المهم ان تكونى بخير
اليوم ...
كان لي نصيب أن اقضي يوما في زقازق صنعاء القديمة ...
تجولت بين حواريها الضيقة ...
رائحة الكباب تملأ قلبها المزدحم بالبسطاء ...
أكوام "الكدم " هنا وهناك ...
حقيقةً....لم أعلم هل هناك غرباء مثلي أم أنهم من سكان المنطقة ...
فقد شعرت أن الجميع يعرفون بعضهم بعض جيدا ...
لم يزعجني سوى الدراجات الناريه التي تتداهمني فجأه وتقطع حبل افكاري ...
كنتُ أسير ..وكأنني استحضر أناس من قبلنا مروا من هنا...
أطفالا ..صاروا اجدادا.. أو يلتحفون التراب ...
صبية كانت ذات يوم بطلة لقصة حب سرية اختبئت خلف الستائر في خجل ...
وزعت نظري للنوافذ ...
ماذا تخفي وراءها .!..من يسكنها ...!
لم تستهويني يوما تلك القصور عالية الأسوار ..
لم تغريني تلك النوافذ التي تخفي وراءها الستائر الفخمة ..
بل بيوت البسطاء ...وتلك الاضاءات الخافته ليلا ..المليئة بالحياه ...والحب ...
بدأ التجار في اقفال محلاتهم الصغيرة ...
ويذهبون للصلاه في حماس ...
تساءلت في قرارة نفسي...إلا يوجد هنا لصوص تستغل غياب تجار الفضة والجنابي والذهب !
لا أعلم ماهو النظام المتبع في هذه المنطقه ولكن يبدو جيدا أنهم آمنون أفضل من تلك المحلات في ارقى الأماكن أو المولات الفاخرة ..
ابتسم لي احدهم وقال إنه لا يوجد طريق من جهته ..وعندما سألته عن السبب .. قال بسبب الصلاة ..
وتكرر هذا في أكثر من مكان ...
شبابٌ يقفون في أماكن متفرقة لتفتيش الوافدون للصلاة ...فتذكرت تلك التفجيرات التي طالت مساجدهم وهم ساجدون ..
أجزم ..وأؤكد على ذلك.....أنهم أكثر من رأيتهم أدبا وخجلا ...
كانت هيئتهم مرتبة وانيقة...وكأنهم مدعوون لمناسبة هامة ...
وبدأت الصلاه ...ورأيتهم جماعات هنا وهناك ...
أغلبهم مسربلون ...قلة منهم يضمون ...
مطر خفيف يغسل هذه الارض ...لا يسيئ إليها سوى القمامة المتكومة في الزوايا ..ولا ادري هل هناك من جهة ما سوف تأتي لاخذها فيما بعد...!
زادت حدة الأمطار وأنا أغادر صنعاء القديمة ..
نظرت إليها مودعة... فلا قلق عليها مادامت وهي منبعٌ فوار دائم الفيضان بالجمال وكرم الأخلاق ...
صنعاء ..حيث تقع في اجمل السهول ..
واخصبها تربة ..
وأروعها مناخا...
وأكثرها مياها جوفية ..
واقواها عشائر ...
صنعاء المدللة بين جبالا وجدت لحمايتها ..
قلاع طبيعية تحميك ياصنعاء..وتقطعت أنفاس الطائرات دون أن تمس جمالك والوانك البهيجة ..
هذه الجبال من نشأ فيها اول العمالقة ...مهد الرجال الاشداء منذ القدم ...ومنهم من نزح إلى افريقيا وإيران والعراق والشام وشيدوا فيها الحضارات ...
كان يوما جميلا حتى خرجت فيه إلى الزبيري الشارع العام ...وهنا بدأ المشاة في المضايقات والمعاكسات السخيفة التي لم الاحظ أنني قد سمعتها في قلب صنعاء باأبوابها السبعه ...
وجدت نفسي أمام جنازة لشخص ما كانوا ياخذونه لبيته الأخير في مقبرة "خزيمة "...
وأدركت حينها أنني قد مشيت طويلا دون ان أشعر ..أو حتى ان استجيب لتذمر صديقتي المتعبه ...
وسوم: العدد 672