كيف صمّمت الحكومة الأمريكية هجمات الجمرة الخبيثة بعد هجمات 11 ايلول 2001؟(129)
ملاحظة
هذه الحلقات مترجمة ومُعدّة عن مقالات ودراسات وكتب لمجموعة من الكتاب والمحللين الأمريكيين والبريطانيين.
(إن مكتب التحقيقات الفدرالي لم يكن حريصا على التعرّف على الجاني لأنه يجوز أن الجاني، قد يكون هو حكومة الولايات المتحدة الأمريكية نفسها. هناك أدلة متزايدة على أن مصدر الجمرة الخبيثة هو مختبر سري للغاية لجيش الولايات المتحدة في ولاية ماريلاند وأن الجناة يشملون مسؤولين رفيعي المستوى في البنية التحتية العسكرية والاستخباراتية الأمريكية).
المحقق الصحفي الشهير
واين مادسن
(رامسفيلد ، وزير دفاع حكومة بوش، هو واحد من هؤلاء الذين تنبأوا بهجمات الجمرة الخبيثة. فهو يمتلك موهبة قراءة الغيب حيث كان قد توقع سابقا هجمات 11 أيلول 2001. لقد كانت الهجمات التي ضربت مركز التجارة العالمي في ذلك اليوم في الواقع عملية مماثلة "لبيرل هاربور جوّية" كان رامسفيلد قد دعا إلى توقعها قبل ثمانية أشهر، في لجنة رسمية لـ "تقييم التنظيم والتخطيط الأمني للولايات المتحدة في الفضاء". وفي صباح يوم الثلاثاء الشائن أبلغ رامسفيلد مستشاريه يقينه بأن هجوما سوف يقع فورا. وهكذا، في يوم 16 سبتمبر، أي بعد خمسة أيام فقط من الهجمات، أعلن وزير الدفاع أن "هجوم إرهابي جديد يمكن أن يحدث في أي وقت. (...) ويمكن أن يهددوننا بالحرب الكيميائية والصواريخ البيولوجية).
(وهناك شركة واحدة فقط قادرة على تصنيع اللقاحات التي تحصّن جسم الإنسان ضد مرض الجمرة الخبيثة: شركة بايوبورت BioPort ومقرها في مشيغان. أما بالنسبة للمضادات الحيوية، والتي تسمح بالعلاج في حالة التلوث والإصابة بالمرض، فالمجموعة الصيدلانية الألمانية؛ شركة باير، تمتلكها حصرياً. وصادف – ويا للصدف - أن الشركتين كانتا في وضع مالي حرج وحساس جدا وقريبتين من الإفلاس قبل هجمات 11 سبتمبر)
المحلل السياسي
بول لاباريك
المحتوى
_____
(تمهـــــــــــــــيد- ما هو مرض الجمرة الخبيثة ؟- الحكومة الأمريكية هي الجاني في هجمات الجمرة الخبيثة- صلة الحكومة الأمريكية بالجمرة الخبيثة ليست نظرية مؤامرة- وكالة المخابرات المركزية تختبر الجمرة الخبيثة ونظام بريد الولايات المتحدة- من فورت ديتريك مع الحب- وفاة الدكتور دون وايلي: هل هي جريمة قتل- صلة بالبرنامج الجرثومي في جنوب أفريقيا- بحث وايلي على الجمرة الخبيثة- الجمرة الخبيثة وعملية نورث وودز الانقلابية وماحولة توريط كوبا- هجمات الجمرة الخبيثة ضمنت مليارات الدولارات لشركات الأدوية واللقاحات- رامسفيلد يعلم الغيب ويتنبأ بالهجمات الجرثومية- إنقاذ شركة بايوبورت للقاحات وشركة باير للأدوية من الإفلاس- قائد عسكري أمريكي يمتلك 22% من أسهم شركة اللقاحات ولم يدفع فلسا واحداً!- إنقاذ الشركات من الإفلاس بحاجة إلى "بيرل هابر جرثومية" - وسائل إعلام الشركات تبدأ حملتها المضللة- الإدارة ترفض العلاج الرخيص لصالح العلاج الغالي لإنقاذ باير- رامسفيلد يمثل مصالح شركات الأدوية في الإدارة- مصادر هذه الحلقات)
تمهـــــــــــــــيد
________
يقول المحقق الصحفي الأمريكي الشهير "واين مادسن" في مقالته الخطيرة "الجمرة الخبيثة والوكالة : التفكير في المالا يمكن التفكير فيه" :
الآن وبعد أن وضع مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) رسميا تحقيق الجمرة الخبيثة في الخلف، فقد حان الوقت بالنسبة للأميركيين أن يفكروا في ما لا يمكن تصوّره وهو : أن مكتب التحقيقات الفدرالي لم يكن حريصا على التعرّف على الجاني لأنه يجوز أن الجاني، قد يكون هو حكومة الولايات المتحدة الأمريكية نفسها. هناك أدلة متزايدة على أن مصدر الجمرة الخبيثة هو مختبر سري للغاية لجيش الولايات المتحدة في ولاية ماريلاند وأن الجناة يشملون مسؤولين رفيعي المستوى في البنية التحتية العسكرية والاستخباراتية الأمريكية".
لقد جاءت هجمات الجمرة الخبيثة القاتلة في الولايات المتحدة بعد هجمات 11 ايلول 2001 بمدة قصيرة ، الأمر الذي شكّل صدمة هائلة للشعب الامريكي ولشعوب العالم على حدّ سواء.
كانت هجمات الجمرة الخبيثة الزيت الذي صبّته الإدارة الأمريكية بدوائرها المخابراتية المختلفة على نار الحملة العالمية التي شنتها تحت شعار "الحرب العالمية على الإرهاب". وقد ترافقت هذه الهجمات – كالعادة – مع حملة إعلامية هائلة شنتها الماكنة الإعلامية الأمريكية الهائلة الساحقة لتضليل الرأي العام العالمي المحلي والعالمي. نجحت هذه الحملة في تحقيق أهدافها التضليلية لمدة ، ولكن التساؤلات الخطيرة المشككة في طبيعة ونوايا ومن يقف خلف هذه الهجمات سرعان ما تصاعدت حتى من داخل المؤسسات السياسية والتشريعية والرقابية والإعلامية في الولايات المتحدة نفسها لتكشف بالأدلة القاطعة أن هذه الحملات الجرثومية المميتة هي نتاج عملية "داخلية" تمت حياكة خيوطها السود من قبل جهات أمريكية ترتبط بالكارتل العسكري – الاقتصادي (الدوائي البايولوجي خصوصا) – المخابراتي الأمريكي.
في هذه الحلقات سوف نقوم بتقديم الأدلة الناجعة على أن الإدارة الأمريكية لا تتورّع أبداً عن تدمير حتى الشعب الأمريكي نفسه إذا استلزمت ذلك مصالح الحفنة الاستغلالية الحاكمة في المجمع العسكري الاقتصادي المخابراتي، وأن هجمات الجمرة الخبيثة هي حلقة ضمن سلسلة طويلة من حلقات هذا المخطط التآمري.
لنتوقف أولا للتعرّف بصورة موجزة على طبيعة مرض الجمرة الخبيثة.
ما هو مرض الجمرة الخبيثة ؟
___________________
الجمرة الخبيثة هي مرض بكتيري خطير تسببه عصيات الجمرة الخبيثة Bacillus anthracis التي تحدث في المقام الأول في الحيوانات مثل الأبقار والأغنام والخيول والبغال. البشر والخنازير عادة ما يكونون مقاومين جدا للجمرة الخبيثة. يُصاب البشر بالمرض عندما تدخل جراثيم الجمرة الجسم عن طريق الاتصال بالحيوانات المصابة بالمرض أو من الاتصال بالمنتجات الحيوانية الملوثة، ولدغ الحشرات، والابتلاع، أو الاستنشاق.
