحالة، الطبيعة "الكافكوية" لهذه الحادثة، فقد استمر اعتقال يونس، في أبو غريب وسجون غيره، لأكثر من خمسة أشهر دون توجيه أي اتهامات له، وهذه الحالة أيضا تثير سؤالا آخر: هل كان اعتقال يونس ربما، لأنه - مثل العراقي الآخر الذي ذكرته المدوّنة "ريفربند" - رأى - وفي حالة يونس "صوّر" - أكثر مما كان خيرا له؟
فضيحة أمريكية إرهابية في نيكاراغوا
_____________________
المتحدثون باسم الاحتلال الأمريكي والبريطاني للعراق، جنبا إلى جنب مع الصحف الغربية مثل صحيفة الديلي تلغراف، رفضوا طبعاً ، وبسخط، أي إيحاء بأن قواتهم قد تورطت في عمليات ارهابية "عمليات العَلَم الكاذب" في العراق.
قد نتذكر أنه خلال الثمانينات سخرت حكومة رونالد ريغان بقوة من اتهامات حكومة نيكاراغوا بان الولايات المتحدة تزوّد جبهة "الكونترا" بالأسلحة بشكل غير قانوني إلى أن أسقطت فوق نيكاراغوا طائرة شحن أمريكية نوع C-123 محمّلة بالأسلحة بالكامل ، وتملكها السي آي إيه CIA ، واعترف يوجين هاسنفوس، معالج البضائع الذي نجا من الحادث، أن رؤساءه (واحد منهم كان الإرهابي "لويس بوسادا كاريليس"، عميل وكالة المخابرات المركزية المسؤول عن تفجير طائرة مدنية كوبية عام 1976 قتل فيها 70 شخصاً – راجع الحلقتين 10 و28 لمزيد من المعلومات عن هذا الإرهابي) كانوا يعملون لصالح المجرم جورج بوش الأب نائب الرئيس رونالد ريغان آنذاك.
اعتقال وتحرير الجنديين البريطانيين السرّيين في العراق قد يلقي الضوء بطريقة مماثلة وبأثر رجعي على ادعاءات غير مثبتة مسبقا عن تورّط أعضاء من جيوش الاحتلال في التفجيرات الإرهابية ضد المدنيين.
تبريرات واهية للإرهاب البريطاني في البصرة
______________________
ويبدو أنه عندما أوقفت الشرطة العراقية السيارة المشبوهة نوع تويوتا كريسيدا والجنود البريطانيين السريين يقودونها، فتح الجنود النار، مما أسفر عن مقتل شرطي واصابة اخر. لكن الجنود، كما حددتهم هيئة الإذاعة البريطانية كانوا "أفراداً من قوات النخبة الخاصة البريطانية". تم القبض عليهم من قبل الشرطة العراقية . وفي تقرير نشرته صحيفة الجارديان يوم 24 سبتمبر ذُكر أن هؤلاء الجنود "يعتقد أنهم كانوا في مهمة مراقبة خارج مركز للشرطة في البصرة عندما كان هناك اعتراض من قبل دورية للشرطة العراقية".
لقد أكدت جهات عراقية أن الجنود أطلقوا النار على مصلين شيعة ، وأن السيارة كانت محملة بالمتفجرات والأسلحة وأجهزة للتفجير عن بعد.
ما هي درجة المصداقية التي يمكن أن تُعطى لتلك المعلومات عن وجود متفجرات في السيارة؟
في حين أن تقارير هيئة الاذاعة البريطانية الأوّلية قد اعترفت بأن الرجلين كانا يحملان متفجرات في سيارتهما، أشارت تقارير لاحقة من نفس المصدر ان الشرطة العراقية لم تعثر على شيء أكثر من "بنادق هجومية ومدفع رشاش خفيف، وسلاح مضاد للدبابات، معدات الراديو، ومستلزمات طبية. ويُعتقد أنها من مستلزمات جنود العمليات الخاصة !!
من حق المرء أن يتساءل فيما إذا كان السلاح المضاد للدبابات هو من "معدات التشغيل القياسية" لجنود الوحدات الخاصة وهم يقفون للمراقبة خارج مركز للشرطة. ولكن الأهم من ذلك، هو صورة نشرتها الشرطة العراقية ووزعتها وكالة رويترز تبين أن السيارة كانت تحمل قدرا كبيرا من المتفجرات والمعدات أكثر من مجرد المستلزمات التي اعترفت بها هيئة الإذاعة البريطانية.
