اللاجئون السوريون، وواجب الأمة
د. عامر البوسلامة
كان من نتاج هذه الجريمة الفظيعة، التي يرتكبها، نظام القتل والدمار والتخريب والعدوان، بحق أبناء الشعب السوري، أن رحل عن بلدانهم ملايين من أبناء هذا الشعب، يسمون أحياناً لاجئين، وبعضهم يسميهم مهاجرين، وآخرون يسمونهم نازحين، ولا أريد هنا أن أدخل على تفاصيل هذه المصطلحات، وانطباقها على السوريين، لأني هنا أريد أن أرسل رسائل، تهدف إلى توجيه المسار في طريقه الصحيح، خدمة لهذا الصنف من أبناء الشعب السوري، في محنته الكبيرة، ومصابه الجلل، وكارثته التي ليس لها مثيل، ولست في هذه المحاولة أبحث عن هياكل قانونية، للتوصيف التصديقي، للوقوع من عدمه، فهذا له أهله والمختصون به.
وهؤلاء اللاجئون يعيشون أوضاعاً صعبة، في داخل سورية، وخارجها، تقتضي الالتفات إليهم، والتعاون من أجل الوصول إلى تلبية حاجاتهم.
ومما لا بد من ذكره، ولفت الأنظار إليه، أن اللاجئين داخل سورية، أكثر منهم خارج سورية، وإذا كان اللاجئون خارج سورية – رغم ظروفهم القاسية – يجدون بعض العون، ويصلهم ما يسد الحاجة، ولو نسبياً، ففي الداخل السوري، المصاب أعظم، والكارثة أكبر، والأوضاع أخطر.
والعناية باللاجئين، واجب شرعي، كما ذكر ذلك العلماء الأثبات – وضرورة إنسانية، وحاجة بشرية، ولا يجوز إهمالهم تحت أي عنوان، ومهما كانت الذرائع والمعاذير.
ومن مفردات ما يجب أن نقوم به تجاههم، ما يأتي:
1-أن نؤويهم، وننصرهم، ونساندهم، فنكون ممن آووا ونصروا، فإذا قمنا بذلك، فلنا الأجر العظيم من الله رب العالمين، وهذا الأمر له أدواته ووسائله، وهناك مؤسسات وجمعيات تقوم بمثل هذا الأمر، ولكن تحتاج إلى من يدعمها، ويساندها، بمشروع الرغيف والبطانية، أو الخيام، أو المباني المؤقتة، أو آبار المياه، أو السلال الغذائية، أو غير ذلك مما يدخل في هذا الباب .
2-أن نهيأ لهم أسباب العيش، في كل ما يلزمهم. ( ومن كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته)، ومنها على سبيل المثال الكسوة.
3-الدواء للمريض، أكثر أهمية من الطعام والشراب، فعلينا أن نهتم بهم طبياً، فنعالج مصابهم، ونقوم على شأن مريضهم، ولا ننسى الجرحى، وما يحتاجون، ففي مصابهم، وما جرى لهم، ما يقطع أنياط القلوب.
4-والحياة ليست طعاماً وشراباً ونوماً، فحسب، بل هناك ما هو أهم من هذا، ألا هو بناء الإنسان، بكل مفردات المطلوب، في هذا الشأن، ومنها العناية بتعليمهم، وإقامة الدورات، التي تعمل على تنميتهم بشرياً، وفي المجالات كافة، وهنا نندب المؤسسات، التي تعنى بالتنمية البشرية، أن تقوم بما يلزم لردهم هذه الهوة، وسد الخلل.
5-كما أن التربية والدعوة، يحتاجها اللاجئون، حاجة كبيرة، يحتاجون إلى العلماء والدعاة بينهم، وهذا يحتاج إلى مشروع، ويحتاجون إلى مدارس لتعليم القرآن الكريم وتحفيظه للأجيال، وهذا يحتاج كذلك إلى مشروع، فأين من يشمر عن ساعد الجد، ويلج هذا الباب الخير، الذي يعتبر من أهم القربات إلى الله، وخير ما تنفق الأموال بشأنه. ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه ) .
6- ولا يفوتنا أن نذكر بأهمية تعليمهم، من خلال إنشاء المدارس التي تقوم بهذا الواجب المهم، فإن انقطاع أجيال من الناس، عن التعليم، يعتبر مشكلة كبيرة، من المشكلات التي تواجه التجمعات البشرية، وهذا أيضاً له مختصوه، والعاملون له، ويبحثون عمن يمد يد العون للقيام بهذه المهمة النبيلة.
يامن يعيشون حياتهم الهنية الرخية الرضية – نسأل الله لكم جميعاً العافية والسلامة – تذكروا إخوانكم تحت القصف الهمجي، والبراميل العمياء المدمرة، تذكروهم عندما تأكلون وتشربون وتنامون، لا تنسوهم وأنتم بين أبنائكم تسعدون، زوروا إخوانكم اللاجئين، فالزيارة لها أهمية بالغة، واسوهم في مصابهم، كفكفوا دمعة مكسور، وامسحوا على رأس يتيم، وواسوهم بهدية، وتبرعوا لمشروع، يخفف عنهم، ويساعدهم حتى يقفوا على أقدامهم، ويكتب الله لهم الفرج والنصر، على القوم المجرمين، وإنه لقريب بإذن الله تعالى.
ولا يفوتنا، أن نقول لكل من قدم شيئاً لشعب سورية، ولو كسرة خبز، أو شق تمرة، أو شطر كلمة: جزاكم الله خيراً، وبارك الله فيكم، وفي أموالكم.
( ومن لا يشكر الناس، لا يشكر الله ).
( وتعاونوا عل البر والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ).
- عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى»(
عن سالم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يُسلِمُهُ من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرَّج عن مسلم كربة، فرَّج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً سَتَره الله يوم القيامة»
- عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من نفَّس عن مسلم كربةً من كُرَب الدنيا نَفَّسَ الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة، ومن يسَّر على معسر يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر على مسلم ستر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه»( ).
- عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين وأشار بإصبعيه، [يعني السبابة والوسطى]»( ).
- عن جرير بن عبد الله – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يَرحَم الله من لا يَرحمُ النَّاس»( ).
- عن أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المؤمن للمؤمن كالبُنيان يشد بعضه بعضاً ثم شبك بين أصابعه» - عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المؤمن مرآة المؤمن، والمؤمن أخو المؤمن، يكف عليه ضيعته ويحوطه من ورائه)».