مرض الجمرة الخبيثة نوعان: الجمرة الخبيثة الجلدية والجمرة الخبيثة التنفسية. الجمرة الخبيثة الجلدية هي الشكل الأكثر شيوعا للمرض ويحصل من التلامس الجلدي بالمنتجات الحيوانية الملوثة بالجمرة الخبيثة لدى المزارعين، وفارزي الصوف، والدباغين، وعمال الفرش والسجاد في الأيام التي كانت فيها الفرش والسجاد من المنتجات الحيوانية. ويتميز هذا النوع بحصول التهاب جلدي موضعي مع ظهور ندبة مركزية محاطة بوذمة ملحوظة (تورم). السمة المميزة لمرض الجمرة الخبيثة الجلدية هي الجمرة، وهي مجموعة من الدمامل، التي تتقرح. عادة، الجمرة تتكون من مركز أسود صلب محاطة بالتهاب أحمر مشرق. ويمثل هذا المظهر الدراماتيكي سبب تسميتها بـ "الجمرة الخبيثة"، "anthrax" ، وهي الكلمة اليونانية التي تعني "الفحم"، وحرق الفحم.
يتم علاج الجمرة الخبيثة بالمضادات الحيوية مثل البنسلين، التتراسكلين، الاريثروميسين، والسيبروفلوكساسين (سيبرو).
أمّا الجمرة الخبيثة التنفسية (الرئوية) فتحصل من استنشاق الجمرة الخبيثة (داء فارزي الصوف) وعادة ما ينطوي على نزف داخل الصدر، يتحول المرض بعدها إلى مرض شامل للجسم كله، ويحمل معدل وفيات مرتفع جدا. يمكن الجمرة الخبيثة. ويحصل هذا النوع من استنشاق جرعة كبيرة من جراثيم الجمرة الخبيثة، وعادة ما يحصل ذلك في مكان مغلق محمي من أشعة الشمس المباشرة. (هذه الجراثيم تُقتل بسرعة بواسطة أشعة الشمس). الشكل الرئوي هو حالة من حالات الطوارئ ويتطلب العلاج الوريدي المستمر بالمضادات الحيوية (مثل البنسلين مع الستربتومايسين).
وهناك النوع المعوي الذي يحصل عن طريق تناول اللحوم الملوثة بالجمرة الخبيثة.
(عن ويكيبيديا و medicinenet.com)
الحكومة الأمريكية هي الجاني في هجمات الجمرة الخبيثة
_______________________________
يقول المحقق الصحفي الشهير "واين مادسن" في مقالته الخطيرة "الجمرة الخبيثة والوكالة : التفكير في المالا يمكن التفكير فيه Anthrax And The Agency - Thinking The Unthinkable " :
"بعد وقت قصير من الهجمات بالطائرات المخطوفة على نيويورك وواشنطن، جاءت هجمات الجمرة الخبيثة على مجلس النواب الأمريكي، ووسائل الإعلام الرئيسية، والنظام البريدي في الولايات المتحدة، فألقت إدارة بوش المسؤولية على تنظيم القاعدة والعراق. ومع ذلك، في 23 آذار، أعلن مكتب التحقيقات الفدرالي رسميا أن "تحقيقات شاملة لم تؤيد وجود الجمرة الخبيثة في أي مكان كان فيه الخاطفون". وجاء هذا البيان بعد أن ظهرت قصة ضعيفة مبنية على أساس التخمين في صحيفة نيويورك تايمز. فقد ذكرت المقالة أن طبيب غرفة الطوارىء في فورت لودرديل قد عالج الخاطف السعودي أحمد الهنزاوي في يونيو حزيران 2001 من التهاب الجمرة الخبيثة الجلدية في ساقه. على الرغم من أن الطبيب، كريستوس تسوناس، لم يفكر في أن سبب الآفة سببها الجمرة الخبيثة في الوقت الذي قام بتعقيم ومعالجة الالتهاب، فإنه غيّر رأيه فيما بعد أن أدرك أن الهنزاوي كان أحد الخاطفين.
وعلى الرغم من أن نظرية تسوناس قد رُفضت من قبل مكتب التحقيقات الفدرالي، فإنها قد دُعمت من قبل مركز جامعة جونز هوبكنز لاستراتيجيات الدفاع البيولوجي. جونز هوبكنز لديه رابط خاصة غريبة بالجمرة الخبيثة. فقد عيّن الرئيس بوش مؤخرا مديرا للمعاهد الوطنية للصحة (NIH)، هو الدكتور الياس زرهوني، وهو أستاذ جزائري المولد في جامعة جونز هوبكنز ورجل "نعم" سيئ السمعة للبنتاغون في ما يخص دفاعات الجمرة الخبيثة الحيوية. بوصفه عضوا في معهد طب الأكاديمية الوطنية للعلوم ، قام زرهوني وزملاؤه، وكعاملين في اللجنة الخاصة لمعهد طب الأكاديمية الوطنية للعلوم، بإعطاء الضوء الأخضر للبنتاغون لاستخدام لقاح جمرة خبيثة مشكوك فيه على الأفراد العسكريين. ووفقا للدكتورة ميريل ناس، وهي عضو في اتحاد العلماء الأمريكيين التي قضت ثلاث سنوات في دراسة أكبر وباء للجمرة الخبيثة المسجلة في العالم في زيمبابوي 1979-1980، فإن التقرير الذي تم إعداده من قبل زرهوني وزملاؤه "يعتمد على تجاهل العديد من المعلومات الهامة، وأن وتوصياته تعطي وزارة الدفاع كل ما تريده. وظهر أن التقرير "منسوج" لدعم عدد من مبادرات وزارة الدفاع، وأنه يوفر المبرر اللازم لإعادة تشغيل التطعيمات الإلزامية ضد الجمرة الخبيثة على الرغم من اعتراضات الكثيرين في الكونغرس".
صلة الحكومة الأمريكية بالجمرة الخبيثة ليست نظرية مؤامرة
__________________________________
إنسَ نظريات المؤامرة التي لا أساس لها. هناك أدلة قاطعة على أن مكتب التحقيقات الفيدرالي قد نأى بنفسه باستمرار بعيدا عن متابعة التحقيق في الجمرة الخبيثة، بنفس الطريقة التي تجنب فيها ملاحقة الخيوط في عملية تدمير حاملة الطائرات يو اس اس كول، والسفارات الأمريكية في شرق أفريقيا، وتفجيرات أبراج الخُبر في السعودية.
في 4 أبريل 2004، أذاع المحقق الصحفي لشبكة اي بي سي نيوز "بريان روس" على برنامج أخبار العالم الليلة في قناة اي بي سي أنه بعد ستة أشهر لم تتوفر لدى مكتب التحقيقات الفدرالي أي أدلة وأي مشتبه بهم في تحقيقه في قضية الجمرة الخبيثة. منشق سوفياتي، هو النائب الأول السابق للمدير العام لمعهد بايوبرتات Biopreparat من عام 1988 إلى عام 1992 وخبير الجمرة الخبيثة، كين أليبك Ken Alibek (كاناتجان أليبيكوفKanatjan Alibekov سابقا)، والآن مستشار لحكومة الولايات المتحدة، قدم إدعاء مذهلا هو أن الشخص الذي يقف وراء هجمات الجمرة الخبيثة كان، في الواقع ، قد قدّم المشورة لحكومة الولايات المتحدة. بعد تعريضه لاختبار كشف الكذب، تمت تبرئة أليبك من أي شبهة.