الإرهاب الأمريكي : عمليّة في حي الغزالية
________________________
ألقى عدد من العراقيين القبض على اثنين من الأمريكيين متنكرين بالثياب العربية كانا يحاولان تفجير سيارة مفخخة وسط منطقة سكنية في غرب بغداد يوم الثلاثاء.
وقال سكان من حيّ الغزالية في غرب بغداد لوكالة قدس برس أن الناس اعتقلوا الأميريكيَيْن لدى مغادرتهما سيارتهما الكابريس بالقرب من حي سكني في الغزالية بعد ظهر يوم الثلاثاء (11 أكتوبر 2005).
شعر السكان المحليون بأن الرجال يبدون مشبوهين فقاموا باعتقالهم قبل أن يتمكنوا من الابتعاد. كان ذلك عندما اكتشفوا أنهم كانوا أميركيين، فاستدعوا الشرطة العراقية.
بعد خمس دقائق من وصول الشرطة العراقية ، ظهرت قوة كبيرة من الجيش الامريكي حاصرت المنطقة. وضعوا الأميركيين في واحدة من عربات الهمفي وانطلقوا بعيدا بسرعة عالية مما أثار دهشة سكان المنطقة.
تحدثت قدس برس في اتصال هاتفي مع أحد أفراد شرطة الغزالية الذي أكّد وقوع الحادث، وقال إن الرجلين لم يكونا من العرب الأجانب، ولكنه رفض أن يكون أكثر دقة عن جنسيتهم.
القوات الخاصة البريطانية تأريخ دنىء من العمليات الإرهابية
__________________________________
أشارت صحيفة الهيرالدتريبيون إلى ما يلي: "وتقول المصادر أن الجنود البريطانيين الذين اعتقلوا في البصرة قد يكونون أعضاء في فوج الاستطلاع الخاص Special Reconnaissance Regiment الجديد الذي شُكّل في وقت سابق من هذا الشهر لتقديم المعلومات الاستخباراتية لعمليات القوات الخاصة البريطانية، كانوا يتابعون تسلل أتباع الزعيم الشيعي مقتدى الصدر في شرطة المدينة، ولهذا كانوا متنكرين".
فوج الاستطلاع الخاص هذا ، تشكل في هيريفورد من متطوعين من وحدات أخرى لدعم العمليات الاستطلاعية الدولية في مكافحة الإرهاب الدولي، مستوعباً سرية 14 للاستخبارات (شُكلت لعمليات ضد الإرهابيين في ألستر بإيرلندا)، ومحرّراً قوات العمليات الخاصة من مهمة الاستطلاع هذه لتتفرغ للأهداف النهائية من المهمات. فهل من الممكن أن تكون "الأهداف النهائية" من "المهمة" في العراق هي تشويه سمعة المقاومة وزرع الفوضى في البلاد من خلال مواجهة جماعات إرهابية شبه عصابات (أو البديل "عمليات شبه حرب العصابات") حيث تمتلك بريطانيا تجربة ضخمة في أماكن آخرى، لا سيما في كينيا في أثناء انتفاضة الماو ماو وفي ماليزيا؟
"العمليات الزائفة أو المموّهة هي تلك التي تقوم بها القوات الحكومية المتنكرة بملابس حرب العصابات مع منشقين عن حرب العصابات للتسلل إلى مناطق التمرّد. وقد استُخدمت هذه التقنية من قبل قوات الأمن في العديد من البلدان الأخرى في عملياتها، وكانت ناجحة للغاية. وفي الواقع، فإن واحدة من العمليات الزائفة طويلة الأمد هي علمية غلاديو Gladio ، وكانت ناجحا لدرجة أنها استطاعت تحويل مجموعة إرهابية إيطالية مشهورة هي الألوية الحمراء Red Brigades ، إلى ذريعة (بعد تسلّل مدروس من قبل عملاء سلطة محرّضين) لزيادة قوة القوى الرجعية في إيطاليا، وتشويه سمعة القوى الاشتراكية والشيوعية، وحتى الحركات العمالية.
