حقائق لابد من كشفها أمام أبناء شعبنا العراقي وللتاريخ حلقة (3)
كنت (كاتب هذه السطور) قادما من شمال العراق العربي في نيسان عام 1981، لغرض أجراءعملية جراحية، جريت العملية الجراحية في مستشفى غزة الفلسطيني في بيروت، وبعد أنتهاء العميلة، فقت من (البنج) المخدر وإذ بمريض لبناني بجانب سريري لا أتذكر أسمه الآن، قائلا لي : الحمد على سلامتك قلت له : شكرا. سألني من أي بلد أنت؟ قلت : من العراق العظيم. ثم سألني من أي منطقة، قلت : من الجنوب العربي. وبسؤال مباشر تحديد أنتمائي المذهبي، قلت له “الديانة مسلم، ألا يكفي؟” قال لا، هذا لا يجوز، قلت كيف لا يجوز؟، قال يجب أن تحدد. قلت عبر التاريخ لا أحد يسأل جاره أو صديقه من أي مذهب أنت، كلنا من رسالة المحمدية. سكت فترة وجيزة وثم قائلا: متى تخرج من مستشفى ؟ قلت: الطبيب هو الذي يحدد زمن خروجي وردف قائلا : سوف أعرفك على عراقي قادم من إيران أسمه ( محسن) ونزوجك من فتاة جميلة ، لم أنطق بحرف واحد، من خلال الحديث عرفت أنه من حركة أمل، ميليشيا الضاحية الجنوبية. في يوم الثاني جاءت عائلة المريض اللبناني ومعهم شخص مخربط الهدام، قدمه لي هذا ( محسن) وهذه هي الفتاة. كانت جميلة وشقراء فعلا . وبعد ذلك سمعت صوت ( محسن ) قائلا : الحمد على السلامة . قلت : شكرا. وردف قائلا : سوف نزورك، وسنأخذك معنا عندما تخرج من المستشفى، ونزوجك هذه الفتاة، لم أجاوبه مطلقا . عرفت من حديثه مدى جهالة تفكيره وطائفيته المقيتة وعشقه لإيران لا يصف. في نفس اليوم غادروا المستشفى بعدما تم تخريج المريض اللبناني . أثناء اللحظة خروجهم ناديت (عبد الحسننين شنان) هو من أهالي البصرة الذي كان يعمل ممرضاً في مستشفى هو شيوعي وترك "الحزب الشيوعي العراقي" لأحقا، طلبت منه أن يتكلم مع الطبيب ليخرجني من المشفى بهذه اللحظة وعلى مسؤوليتي الخاصة، قائلا لماذا ؟ قلت له لا أحب أن أرى هؤلاء الأوغاد، وأخبرته بالقصة، فعلا خرجت من المستشفى وذهبت إلى سكني مع الرفاق، وقد أخبرت الحزب حول هذه الظاهرة الغريبة والمضحكة، ها هو إبليس الملعون يلوح بمنجل الفتنة الصفوية، يتوعد العراقيين والعرب بموسم الحصاد الوفير، يقرع بقبضة الأنتقام بوابات، قبضة الخؤون تجاسرت وفتحت صندوق الفتن والشرور، تنذر بالخراب والدمار والأنتقام، والقادم أخطر، بعد أن أضحى اللعب ع المكشوف، وتمت إزالة أصباغ وجوه الدكاكين التي تدعى معارضة النظام الدكتاتوري الوطني، لتكشف حقيقة الوجوه القبيحة، وحقيقة الصدور الحاقدة، وحقيقة النوايا الخيانة والجاسوسية والتآمر. لذلك يسعى أقزام إبليس إلى هدم الأوطان داخل الضلوع ، ليتمكنـوا من هدم الأسوار، وإقامة إمبراطورية الفرس الشر والخراب بغطاء أمريكي صهيوني فوق أنقاض أحلام نبيلة، وأوطان جميلة شيدها أهلها، عبر أزمان طويلة، بالحب والكفاح والتكافل والتراحم والإخاء الوطني. بقيت حوالي خمسة أشهر في بيروت وثم سافرت إلى بلغاريا لدراسة حزبية ذلك في تشرين الثاني عام 1981 ، في المدرسة المركزية التابعة للحزب الشيوعي البلغاري، هناك بدأت خلافاتي تكبر مع الحزب، أثناء مرحلة دراستي في الإكاديمية جاء عبد الرزاق الصافي عضو المكتب السياسي إلى بلغاريا، ألتقيت معه وشرحت كل أرائي ومواقفي، وأخذ يجاملني على طريقة تجميل الخواطر ويرتب على كتفي، قلت له مسألة تتعلق بسياسة الحزب العامة والفكرية وحياته التنظيمة ومصير وطن وليس خلاف شخصي، وبعد ناقش طويل معه، أجابني: يا رفيق الحزب