ومن المثير للاهتمام، أن أليبك هو رئيس شركة هادرون للنظم البيولوجية المتقدمة. في 2 أكتوبر 2001، قبل يومين فقط من ظهور حالة الجمرة الخبيثة الأولى في بوكا راتون، بفلوريدا وأسبوع ونصف قبل أن ترسل الجمرة الخبيثة الأولى عن طريق البريد إلى ان بي سي نيوز في نيويورك، تلقت هادرون للنظم البيولوجية المتقدمة منحة مقدارها 800000 دولار من المعاهد الوطنية للصحة لغرض التركيز على توفير دفاعات محددة جدا ضد مرض الجمرة الخبيثة. منذ فترة طويلة ترتبط هادرون بوكالة المخابرات المركزية. وتشمل اتهامات الروابط من قبل العديد من المسؤولين الحكوميين السابقين، بما في ذلك النائب العام الراحل اليوت ريتشاردسون، أن الرئيس السابق للشركة، إيرل بريان، اشترى بصورة غير شرعية نظام قاعدة بيانات تسمى PROMIS (نظام معلومات إدارة الادعاء Prosecutors' Management Information System) من شركة Inslaw، واستغل صلاته بوكالة المخابرات المركزية والمخابرات الإسرائيلية لتوزيع هذا البرنامج بشكل غير قانوني على حكومات أجنبية مختلفة.
ذكر بريان روس ان الوكالات الاستخباراتية والعسكرية في الولايات المتحدة رفضت تزويد مكتب التحقيقات الفدرالي بقائمة كاملة عن المرافق والموظفين الذين يعملون على مشاريع سرية للجمرة الخبيثة. بسبب هذه المماطلة، فقد تم حجب أدلة حاسمة. وقال البروفيسور جين غيلمان من مركز دراسات الأسلحة البيولوجية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا لقناة ايه بي سي نيوز: "نحن نتحدث هنا عن المختبرات التي من الممكن أن تُنتج فيها المواد التي أرسلت في رسالة داشل وفي رسالة ليهي (عضوي الكونغرس). وأعتقد أن هذا ما يحاول مكتب التحقيقات الفدرالي معرفته حتى الآن".
لكن يبدو أن مكتب التحقيقات الفدرالي لا يرغب في متابعة هذه الخيوط الهامة.
وكالة المخابرات المركزية تختبر الجمرة الخبيثة ونظام بريد الولايات المتحدة
__________________________________________
أول وسيلة إعلامية كبيرة اتهمت مكتب التحقيقات الفدرالي بالمماطلة هي البي بي سي. في 14 آذار، أذاعت البي بي بي سي مقابلة مع الدكتورة باربارا روزنبرج من اتحاد العلماء الأمريكيين. بعد ان زعمت أن وكالة المخابرات المركزية هي المعنية، من خلال متعاقدين مع الحكومة، في القيام باختبار سري لارسال الجمرة الخبيثة عن طريق البريد، هوجمت روزنبرغ، وهي شخص له علاقات وثيقة بمجتمع الحرب البيولوجية، من قبل البيت الأبيض ومكتب التحقيقات الفدرالي، وليس من المستغرب من قبل وكالة الاستخبارات المركزية .
قابلت هيئة الاذاعة البريطانية أيضا الدكتور تيموثي ريد من معهد بحوث الجينوم وخبير بارز في الخصائص الوراثية لمرض الجمرة الخبيثة. قال ريد أن السلالتين الجرثوميتين، "هما بالتأكيد وثيقتا الصلة ببعضها البعض". ومع ذلك، فإن ريد لم يستطع الذهاب إلى حد القول بأن سلالة فلوريدا، والمعروفة باسم سلالة أميس Ames strain، والتي طُوّرت في مختبرات فورت ديتريك السرّية للغاية للحرب البيولوجية التابعة للجيش الأميركي - والمعروف رسميا باسم معهد بحوث الجيش الأمريكي الطبية للأمراض المعدية - كانت واحدة ومشابهة.
كان وليام كابرز باتريك جزءاً من برنامج تطوير الجمرة الخبيثة في فورت ديتريك الذي اوقف "رسميا" في عام 1972 عندما وقّع الرئيس ريشارد نيكسون، جنبا إلى جنب مع الاتحاد السوفياتي والمملكة المتحدة، اتفاقية الأسلحة البيولوجية. كان نيكسون قد اصدر اوامره فعليا لوزارة الدفاع الأمريكية لوقف إنتاج الأسلحة البيولوجية في عام 1969. ويبدو الآن أن المجتمع العسكري والمخابراتي الأمريكي لم ينفذ أوامر نيكسون وأنه قد انتهك باستمرار المعاهدة الرسمية التي وقعتها الولايات المتحدة.
كوبا اتهمت الولايات المتحدة بصورة مؤكدة باستخدام أسلحة الحرب البيولوجية ضدها خلال السبعينات. في كتابه، "الحرب البيولوجية في القرن ال21"، يشير مالكولم داندو إلى الهجمات البيولوجية للولايات المتحدة ضد الجزيرة الكاريبية. استهدفت الحملة السرية الأمريكية محصول التبغ الكوبي باستخدام العفن الأزرق، ومحصول قصب السكر باستخدام قصب التفحم، والماشية باستخدام حمى الخنازير الأفريقية، والسكان الكوبيين باستخدام سلالة نزفية من حمى الضنك.
في ديسمبر/كانون الأول الماضي، ادعت صحيفة نيويورك تايمز بأن باتريك قام بتأليف ورقة سرية حول آثار ارسال الجمرة الخبيثة عن طريق البريد، وهو التقرير الذي قام بإنكاره. ومع ذلك، قال باتريك لبي بي سي إنه فوجئ بأنه كخبير في الجمرة الخبيثة (كان عضوا في فريق تفتيش الحرب البيولوجية التابع للامم المتحدة في التسعينات) لم يُسأل من قبل مكتب التحقيقات الفدرالي مباشرة بعد هجمات الجمرة الخبيثة الأولى.
ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية أن معهد باتيل التذكاري (المقاول المفضل للبنتاغون ووكالة الاستخبارات المركزية وفيه عمل أليبك كمدير لبرنامج الحرب البيولوجية في عام 1998) أجرى اختبارا للأسلحة البيولوجية السرية في صحراء نيفادا باستخدام جراثيم الجمرة الخبيثة المعدلة وراثيا في أوائل سبتمبر/ أيلول الماضي، قبل الهجمات الإرهابية على مركز التجارة العالمي. ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية أن ورقة باتريك عن ارسال الجمرة الخبيثة عبر البريد كانت أيضا جزءا من عمل مقاولة سرية على العامل البكتيري القاتل.