طوّرت القوات الخاصة البريطانية أساليبها في "مكافحة التمرد" في ايرلندا الشمالية، وليس هناك ما يدعو للاعتقاد بأنها قد توقّفت عن القيام بتلك الأساليب في العراق. تشكلت القوات الخاصة البريطانية للقيام بأعمال التخريب والإغتيال وراء خطوط العدو خلال الحرب العالمية الثانية ، ثم تحوّلت إلى فوج مكافحة التمرد بعد الحرب حسب كراسة التدريب العسكري البريطانية لعام 1969 واتي حدّدت العديد من "المهمات" منها :
الكمائن ومضايقة المتمردين، التسلل للتخريب، الاغتيال، تدمير الجماعات في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون، ومراقبة الحدود ... التعاون مع منظمات وقوات حرب العصابات "الصديقة" التي تعمل ضد العدو المشترك.
ومن الأمثلة على ذلك تمرد الماو ماو في كينيا، خلال منتصف الخمسينات، حيث قام الضباط البريطانيون من القوات الخاصة بقيادة عصابات محلّية سيئة السمعة لترويع المدنيين، وفي بورنيو، حيث كانت تقوم بعمليات عبر الحدود لمهاجمة وتدمير قواعد حرب العصابات. وفي عدن عام 1967 حين كانوا يتنكرون بالملابس العربية ويستدرجون المسلحين العرب إلى كمائن ويقتلونهم. لهزيمة المتمردين يجب أن ترتد مكافحة الارهاب عليهم ، أو كما يصف ذلك المختصون "سياسة تدمير المدمِّر".
من أجل "تدمير المدمِّر" والتشكيك في الجيش الجمهوري الايرلندي في ايرلندا الشمالية، شكلت القوات الخاصة البريطانية القوة العسكرية للاستطلاع (MRF) Military Reconnaissance Force، وهي سرية شبه عصابة. وخلال وقف إطلاق النار عام 1972 قامت هذه القوة بقتل المدنيين من سيارات لا تحمل لوحات أرقام باستخدام أسلحة الجيش الجمهوري الايرلندي. في نوفمبر 1972 اعترف الجيش البريطاني بأأن هذه القوّة فعلت هذا ثلاث مرات. حدثت واحدة من هذه الحوادث في 22 يونيو 1972، يوم أعلن الجيش الجمهوري الايرلندي عن نيته لإقرار وقف إطلاق النار. ويبدو أن إطلاق النار قد تم القيام به لتشويه سمعة الجيش الجمهوري الايرلندي.
وقد أصبح واضحاً الآن، أن عناصر داخل قوات الأمن البريطاني لم تكن تريد التوصل الى اتفاق سياسي مع الجيش الجمهوري الايرلندي في منتصف السبعينات، وكان الحل العسكري ممكناً فقط مع تغيير في القيادة العليا من زعامة حزب العمال، ولذلك كانت المخابرات البريطانية MI5 والقوات الخاصة البريطانية على استعداد لاستخدام نفس الأساليب التي أدين بسببها الجيش الجمهوري الايرلندي مثل قتل المدنيين والاغتيالات والتفجيرات والدعاية السوداء، لتحقيق ذلك.
هل هناك من يتذكر الصدمة البالغة التي تلقى بها الرأي العام البريطاني قبل أربع سنوات الكشف عن ان أحد أعضاء الجيش الإيرلندي الحقيقي (مجموعة منشقة عن الجيش الجمهوري الإيرلندي) الذي قَتَلَ تفجيرُه في مدينة "أوماه" في 15 آب 1998 29 مدنياً كان عميلا مزدوجا ؛ جنديّاً في الجيش البريطاني ؟
ولم يكن هذا هو العميل الإرهابي البريطاني الوحيد. جندي بريطاني آخر زُرع في وحدات الجيش الإيرلندي السري قال إنه سلّم ملاحظة مسبقة قبل 48 ساعة من تفجير السيارة المفخخة في "أوماه" لمسؤلين في الشرطة الملكية في ألستر تتضمن تفصيلات عن فريق التفجير وسجل سيّارة الرجل التي ستُفجّر. وبرغم أن هذا العميل قد سجل اتصاله الهاتفي على شريط صوتي إلّا أن السير "روني فلانغان" رئيس الشرطة الملكية في ألستر أعلن أنه لم يتم تسلّم مثل هذه المعلومات.