هو في الداخل، كان ردي بقوة عليه قلت له على من تضحك ، قيادة ومركزالحزب في الخارج الآن وليس في الداخل، وجميع قرارات السياسية للحزب تقر بالخارج ، يفترض أن تنطبق سياسة الحزب الوطنية والفكرية والتنظيمية الصحيحة في الداخل والخارج، ونهيت نقاشي معه، وفهمت أن زمرة عزيز محمد سائرة نحو الإستقواء بالحرب الإيرانية ومع جميع أعداء العراق وشعبه. عندما أنهيت دراستي، تم سحب مني شهادة دبلوم في العلوم السياسية ومن جميع الرفاق في تلك الدورة من قبل منظمة الحزب ببلغاريا، بينما نرى جميع الأحزاب الشيوعية العربية والأوروبية لم تنسحب منهم شهادات التخرج، بل بقت محتفظة لديهم، هذه الظاهرة القذرة موجودة في تاريخ الحزب، لتكشف متى نذالة وحقارة زمرة عزيز محمد العميلة. طلب الحزب مني أن أذهب إلى دمشق وثم التوجه إلى شمال العراق، بعد وصولي دمشق رفضت توجه إلى شمال العراقي المحتل من قبل عصابات الكردية المتصهينة العميلة، بدأ صراعي يكبر ويكبر في جميع الأصعدة الفكرية والسياسية والتنظيمية مع الحزب وموقفه الخياني من الحرب التي شنتها إيران ضد العراق وأحتلالها (جزيرة الفاو) كان موقف الحزب مخزي ومؤيد لأستمرار الحرب وأحتلال الفاو. بينما نرى موقف العراقي الوطني الشجاع عبدالجبار سليمان الكبيسي كان إسمه الحركي (حازم) كان تولى رئاسة حزب البعث العراقي، الجناح السوري حينما اتضحت له نوايا إيران العدوانية وبرزت اطماعها وغاياتها التوسعية في أحتلال الأرض العراقية من خلال رفضها وقف هذه الحرب برغم الجهود والوساطات الدولية العديدة إصرارها على استمرار تلك الحرب خلافا وبالضد من موقف الحكومة حافظ الأسيد الرسمي اطماعها وغاياتها التوسعية المؤيد والمساند والمنحاز بالكامل إلى جانب إيران الخميني في تلك الحرب على بلد عربي مسالم . أصدر الكبيسي بياناً بأسم قيادة الحزب بإدانة إيران والدول المساندة لها بل يطالب جميع الدول العربية ومنها سوريا بالوقوف ضد أطماع إيران بالأراضي العراقية، إعتبر النظام الطائفي المجرم حافظ الأسيد البيان تحدياً وإستفزازاً له فقامت المخابرات السورية بمحاولة دنيئة بائسة ترمي إلى كسر شوكة الفقيد. قاموا بأعتقاله وبعد فترة ألقوا به في ضواحي ريف دمشق (مساكن برزة) . ثم قرر النظام الإستبدادي تجميد عضويته في القيادة القومية وحل قيادة قطر العراق، وتعرض عبدالجبار الكبيسي إلى الأذى والمراقبة والمضايقات الأمنية وفرضت عليه الإقامة الجبرية في دمشق من قبل سلطة الحزب الطائفي. أول معرفتي بالفقيد كانت من خلال موقفه الشجاع الذي ينسجم مع موقفي ضد إيران العدوانية واطماعها وغاياتها التوسعية في أحتلال العراق، وكنا نلتقي في مقهى هافانا بدمشق مرة في الإسبوع حتى مغادرته لدمشق عام 1996 ومنح اللجوء السياسي في فرنسا. كان رجلاً مناضلاً شجاعاً صلباً شديد الإخلاص لوطنه وأمته وفارساً جسوراً . لابد أن نقارن بين موقفه الوطني كأسد من أسود العراق وبين موقف العملاء والخونة والجواسيس الذين كانوا يشكلون "74 حزبا وحركة" آنذاك بالإستقواء بالحلف الصهيو أمريكي إيران وما أوصلوا إليه العراق الآن من الخراب والدمار والإرهاب والقتل والتقسيم وسرقة المال العام للشعب وثروات العراق. هذا العراقي عبدالجبار الكبيسي يستحق بامتياز لقب المعارض بل يبدو أن اللقب يتناغم معه كموسيقى جميلة أوتارها الانتماء الأصيل للعراق وشعبه والإنسانية جمعاء . في ظل إقامتي في سوريا بالصدفة تعرفت على الإيراني الطائفي ستار