ولكن هل من المعقول أن حكومة الولايات المتحدة تُخضع مواطنيها دون علمهم لاختبار خطير للأسلحة البيولوجية؟
الأدلة من التجارب الماضية تشير إلى أنها قد قامت بذلك بالفعل. وفقا لمالكوم داندو، فإنه في الخمسينات، أطلق الجيش الأمريكي إناث بعوض غير مصابة في منطقة سكنية في سافانا، بجورجيا. ومن ثم بدأ بدراسة كم هو عدد المنازل التي دخلتها وكم هو عدد الناس الذين تعرضوا للسعاتها. في عام 1956، تم إطلاق 600000 بعوضة من طائرة على نطاق القصف. في غضون يوم واحد، كان البعوض قد قطع مسافة ميلين ولسع العديد من الناس. في عام 1957، أطلقت طائرة سم جرثومة حمّى الكيو Q-Fever، واستنتج الجيش أنه إذا استخدمت جرعة أكثر فعالية، فإن 99 في المائة من البشر في هذه المنطقة سوف يُصابون بالمرض. في الستينات، تمّ تعريض بعض الأفراد الذين يعملون في وظائف غير قتالية في الجيش، لحمى الأرانب المحمولة جوا. وبالإضافة إلى كشوفات مالكولم داندو، أفاد مسؤول مدني رفيع المستوى متقاعد في الجيش الأمريكي أن الجيش استخدم شكلا من الهباء الجوي من الإنفلونزا يصيب أنظمة مترو الانفاق في نيويورك وشيكاغو وفيلادلفيا في أوائل الستينات.
من فورت ديتريك مع الحب
________________
ذكرت صحيفة هارتفورد كورانت Hartford Courant في يناير الماضي أنه تم الإبلاغ عن إختفاء 27 مجموعة من عينات السموم البيولوجية من مختبر فورت ديتريك بعد إجراء جرد في عام 1992. وذكرت الصحيفة أن من بين العينات المفقودة كانت سلالة أميس من الجمرة الخبيثة. وقال فنّي سابق في مختبر ديتريك يدعى إيريك أولدنبرغ للصحيفة أنه حينما كان يعمل في ديتريك، فإنه كان يتعامل مع سلالة أميس فقط، وهي نفس السلالة التي تم إرسالها إلى مجلس الشيوخ ووسائل الإعلام. كشفت هارتفورد أيضا أن العينات الأخرى المدرجة في عداد المفقودين هي عينات من جراثيم ايبولا وفيروس هانتا، وإيدز القرد، وعينيتين أطلق عليهما وصف "غير معروف"، وهو مصطلح للتغطية يُستخدم في الأبحاث السرية على العوامل البيولوجية.
وقال ستيفن بلوك من جامعة ستانفورد، وهو خبير في الحرب البيولوجية لصحيفة دالاس مورنينغ نيوز أن "العملية الأمريكية لإعداد الجمرة الخبيثة هي سرية في تفاصيلها، ولكن الخبراء يعرفون أنها تنتج مسحوقا نقيا للغاية. غرام واحد يحتوي على تريليون جرثومة.. ويبدو من جميع التقارير حتى الآن أن هذه هي الصيغة المثالية لمسحوق الجرثومة. وهذا يعني أن الإرهابيين إما كانت لديهم معلومات من الولايات المتحدة أو أنهم هم الولايات المتحدة ".
وقال أيضا، "إن مكتب التحقيقات الفيدرالي، وبعد كل هذه الشهور، لم يقبض على أي شخص... ومن الممكن، كما يُعتقد، أنه يمكن أن يتراجع لأن الشخص المسؤول يمتلك معلومات سرية لا ترغب حكومة الولايات المتحدة في كشفها".
وما لا تريد الحكومة كشفه هي حقيقة أن الولايات المتحدة كانت في انتهاك صارخ لاتفاقية الأسلحة البيولوجية لعام 1972. المادة 1 من الاتفاقية تنص على وجه التحديد: "كل دولة طرف في هذه الاتفاقية يجب ألا تقوم في أي ظرف من الظروف بتطوير أو إنتاج أو تخزين أو اقتناء أو الاحتفاظ بـ : 1. العوامل الجرثومية أو العوامل البيولوجية الأخرى، أو السموم أيا كان أصلها أو طريقة إنتاجها، من أنواع وبكميات لا مبرر لها لأغراض سلمية للوقاية أو الحماية أو غيرها. 2. الأسلحة أو المعدات أو وسائل الإيصال المصممة لاستخدام هذه العوامل أو السموم لأغراض عدائية أو في نزاع مسلح ".
وفاة الدكتور دون وايلي: هل هي جريمة قتل
________________________
الشخص الوحيد الذي كان في وضع يمكنه من معرفة أصل الجمرة الخبيثة التي أرسلت من خلال خدمة البريد في الولايات المتحدة قضى نحبه بشكل مشبوه جدا بعد شهر واحد فقط من بدء الهجمات لأول مرة.
"الانتحار" ثم "الموت المفاجئ" لعالم الفيزياء الحيوية في هارفارد وخبير الجمرة الخبيثة، والإيبولا، والإيدز، والهربس، والانفلونزا، الدكتور دون وايلي، على الطريق السريع فوق الجسر الذي يربط غرب ممفيس بأركنساس، ربما كان عملية اغتيال مخططة جيدا، وفقا لمسؤولي إنفاذ القانون المحليين في ولاية تينيسي وأركنساس.
في 15 نوفمبر، وُجدت سيارة وايلي المستأجرة مهجورة (متسوبيشي كالانت). والغريب أنها كانت في المسار الخطأ من الجسر. كانت مفاتيح التشغيل ما تزال في السيارة، وخزان الوقود مملوءا، وكان غطاء العجلة الأمامية اليمنى مفقودا، وكانت هناك علامات كشط صفراء على جانب السائق من السيارة، مما يشير إلى احتكاك أو اصطدام من هذا الجانب.
وايلي شوهد آخر مرة قبل أربع ساعات، حوالي منتصف الليل، قبل العثور على سيارته على الجسر حوالي الساعة 4:00 فجرا. وكان آخر مرة شوهد فيها في بهو فندق ممفيس بيبودي، حيث غادر مأدبة أقامها مستشفى سانت جود للأطفال، الذي يعمل في مجلسه الاستشاري. "استنتجت" الشرطة بسرعة أن ايلي انتحر بالقفز من فوق الجسر إلى نهر المسيسيبي. يبدو أن استنتاج الشرطة المبكر، الذي حصل دون إجراء تحقيق كامل، قد تم تصميمه من قبل مكتب التحقيقات الفدرالي. يوم 20 ديسمبر، تم انتشال جثة ايلي من نهر في لويزيانا، 320 ميلا الى الجنوب من مدينة ممفيس. بعد أن رفض أهل وأصدقاء وايلي مزاعم الانتحار، استنتج الطبيب الشرعي في ممفيس في 14 يناير 2002 أن وايلي مات "عرضيا" حيث سقط من على جانب الجسر بعد حادث سيارة طفيف.
ليس الأمر كذلك، كما يقول مسؤول مخضرم عن إنفاذ القانون المحلي خُصص أصلا لبحث احتمال القتل في القضية. ادعت شرطة ممفيس أنه كانت هناك فقط 15 دقيقة بين الجولة التفتيشية الأخيرة للشرطة على الجسر والوقت الذي اكتشفت فيه مركبة وايلي المهجورة. انهم يشتبهون في أن وايلي قد قُتل. ومع ذلك، فإن مكتب FBI المحلي في ممفيس تمسك بقصة أن وفاة وايلي لم تكن نتيجة "مؤامرة". وقال محقق شرطة ممفيس "أن التقارير الصحفية عن حادث وايلي لا تقدم أي شيء واضح بالنسبة لي"، مضيفا "كل ما ينسب إلى "حادث" يمكن أن يعزى أيضا إلى شيء آخر".
