سنة موازنة حسنات...
لاحظت في صلاة الوتر ان احد المصلين يرفع يديه عاليا يتوسل الى الله متوددا. قلت في نفسي: هذا فلان بن فلان!!! ما الذي يجعله يبكي خاشعا يجوح وينوح في صلاته؟ بعد انتهاء الصلاة اقتربت منه على امل ان افتح محادثة معه. قال يا اخي: لا تعجب للامر. فانا طيلة السنة الماضية اقترفت ذنوبا لا حصرة لها. وجئت خاشعا الى الله في هذا الشهر الكريم عسى ان يغفر لي ما تقدم من ذنوب. قلت له: كلامك يثلج صدري, لكن هل تعتقد ان الله سيغفر لك؟! قال: ليس على الله شيء كبير. قلت: اجل انت صادق. هذا الرجل الخاشع, افنى حياته في باحات المجلس المحلي. يقتنص الملايين من اموال العام. كان صفرا مشفرا, بالكاد يمون على قوت يومه. تاجر بذمم الناس وتربع على كرسي جهلهم المخصص له في المجلس. يأتي في رمضان ويرهق نفسه في البكاء ليمحو ذنوب السنة الفائتة! يعتبر ان رمضان هو اخر شهر في السنة ويأتي لتقديم موازنة مالية مع الله. كما هو حال السنة المالية في الضرائب. يؤمن ان الله يغفر الذنوب. وكل المطلوب منه هو بعض الجهد في صلاة الوتر والقدرة على صوم رمضان. وبعض التوسل والبكاء. وتتساقط ذنوبه وتتدحرج عنه. ومن ثم وبعد انتهاء شهر رمضان يعود الى سنةٍ ماليةٍ جديدةٍ, يمارس فيها جمع اموال الحرام. لا يا حج. لا يا حبيب امك. الله لا يعمل محاسب عندك وعند من انجبك. الله يأمرك ان تعيد اموال الحرام. ان تعيد سيارة الجيب التي تركبها انت وسيارة زوجتك ايضا. وسيارة ابنك يا هذا.
وسوم: العدد 675