جبار الذي أصدر (جريدة البنية الجديدة) عام 2003 من خلال الصديق الشاعر الراحل سعدون حاتم الدراجي (آدم حاتم ) كان يعمل في صحيفة ( صوت الرافدين ) ومسؤول تحريرها، كانت تصدر من قبل حزب البعث العراقي، الجناح السوري. منذ خروجه من العراق أواخر عام 1978 في بيروت أصدروا كل من (آدم حاتم وعلي فودة ورسمي أبو علي ) مجلة الرصيف ، كان يزودني كل شهر بعد جديد من مجلة الرصيف مجانا . بعد إنسحاب منظمة التحرير الفلسطينية من العاصمة اللبنانية بيروت عام 1982 فنزح آدم حاتم مع من نزح إلى دمشق، وألتقيت معه مرة ثانية في دمشق بعد إنهاء دراستي في بلغاريا ، كنا نجتمع في مقهى الروضة ونناقش إنحدار دكاكين المعارضة نحو مستنقع العمالة والخيانة ويحلو النقاش حين يدخل الشاعر وليد جمعة بالنقد لاذع لكل كلاب المعارضة بقصائده الساخرة أو حزوراته الساخرة ، مرة رفع صوته في مقهى الروضة قائلا: يا جماعة تعرفون لماذا زعماء المعارضة العراقية يلبسون حذاء (قبغلي) ؟؟ (حذاء الذي لا يحتوي على رباط) هنا يصيح الجميع في المقهى بصوت واحد .. لا لماذا ؟.. يأتيهم صوت وليد جمعة قادة المعارضة العميلة لا يحلون ولا يربطون، الجميع يغرق بضحك ..الخ ذات مرة قلت لآدم حاتم حينها مازحاً "ما هكذا علمنا ماركس! زمن كثر فيه الخوف والأعتقال والحب والثورة الواعدة والخيانة والمرتزقة فضحك قائلاً " إيمتا نذهب للحانة" فضحكت ملياً كعادتي دون أن أشعره بحالته اليأس والخذلان. حيث رأي الصديق الشاعر آدم حاتم بعينيه كيف تخون الدكاكين التي تدعى معارضة النظام الدكتاتوري وتستقوى بالحرب الإيرانية والصهيو أمريكي لأحقا، ليقذف بحياته في بحر من الخمور والدخان والصيدليات، توفي الشاعر أدم حاتم 17 .12. 1993 في مشفى محمود الهمشري ودفن غريبا ووحيدا في مقبرة درب السيم في "عين الحلوة" من قبل رجال بلدية صيدا . رحل آدم حاتم حاملا أوجاع بلاد ما بين القهرين . قائلا نعرفك على ستار جبار يعمل محررا عندنا في الصحيفة . وبعد سنوات ألتقيت مع ستار جبار في شارع الصالحية بدمشق وكان عصبيا ويتكلم كالمجنون قلت له خيرا ما بك بهذا الوضع يريد أن يسرد قصة طرده من صحيفة ( صوت الرافدين) قلت له أعتذر لأن وقتي لا يسمح لي أن أسمع كاملة القصة بصراحة لأني مشغول جدا، وردف قائلا : ممكن أن نلتقي وأريد مساعدة منك، قلت لا أعرف ،على كل حال أين تتواجد، أين أجدك ، قال يسكن في الحجيرة السيدة زينب، قلت لم أزور السيدة زينب لحد الآن قائلا معقول هذا .. قلت لماذا تستغرب؟ لأن السيدة زينب ملغومة بالإيرانيين والخونة والجواسيس وعمائم الفتنة. للمصادفة المضحكة كنت في أول زيارة للمنطقة السيدة زينب شاهدت المجرم (محسن) يلبس دشداشة ويبيع على بسطة السبح والخواتم وترب الصلاة عند بوابة المقام السيدة زينب ويتردد على الحسينيات للطم والبكاء والفتنة وكذلك للسفارة الإيرانية بدمشق ويشتغل على طريق العسكري دمشق – بيروت وهذا الطريق يستخدم للتهريب حيث يبيع ورقة إذن المرور الذي يحصل عليها من المخابرات السورية يتراوح سعرها بين 400 – 600 دولار أمريكي، ويعقد زواج المتعة للقادمين من الدول الأوروبية وحتى السوريين، قلت لأحد الرفاق من حزب الشيوعي العراقي – الأتجاة الوطني الديمقراطي هذا هو المجرم الإرهابي (محسن) أحد المشاركين مع ميليشا الضاحية الجنوبية في جريمة تنفيذ تفجير السفارة قائلا : لا هذا أسمه (جواد الهالكي) ، شرحت له تلك القصة التي صادفتني في بيروت .
وسوم: العدد 682