ومع ذلك، وفقا لمصادر بالمخابرات الامريكية، فإن وايلي قد يكون ضحية لضربة من وكالة الاستخبارات. أن التناغم في تصريحات الشرطة المحلية حول ان مكتب التحقيقات الفدرالي ووكالات الولايات المتحدة الاستخبارية الأخرى تدخلت لمنع شرطة ممفيس المحلية من إلقاء نظرة فاحصة في هذه القضية. موظفو مستشفى سانت جود للأطفال في ممفيس، الذي يعمل وايلي في مجلسه الاستشاري، غُمر فجأة بالشائعات حول أن وايلي كان يائسا ويشرب بإفراط.
وهذه حيلة كلاسيكية لوكالة المخابرات ان تنشر المعلومات المضللة عن ضحايا "ينتحرون" بعد قتلهم. وتشمل الشائعات المفضلة تلك المتعلقة بإدمان الكحول، والاكتئاب، واللواطة، والاختناق المثير للذة الجنسية الذاتية، وإدمان المخدرات، واستحواذ المواد الإباحية، وخاصة المواد الإباحية المتعلقة بالإطفال.
ووفقا للشرطة المحلية، كان من السهل تحديد ما إذا كان وايلي يشرب بإفراط وذلك من خلال تشريح جثته. تعتقد الشرطة أيضا أنه إذا ترك وايلي حفلة العشاء وهو مخمور فإنه، بعد أربع ساعات،سيكون صاحيا بصورة تكفي لأن لا يسقط من فوق سياج الجسر. أيضا، فإن سور الجسر مرتفع وأعلى من قامة وايلي ولا يمكن ان يكون الأخير قد سقط من دون مساعدة. إضافة إلى حقيقة أن لا أحد في تاريخ الجسر قد سقط من فوق سياجه.
شعرت الشرطة أيضا أنه في الساعة 4:00 صباحا، كان ينبغي أن يكون هناك شخص آخر على الجسر أخبر الشرطة عن شخص كان يقود أسفل الطريق السريع في المسار الخطأ. واذا أخذنا حقيقة أن الوصول يقتصر على الجسر، فلا يملك المرء إلا أن يعتقد أن وايلي كان قد قطع مسافة طويلة على المسار الخطأ. بعض أفراد الشرطة لديهم رأي آخر مهم هو أن وايلي قد زُرق بإبرة وأن السبب الوحيد لإغراقه في نهر المسيسيبي السريع هو أنه مع طول وقت وجوده في الماء (شهر واحد)، فإن أثر الإبرة سوف يختفي إلى حد كبير.
ثم حصل تطور غريب آخر. في يوم 14 مارس، تم العثور على قنبلة وعبوتين ناسفتين صغيرتين في مركز الطب الشرعي المحلي في مقاطعة شيلبي ، الذي يضم المشرحة ومكتب الفحوص الطبية الذي أجرى التشريح لجثة وايلي. وقال الدكتور سميث، الطبيب الشرعي: "لقد قمنا بعدة حالات رفيعة المستوى من الدكتور وايلي إلى كاثرين سميث (موظفة في قسم المركبات وُجدت في ظروف غامضة وقد احترقت حتى الموت في سيارتها بعد اتهامها في تحقيق فدرالي بالتآمر لمنح رخص قيادة مزورة لرجال من أصول شرق أوسطية)، ولكن لم يكن هناك أي مؤشر على أننا قمنا بإزعاج أحد... نحن لا نعرف إذا كنا هدفا مقصودا أم لا".
وكشفت مصادر مطلعة في المخابرات الامريكية والأجنبية أن وايلي قد تم إسكاته بسبب اكتشافه عمل الحكومة الامريكية على عوامل الحرب البيولوجية بعد فترة طويلة من توقيع الولايات المتحدة، جنبا إلى جنب مع الاتحاد السوفياتي وبريطانيا، اتفاقية الأسلحة البيولوجية لعام 1972.
صلة بالبرنامج الجرثومي في جنوب أفريقيا
________________________
ويمكن ربط وفاة وايلي أيضا بكشوفات كُشف عنها مؤخرا في جنوب أفريقيا. فخبرته في البصمات الوراثية لمختلف السلالات الجرثومية قد قادته إلى بلدان معينة ومشاريع الحرب البيولوجية الخاصة بها.
كانت وسائل الإعلام في جنوب أفريقيا قد ضجّت بتفاصيل برنامج الحرب البيولوجية السابق في البلاد وصلاته بوكالة المخابرات المركزية. كان برنامج الحرب البيولوجية والكيميائية في جنوب افريقيا يحمل الإسم الشفري مشروع ساحل Project Coast وكان مركزه في مختبرات بحوث روودبلات Roodeplat شمال بريتوريا. هذا المختبر احتفظ بصلات بمرفق الحرب البايولوجية في فورت ديترك بالولايات المتحدة ومختبر داون بورتون Porton Down Laboratory في بريطانيا. وبحسب ما ورد عن رئيس البرنامج في جنوب أفريقيا، الدكتور فوتر باسون، فإنه قد عُرضت عليه وظيفة في وكالة المخابرات المركزية في الولايات المتحدة بعد سقوط نظام الفصل العنصري. ووفقا لنائب مدير وكالة الاستخبارات الوطنية في جنوب افريقيا السابق مايكل كينيدي، عندما رفض باسون العرض، هددته وكالة الاستخبارات المركزية بالقتل. ومع ذلك، ضغطت الولايات المتحدة على الرئيس الجديد نيلسون مانديلا لتسليمها السجلات وثمار عمل باسون . وقد ذُكر أنه تمّ نقل جزء كبير من هذا العمل إلى فورت ديتريك.
وقد ادعى باسون أيضا أنه كان متورطا في مشروع يسمى عملية الموز Operation Banana، والتي، باستخدام منطقة إل باسو، بتكساس كقاعدة بمباركة وكالة الاستخبارات المركزية، بدأت بنقل الكوكايين إلى جنوب أفريقيا من بيرو. الكوكايين، الذي كان يُخبأ في الموز، كان يستخدم في تطوير أدوية جديدة تسبب العجز.
واحد من المشاريع السرّية في جنوب أفريقيا كان ارسال الجمرة الخبيثة عن طريق البريد. ومن بين التقنيات التي سقطت في أيدي الأميركيين كانت طريقة لإرسال جراثيم الجمرة الخبيثة، مع تأثير مميت، من خلال دمجها على الحافة الصمغية من مظاريف الرسائل.
أما الأسلحة البيولوجية والكيميائية الأخرى التي نُقلت من جنوب أفريقيا إلى وكالة المخابرات المركزية فقد شملت، بالإضافة إلى الجمرة الخبيثة: الكوليرا والجدري، السالمونيلا، البوتولينوم، حمّى الأرانب، الثاليوم، القولونية، الراسين racin، الفوسفات العضوية، التهاب اللفافة الناخر، والتهاب الكبد الفيروسي نوع A، فيروس نقص المناعة البشرية، نظيرة التيفية، غاز الأعصاب السارين VX، والإيبولا، ماربورغ، حمّى الوادي المتصدع النزفية، فيروسات حمى الضنك، وفيروس غرب النيل، وغاز CR المسيل للدموع والقوي للغاية، عقارات نشوة الهلوسة، الماندراكس، BZ، الكوكايين، والعقاقير المضادة للتخثر، وحقن عقاقير التخدير القاتلة الفتاكة مثل السكولين والتيوبارين والسيانيد.
العديد من عائلة الدكتور ايلي وأصدقائه شكّكوا في أنه انتحر. وحقيقة أنه كان بالتأكيد في وضع يمكنه من معرفة نشأة مختلف الفيروسات والبكتيريا - التي كان يمكن أن تؤدي إلى حكومة الولايات المتحدة - قد جعلت منه هدفا رئيسيا لحكومة تسعى للتغطية على عملها غير الشرعي في الحرب البيولوجية.