هذا العميل المزدوج الثاني كُشف عنه علناً في حزيران عام 2002 مع ادّعاء أنه كان عميلا في الجيش الإيرلندي في الوقت الذي كان فيه في الخدمة في الجيش البريطاني براتب كامل ويعمل لصالح وحدة قوّة التفتيش وهي جناح عالي السرية من المخابرات العسكرية البريطانية. وبعلم وحدته هذه وموافقتها وموافقة المخابرات البريطانية MI5 أصبح متخصصاً في التفجيرات حيث يقوم بمزج المتفجرات لتصنيع قنابل جديدة منها قنابل حسّاسة للضوء تنفجر بفلاش التصوير الفوتوغرافي للتغلب على مشكلة الجيش الإيرلندي الحقيقي في وسائل التفجير عن بعد التي تشوّش عليها وحدات إذاعة الجيش البريطاني . ثم أصبح عضواً في فصيل الأمن الداخلي المتخصص في الجيش الإيرلندي والذي يُسمّى أيضاً "وحدة التعذيب" التي تحقق وتصفّي (تقتل) المخبرين المشتبه بهم.
القائد الأكثر إثارة للرعب لنفس وحدة التعذيب هذه كان عميلاً أيضاً ، خدم سابقاً في وحدة خاصة من سلاح البحرية البريطانية . العميل الرابع هو جندي اسمه الحركي “Stakeknife” سُمح له بارتكاب العديد من جرائم القتل الإرهابية ليغطي وجوده في الجيش الإيرلندي. وكان ما يزال حتى كانون الأول 2002 واحداً من قادة بلفاست المحترفين.
وظهرت دلائل أخرى في نهاية عام 2002 أيضاً تشير إلى أن الجيش البريطاني لديه عملاء مزدوجون في التنظيمات الإرهابية يقومون بالإغتيالات لصالح الدولة البريطانية من أشهرها اغتيال المحامي والناشط في مجال حقوق الإنسان في بلفاست "بات فاينوكان" الذي قُتل في عام 1989 من قبل رابطة الدفاع عن بروتستانت ألستر . ويبدو أن وحدة القوة السرية قد سرّبت المعلومات حول فاينوكان إلى أحد الجنود البريطانيين الذي تغلغل في الرابطة وهذا بدوره نقلها إلى مجموعة الاغتيال في الرابطة. والحادثة الأخيرة في البصرة أثارت الشكوك في أن الجيش البريطاني قد أعاد تنشيط تلك التكتيكات نفسها في العراق.
في الواقع، كانت فعالة جدا هذه "الحلول العسكرية" من خلال تقنيات شبه العصابات الإرهابية حين استخدمها الفرنسيون في الجزائر وفيتنام. وكان الاستخدام الأكثر انتشارا لهذه العمليات الزائفة خلال "معركة الجزائر" في عام 1957، وكان المستخدم الرئيسي الأكبر للعملاء السريين في الجزائر هو المكتب الخامس، فرع الحرب النفسية. نشر المكتب الخامس وثائق إدانة مزورة، وروّج شائعات كاذبة عن الغدر والخيانة وانعدام الثقة بين عناصر جبهة التحرير الوطني الجزائرية ... فاندلعت إثر ذلك موجة من قطع الرؤوس وبقر الأحشاء بين كوادر جبهة التحرير الوطني المضطربين الذين صاروا يشك بعضهم في البعض الآخر. كان الوطني يذبح الوطني ، وامتدت المذبحة من نيسان إلى أيلول من عام 1957 ، وهو ما عملت له فرنسا وتمنته .