بحث دون وايلي على الجمرة الخبيثة
____________________
كانت لوايلي اتصالات هامة حول بحوث الجمرة الخبيثة. ولم يكن وايلي فقط أستاذا بجامعة هارفارد، ولكنه كان يجري الأبحاث أيضا في مركز هوارد هيوز الطبي بولاية ماريلاند، والذي يعمل لصالح المعاهد الوطنية للصحة. في 1 أكتوبر 2001، أي قبل اكتشاف أول حالة للجمرة الخبيثة في ولاية فلوريدا بثلاثة أيام فقط ، أعلن مركز هيوز ان فريق هارفارد هيوز المشترك قد نجح في تحديد جينات الفأر التي تجعل الفئران مقاومة لبكتيريا الجمرة الخبيثة. على الرغم من أن وسائل الإعلام فشلت في أن تستخدم هذه المعلومة في وقت لاحق، فإن هذا البحث المشترك قد استخدم خبرات وايلي في مجال الجهاز المناعي. الجين الجديد الذي عرف باسم Kif1C، يقع في كروموسوم 11 من خلية الفأرة ، يعزّز أنظمة الدفاع لخلايا المناعة الخاصة، التي تُسمّى الخلايا البلعمية (الماكروفيجس macrophages)، ويحميها من الآثار المدمرة لبكتيريا الجمرة الخبيثة.
ولم يكن وايلي حالة الوفاة المشتبه فيها الوحيدة لعالم متخصص بالدفاعات البيولوجية. قبل ثلاثة أيام من وفاة وايلي، توفي الدكتور بينيتو كيو، المتخصص بعلم الأحياء الخلوي في مدرسة ميامي الطبية المتخصصة في الأمراض المعدية، في هجوم عنيف. وذكرت صحيفة ميامي هيرالد أن كيو مات بعد "أن هاجمه أربعة رجال مسلحين بمضرب بيسبول وهو في سيارته". بعد وفاة وايلي بأسبوع، عُثر على الدكتور فلاديمير باسشنيك، وهو عالم سابق في مختبرات بايوبريبارات Biopreparat لإنتاج الأسلحة البايولوجية في الاتحاد السوفياتي، ميتاً من سكتة دماغية مزعومة في ويلتشير، ليس بعيدا عن مركز بورتون داون للحرب البايولوجية في بريطانيا. كان باسشنيك قد انشق عن الاتحاد السوفيتي في عام 1989 وكان خبيرا في برامج الجمرة الخبيثة والجدري والطاعون، وحمى الأرانب السوفيتية. وفي مختبرات Biopreparat، عمل باسشنيك لصالح أليبيك، الذي انشق بعد ثلاث سنوات. وعندما توفي باسشنيك، كان يقوم بمساعدة جهود الحكومة البريطانية في اختراع دفاعات حيوية ضد مرض الجمرة الخبيثة.
الجمرة الخبيثة وعملية نورث وودز الإنقلابية ومحاولة توريط كوبا
______________________________________
بالنسبة لأولئك الذين لا يصدقون بإمكانية أن تكون حكومة الولايات المتحدة هي المشتبه به رقم واحد في هجمات الجمرة الخبيثة، يمكن توجيههم إلى كتاب جيمس بامفورد عن وكالة الأمن القومي، "هيئة من الأسرار Body of Secrets". هذا الكتاب يكشف أنه في عام 1962، كان رئيس هيئة الأركان المشتركة ليمان ليمنتزر يخطط، جنبا إلى جنب مع عضو آخر في هيئة الأركان المشتركة، للقيام بانقلاب ضد إدارة الرئيس كينيدي باستخدام أعمال إرهاب من قبل الجيش ولكن يُلقى اللوم فيها على حكومة كاسترو في كوبا. العملية السرية، التي أُطلق عليها اسم عملية نورث وودز، تنطوي على قيام افراد الجيش الامريكى باطلاق النار على الأبرياء في شوارع المدن الأمريكية، وإغراق القوارب التي تحمل اللاجئين الكوبيين الى ولاية فلوريدا، وإجراء التفجيرات الإرهابية في واشنطن العاصمة وميامي ومدن أخرى. جَعْل الناس الأبرياء يصبحون عرضة للتفجيرات واختطاف الطائرات. ووُضعت خطط لاسقاط طائرات مدنية في طريقها من الولايات المتحدة الى جامايكا، غواتيمالا، بنما، وفنزويلا ومن ثم إلقاء اللوم على كوبا. واعتزم الجيش الأمريكي أيضا الهجوم على جامايكا وترينيداد وتوباغو، وكلاهما مستعمرات بريطانية، وجعل الامر يبدو وكأن الكوبيين قد فعلوا ذلك من أجل إشعال حرب بين بريطانيا وكوبا.
حتى الآن، رفضت إدارة بوش دعم تحقيق كامل ومستقل في الكونغرس في أحداث 11 سبتمبر والأحداث اللاحقة التي تشمل الجمرة الخبيثة. ويبدو أن هذه الإدارة ووكالات الثلاثة أحرف التي الإدارة مولعة جدا في مدحها وتقديرها، وتمويلها، تعرف المزيد عن مصدر هجمات الجمرة الخبيثة أكثر مما تعترف به. وإذا كان للمثل القائل "حيث هناك دخان، هناك نار"، أي أساس من الحقيقة، فإن الولايات المتحدة هي في خضم جحيم مستعرة. فمن يجيب إنذار الحريق؟
هجمات الجمرة الخبيثة ضمنت مليارات الدولارات لشركات الأدوية واللقاحات
__________________________________________
يقول الصحفي "بول لاباريك" في مقالة نشرتها شبكة فولتير عنوانها : "وباء أو دعاية؟ تسمم الجمرة الخبيثة"
بعد فترة قصيرة من هجمات 11 سبتمبر 2001، تعرضت الولايات المتحدة إلى هجوم إرهابي بيولوجي عن طريق رسائل الجمرة الخبيثة الغامضة التي تم إرسالها إلى صحفيين مشهورين وأعضاء في الكونغرس. لطمأنة السكان، أو بالأحرى تخفيف الهلع، أعلن الرئيس بوش بعدم وجود تلوث. وخضوعا لحالة ذهان (جنون) جماعية، علقت البلاد جزءا كبيرا من أعمالها ونشاطاتها. لكن هذه الكارثة الاقتصادية كانت نعمة لبعض شركات الأدوية المرتبطة بالإدارة الأمريكية، والتي كانت تحتكر صناعة اللقاحات والأدوية.
منذ 11 سبتمبر، غرقت الولايات المتحدة في رعب هائل من هجوم بيولوجي. وبعيدا عن كونه غير منطقي للجميع، فإن هذا الذهان يغذّي صفقات شركات الأدوية الكبرى المرتبطة بإدارة بوش.
والجمرة الخبيثة، مرض معد تسببه بكتيريا الجمرة الخبيثة. الحالات البشرية تتعلق أساسا بالجلد (الجمرة الخبيثة الجلدية) أو بالرئتين (الجمرة الخبيثة في الجهاز التنفسي). في الطبيعة، غالبا ما تكون الحيوانات مثل الأغنام والماعز هي التي تتأثر بهذا المرض. أما السكان فإن الأكثر عرضة للإصابة هم المزارعون والأطباء البيطريون وعمال الدباغة والصوف. بالنسبة للجمرة الخبيثة الجلدية، فمن الضروري أن تكون البكتيريا على اتصال بجرح أو خدش أو تهيج في الجلد، مما يسمح لها بالدخول والنمو. وعندما يتلقى الأفراد المصابون العلاج المناسب فإن الوفيات نادرة للغاية. وبالمثل، إذا تم الكشف عن استنشاق الجمرة الخبيثة بسرعة كافية، فإن العلاج بالمضادات الحيوية قد يمنع تطورها، والذي يمكن أن يستغرق عدة أيام أو حتى 60 يوما. ظهور المرض في أكتوبر 2001، في مسودات صحيفة فلوريدا وجه البحث فورا نحو التلوث المتعمد وليس التصادفي. صحيح أن المسرح قد أُعدّ بالفعل؛ فلعدة أشهر، طُرح افتراض استخدام الجمرة الخبيثة من قبل المنظمات الإرهابية من قبل العديد من الدول التي تصنّعها.
رامسفيلد يعلم الغيب ويتنبأ بالهجمات الجرثومية
____________________________
رامسفيلد ، وزير دفاع حكومة بوش، هو واحد من هؤلاء الذين تنبأوا بهذه الهجمات. فهو يمتلك موهبة قراءة الغيب حيث كان قد توقع سابقا هجمات 11 أيلول 2001. لقد كانت الهجمات التي ضربت مركز التجارة العالمي في ذلك اليوم في الواقع عملية مماثلة "لبيرل هاربور جوّية" كان رامسفيلد قد دعا إلى توقعها قبل ثمانية أشهر، في لجنة رسمية لـ "تقييم التنظيم والتخطيط الأمني للولايات المتحدة في الفضاء". وفي صباح يوم الثلاثاء الشائن استقبل رامسفيلد مسؤولي البرنامج الصاروخي في مكتبه وأبلغهم يقينه بأن هجوما سوف يقع فورا. منذ ذلك التاريخ، فإن تنبؤات "الرائي" رامسفيلد تميل إلى أن تقع فعليا. وهكذا، في يوم 16 سبتمبر، أي بعد خمسة أيام فقط من الهجمات، أعلن وزير الدفاع أن "هجوم إرهابي جديد يمكن أن يحدث في أي وقت. (...) ويمكن أن يهددوننا بالحرب الكيميائية والصواريخ البيولوجية". هذه الفرضية ليست جديدة فعليا. ففي عهد بيل كلينتون، تحدث ويليام كوهين، وزير الدفاع سلف رامسفيلد، عن "انتشار افتراضية لجراثيم الجمرة الخبيثة في مترو العاصمة واشنطن، الذي من شأنه أن يوقع عشرات الآلاف من القتلى".
إنقاذ شركة بايوبورت للقاحات وشركة باير للأدوية من الإفلاس
___________________________________
ووفقا للرواية الرسمية، فإن إدارات الدول المسؤولة يجب أن تكون منتبهة بشكل خاص لمشكلة الجمرة الخبيثة منذ اكتشاف مخزونات هذا السلاح خلال حرب الخليج في عام 1991. ولهذا السبب، قررت وزارة الدفاع الأمريكية، في عام 1998 ، تطعيم كل منتسبيها، وأول الجنود الذين أرسلوا الى منطقة الخليج. ولكن هل هي سياسة وقاية وحماية أو خطوة للإنشاء المصطنع لسوق جديدة لصناعة الأدوية؟
هذا السؤال الاستفزازي المتعمد، لا يخلو من الفائدة عندما ننظر في القضايا الاقتصادية المرتبطة بالتحضير للحرب البيولوجية. فنظرا لتعدد الجراثيم التي تُستخدم لأغراض عسكرية وتنوّع الوسائل اللازمة لمنع هذا الخطر، فمن المستحيل فعليا توفير الحماية ضد استخدام هذه الأسلحة. وليست هذه هي نفس الحال إذا ركزنا، بصورة وهمية، على تهديد محدد. فعلى سبيل المثال من الممكن مكافحة مرض مثل الجمرة الخبيثة. فهذا السوق يهيمن عليه احتكار مزدوج. وهناك شركة واحدة فقط قادرة على تصنيع اللقاحات التي تحصّن جسم الإنسان ضد مرض الجمرة الخبيثة: شركة بايوبورت BioPort ومقرها في مشيغان. أما بالنسبة للمضادات الحيوية، والتي تسمح بالعلاج في حالة التلوث والإصابة بالمرض، فالمجموعة الصيدلانية الألمانية؛ شركة باير، تمتلكها حصرياً. وصادف – ويا للصدف - أن الشركتين كانتا في وضع مالي حرج وحساس جدا وقريبتين من الإفلاس قبل هجمات 11 سبتمبر.
منذ السبعينات، كانت مختبرات لانسينغ MBPI ، المملوكة سابقا من قبل ولاية ميشيغان، هي المورّد الوحيد للقاح ضد مرض الجمرة الخبيثة في الجيش الأمريكي. في ديسمبر 1996، كانت هذه المختبرات موضوع تحقيق شامل من قبل إدارة الغذاء والدواء FDA، مما يؤدي إلى الإنذار بخطر إلغاء ترخيص المختبر، في 3 نوفمبر 1997 .
في ذلك الوقت، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية في مارس 1997 عن أن انها ستطلق حملة تطعيم شاملة لجميع قواتها. لكن المشروع ولد ميتا: فتحذير إدارة الأغذية والعقاقير أجبر الشركة على وقف عملياتها حتى ترميم منشآتها في فبراير 1998. وبعد أن أصبحت جثة هامدة، بيعت من قبل ولاية ميشيغان لشركة غير معروفة، هي شركة بايوبورت BioPort، التي اشترت المختبرات بمبلغ 25 مليون دولار في سبتمبر عام 1998، بعد أن ضمنت مسبقا منحة من وزارة الدفاع الأمريكية بمبلغ 15 مليون دولار لتجديد المرافق.
قائد عسكري أمريكي يمتلك 22% من أسهم شركة اللقاحات ولم يدفع فلسا واحداً!
____________________________________________
ويعني هذا القرار أن شركة بايوبورت BioPort تتمتع باتصالات مميزة مع الإدارة العسكرية الأمريكية. وهذا الافتراض أكده التوقيع، بعد شهر من شراء MBPI، على عقد بقيمة 29 مليون دولار مع وزارة الدفاع لـ "إنتاج واختبار، وتعبئة وتخزين لقاح ضد مرض الجمرة الخبيثة". البنتاغون لم ييأس من تطعيم 2.4 مليون جندي، من مشاة البحرية والطيارين الحربيين الذين يخدمون تحت علم الولايات المتحدة وسيعيد مشروعه رسميا في مايو. وبذلك يرتفع التشكيك في هوية أصحاب شركة بايوبورت. اتضح أن الشركة تأسست على أساس اتحاد، وتحديدا بمناسبة استئناف تشغيل MBPI. وفي حالة وجود صناعة حساسة مثل إنتاج لقاحات ضد الجمرة الخبيثة، تعتمد حصرا على عقود عسكرية، فإنه من الصعب أن نتصور أن البنتاغون لم يكن – كحد أدنى - قد درس طبيعة هذه الشركة. بل لعله من المرجح أنه أثر على تكوين رأس مال وتنظيم وإدارة الشركة، لتجد في الواقع، رئيسا لها ، هو الأدميرال وليام جيه كرو الابن، والأخير خدم في فيتنام والخليج وقاد قوات التحالف في جنوب أوروبا 1980-1983، ثم أصبح رئيس هيئة الأركان المشتركة في عهد رونالد ريغان وجورج بوش الأب، ثم سفيرا لدى محكمة سانت جيمس، في بريطانيا من عام 1994 إلى عام 1997. وهو عضو في مجلس العلاقات الخارجية حيث ترأس مجموعة العمل، في فبراير 2001 حول سبل حماية الولايات المتحدة من التهديد الإرهابي. شبكة من رجل على رأس كونسورتيوم حساس، والتي كشفت في نوفمبر 2001، أن العراق سوف يظهر بشكل طبيعي في قائمة الأهداف التالية للحرب ضد الإرهاب.