وعلى الرغم من أن الواشنطن بوست ذكرت أن اثنين من الجنود البريطانيين قد اعتقلوا ، على ما يبدو بالجرم المشهود في اطلاق النار على الشرطة العراقية وزرع المتفجرات، فإنها لم تكلف نفسها عناء ذكر التاريخ الطويل والدنيئ للقوات الخاصة البريطانية في مجال الانخراط في عمليات العصابات الزائفة السرّية لتصل إلى الإستنتاج الواضح وهو أن بريطانيا والولايات المتحدة – والأخيرة اعترفت بتشكيل مجموعة العمليات الاستباقية Proactive Preemptive Operations Group (P2OG في عام 2002 من قبل العقل الطفولي المحافظ الجديد الذي يقود هيئة علم الدفاع في البنتاغون بزعامة دونالد رامسفيلد وهدفها تحفيز ردود أفعال من جانب "الإرهابيين" (في العراق المقصود بهم المقاومة) ؛ بريطانيا والولايات المتحدة تقومان بقوة بنشر الفوضى وزرع العنف في العراق من أجل إدامة احتلاله وتدميره وصولا إلى تمزيقه.
وبطبيعة الحال، فإن هذا الحادث المخزي والمُحرج لقوات الحلفاء في البصرة سرعان ما سيسقط من على الصفحات الأولى من صحف الشركات والمواقع قريبا، ليستبدل بما هو أكثر ملاءمة من حملة تضليل دعائية تُتهم فيها المقاومة العراقية بأعمال أشخاص مثل الزرقاوي صّمّموا لنشر العنف في البلاد من أجل إشعال الحرب الأهلية في العراق، وبالتالي تقسيم البلاد وإنجاز خطة المحافظين الجدد لتدمير المجتمع الإسلامي والثقافة الإسلامية.
إضافة وتوصية
__________
إنه ليس من المستغرب أن وسائل إعلام الشركات في الولايات المتحدة وبريطانيا قد تعمّدت إغفال تفاصيل هامة عن هذه القصة. فمن أجل الحصول على القصة كلها، علينا الذهاب إلى أماكن أخرى، منها ، على سبيل المثال، وكالة أنباء شينخوا الصينية التي نقلت الخبر عن الحادثة كالتالي :
"شخصان يرتديان الزي العربي فتحا النار على مركز للشرطة في البصرة. وقال مصدر في وزارة الداخلية لوكالة شينخوا. طاردت دورية للشرطة المهاجمين واعتقلتهما لتكتشف أنهما كانا جنديين بريطانيين". "وقال إن الجنديين استخدما سيارة مدنيّة مُحملة بالمتفجرات، كما قال المصدر."
لذا، في المرة القادمة التي تقرأ فيها أو تسمع فيها عن تفجيرات إرهابيي "القاعدة في العراق" المجنونة ضد الأطفال أو طالبي العمل اليائسين، ضع في ذهنك، وفقا لوزارة الداخلية العراقية، أن الجناة قد يكونون من حمقى القوات الخاصة البريطانية الذين شحذوا أسنانهم سابقاً من خلال قتل المواطنين الايرلنديين.
مصادر هذه الحلقة
___________
هذه الحلقة مُترجمة ومُعدّة عن المصادر التالية :
#NEWS BRIEF: "Iraq 'terrorists' are British special forces", The Insider, 22 September 2005
#NEWS BRIEF: "UK troops recount burning tank escape", The Age.com.au, September 22, 2005
#NEWS BRIEF: "British troops reduced in Basra after violence", by Thomas Wagner, Canadian PressCanada.com, September 22, 2005
#British Chief Police Investigator in Basra dies under mysterious circumstances - He was responsible for the investigation into the two Elite SAS men disguised as Arab "terrorists" - By Prof Michel Chossudovsky - Global Research, October 17, 2005
#Were British Special Forces Soldiers Planting Bombs in Basra? - Suspicions Strengthened by Earlier Reports - By Prof Michael Keefer - Global Research, September 25, 2005
#British “Undercover Soldiers” Caught driving Booby Trapped Car - "They refused to say what their mission was." - By Prof Michel Chossudovsky - Global Research, September 20, 2005
#UK denies storming Iraqi jail to free soldiers- Reuter, 20 September 2005
#Americans disguised in Arab Dress captured in the act of setting off a car bomb – By Global Research, October 15, 2005
#British “Pseudo-Gang” Terrorists Exposed in Basra - By Kurt Nimmo - Global Research, September 24, 2005
أمّا حلقات هذا القسم عن اختراع الولايات المتحدة للإرهاب العالمي من موسوعة جرائم الولايات المتحدة فهي مُترجمة ومُعدّة عن مصادر رئيسية هي :
#The "Silk Road" - What Really Happened
#"The Nobel War Prize" - by Michel Chossudovsky - globalresearch.ca , 25 October/ octobre 2002.
# AFGHANS: U.S. CREATED AND FUNDS TALIBAN Kurt Nimmo - Infowars.com - May 26, 2010
#9/11 ANALYSIS: Where was Osama bin Laden on September 11, 2001. - By Prof Michel Chossudovsky - Global Research, September 10, 2015
# Who Is Osama Bin Laden? - by Michel Chossudovsky - Professor of Economics, University of Ottawa- Centre for Research on Globalisation (CRG), Montréal- 12 September 2001
# Bush family’s dirty little secret:
President’s oil companies funded by Bin Laden family and wealthy Saudis who financed Osama bin Laden - By Rick Wiles - American Freedom News - September 2001
#Bush - bin Laden family business connections - Michel Chossudovsky - http://www.spectrezine.org/war/Chossudovsky3.htm
# Why would Osama bin Laden want to kill Dubya, his former business partner? - By James Hatfield
# Bechtel tied to bin Ladens - Osama bin Laden family members invested $10M in an equity fund run by former Bechtel unit.- May 5, 2003: 2:17 PM EDT
# Bush took FBI agents off Laden family trail - Rashmee Z Ahmed,TNN | Nov 7, 2001, 09.05 PM IST
# Summary of Saudi Arabia flight findings by 9/11 Commission - By The Associated Press - Published: Tuesday, April 13, 2004 at 2:35 p.m.
#EXCLUSIVE: CIA COMMANDER: WE LET BIN LADEN SLIP A - BY MICHAEL HIRSH 8/14/05 AT 8:00 PM
#September 2001 Interview with Osama bin Laden. Categorically Denies his Involvement in 9/11 - By Global Research - Global Research, September 09, 2014 - Daily Ummat in Urdu (Translation into English by BBC Worldwide Monitoring September 29, 2001 28 September 2001
وعن مصادر ثانوية أخرى مثل الويكيبيديا ومواقع كثيرة أخرى .
ملاحظة عن هذه الحلقات
______________
هذه الحلقات تحمل بعض الآراء والتحليلات الشخصية ، لكن أغلب ما فيها من معلومات تاريخية واقتصادية وسياسية مُعدّ ومُقتبس ومُلخّص عن عشرات المصادر من مواقع إنترنت ومقالات ودراسات وموسوعات وصحف وكتب خصوصاً الكتب التالية : ثلاثة عشر كتاباً للمفكّر نعوم تشومسكي هي : (الربح فوق الشعب، الغزو مستمر 501، طموحات امبريالية، الهيمنة أو البقاء، ماذا يريد العم سام؟، النظام الدولي الجديد والقديم، السيطرة على الإعلام، الدول المارقة، الدول الفاشلة، ردع الديمقراطية، أشياء لن تسمع عنها ابداً،11/9 ، القوة والإرهاب – جذورهما في عمق الثقافة الأمريكية) ، كتاب أمريكا المُستبدة لمايكل موردانت ، كتابا جان بركنس : التاريخ السري للامبراطورية الأمريكية ويوميات سفّاح اقتصادي ، أمريكا والعالم د. رأفت الشيخ، تاريخ الولايات المتحدة د. محمود النيرب، كتب : الولايات المتحدة طليعة الإنحطاط ، وحفّارو القبور ، والأصوليات المعاصرة لروجيه غارودي، نهب الفقراء جون ميدلي، حكّام العالم الجُدُد لجون بيلجر، كتب : أمريكا والإبادات الجماعية ، أمريكا والإبادات الجنسية ، أمريكا والإبادات الثقافية ، وتلمود العم سام لمنير العكش ، كتابا : التعتيم ، و الاعتراض على الحكام لآمي جودمان وديفيد جودمان ، كتابا : الإنسان والفلسفة المادية ، والفردوس الأرضي د. عبد الوهاب المسيري، كتاب: من الذي دفع للزمّار ؟ الحرب الباردة الثقافية لفرانسيس ستونور سوندرز ، وكتاب (الدولة المارقة : دليل إلى الدولة العظمى الوحيدة في العالم) تأليف ويليام بلوم .. ومقالات ودراسات كثيرة من شبكة فولتير .. وغيرها الكثير.
وسوم: العدد 666