إلى جانبه، هناك إنترفاك Intervac، شركة يمتلك كرو 22.5٪، من أسهمها (دون أن يدفع فلساً واحداً) والباقي يتركز في أيدي عائلة الهبري؛ من خلال نانسي الهبري وآي أف القابضة I & F Holdings ، وهي شركة يرأسها زوج أم نانسي، ابراهيم الهبري، مواطن فنزويلي، وزوجها، فؤاد الهبري، وهو مواطن ألماني من أصل لبناني. وهذا الأخير يبدو أنه الزعيم الحقيقي لإنترفاك Intervac. وهو مثل بوش، تلقى تعليمه في جامعة ييل وطلب مؤخرا الحصول على الجنسية الأمريكية. وهو الآن مدير ورئيس بايوبورت BioPort ورئيسها التنفيذي. البنتاغون يمكن أن يستريح الآن: لم تقع أعمال الجمرة الخبيثة في أيدي قوة أجنبية.
إنقاذ الشركات من الإفلاس بحاجة إلى "بيرل هابر جرثومية"
__________________________________
العديد من المقالات المتداولة تشير إلى أن راعي بايوبورت المؤكد هي مجموعة كارلايل. صحيح أن شركات قطاع الأدوية وطرقها قريبة من تلك المجموعة في واشنطن. وبما أن كارلايل هي شركة فرانك كارلوتشي، فإن بايوبورت يحتاج فضلا يتمثل في صرف مبالغ، كي تستطيع تعيين مسؤولين عسكريين داخلها. ومثل حالتها، فهي تتعلق بقطاع حساس واستراتيجي. عضوية الأدميرال كرو في مجلس العلاقات الخارجية، والذي يتضمن أيضا العديد من أعضاء مجموعة كارلايل، يدل على الحد الأدنى من التقارب الأيديولوجي بين المجموعتين. في سبتمبر 2001، عشية الهجمات الشهيرة، وكان الوضع حرجا في بايوبورت: اتهام بسوء العمل والاحتيال من قبل ادارة الأغذية والعقاقير منذ عام 1997، وهي في حاجة شديدة للحصول على الترخيص لاستئناف الإنتاج. يجب أن يناقش الملف من قبل الوكالة الاتحادية في اوائل اكتوبر/ تشرين الاول. مزاعم قدامى المحاربين في حرب الخليج حول ربط التطعيم بالجمرة الخبيثة أو "متلازمة حرب الخليج" الشهيرة التي عانوا منها لا يجادل فيها المجتمع. من ناحية أخرى، صاحب براءة اختراع العلاج الوحيد أي المضاد الحيوي ضد الجمرة وهو سيبرو CIPRO هي المجموعة الصيدلانية الألمانية باير، التي ستمتلك هذا العلاج حصريا حتى يناير 2003. كانت المجموعة أيضا في ورطة مالية كبيرة في خريف عام 2001. وعليها أن تواجه سلسلة من عمليات الدمج والغرامات والتعويضات بعد العديد من محاولات تسويق دواء يخفض الكولسترول تسبّبت آثاره الجانبية بالعديد من الوفيات. . التخلي عن القطاع الصيدلاني فيها ، وإقالة أكثر من ألف موظف، قد ذُكرت بشكل علني. وبالنسبة لهذه المجموعة، وكذلك بالنسبة إلى بايوبورت، فإن الفرصة الأخيرة تكمن في "بيرل هاربور بيولوجية" التي من شأنها أن تقنع الحكومات بضرورة الاحتراس والوقاية من الإرهاب البيولوجي. "بيرل هاربور" هذه هي التي ستخلق "جنون الجمرة الخبيثة".
وسائل إعلام الشركات تبدأ حملتها المضللة
________________________
في 11 سبتمبر 2001، عندما تكون جميع القوات جاهزة للقتال، يتم إخلاء مختبر فورت ديتريك للحرب البيولوجية. بعد حوالي 15 ساعة، أعلنت CNN أن فرق من مركز السيطرة على الأمراض، وهو المركز الوبائي الاتحادي الذي مقره في أتلانتا مثل هذه القناة الإخبارية، قد تمت تعبئتها: هجوم على البلاد بالجمرة الخبيثة من قبل أسامة بن لادن بات وشيكا. بالتأكيد، هذا التنبيه هو انعكاس بشع ولم يتحقق ولله الحمد، ولكن بدأت تعبئة الأرواح بالعمل.
تفجّرت القضية في النهاية يوم 8 أكتوبر 2001: مكتب التحقيقات الفدرالي يفتح تحقيقا بعد حالتين متتاليتين من الجمرة الخبيثة في الجهاز التنفسي في ولاية فلوريدا، في صحيفتها الرئيسية. الضحية الأولى هو المصور روبرت ستيفنز. والثانية هو ارنستو بلانكو، وهو موظف في غرفة البريد، لم تظهر عليه أي أعراض للمرض، على الرغم من انه تم العثور على البكتيريا عليه. الإدخال للمستشفى ممكن لمنع تطور المرض.
الاحتمال المفضل من قبل المحققين في هذه اللحظة هو أن انتشار الجمرة الخبيثة في الهواء قد حصل من قبل الأصوليين المسلمين. استولى الذعر على السكان، الذين اندفعوا لشراء المضادات الحيوية التي تنتجها شركة باير. الغريب، أن الفريق لاحظ زيادة في مبيعات المضاد الحيوي "سيبرو" قبل أول حالة وفاة نتيجة الخطاب المثير الذي نشرته السلطات الأمريكية.
ومن المفارقات، أن شراء هذه المضادات الحيوية قد أجمع عليه خبراء الإرهاب البيولوجي: وفقا لهم، كانت الجمرة الخبيثة المستخدمة عسكرية المنشأ بالتأكيد، وقد صُمّمت لتقاوم جميع العلاجات المتوفرة تجاريا !. في 12 أكتوبر تم تسجيل حالة جمرة خبيثة جلدية في نيويورك: إنه موظف في برنامج Nightline في قناة NBC. ثم تمّ التعرف على الحالة الثالثة لمرض الجمرة الخبيثة وكانت في الجهاز التنفسي في مؤسسة الإعلام الأمريكية، التي تنشر صحف: ناشونال إنكواير وغلوب وصن The National Enquire , the Globe , the Su وصحف السوبر ماركت الشعبية.
انتشر هذا التهديد. المرض يصيب في المقام الأول الصحفيين أو نجوم التلفزيون الذين انتشر رعبهم شفويا. في سي بي اس CBS ، مساعد الإعلامي المعروف "دان راذر" أصيب بالمرض. قريبا تنتشر البكتيريا في عالم السياسة. تم إرسال رسالة مفخخة إلى السيناتور توم داشل. تعرضت قاعة آلات فرز بريد الكونغرس وواحد وثلاثون موظفا فيه للجمرة الخبيثة. عُلقت الجلسات البرلمانية وتم إخلاء المباني لإزالة التلوث. . الجنون يغذي نفسه. هناك بقايا من الجراثيم في مقر وزارة الخارجية ومقر وكالة المخابرات المركزية. في 23 تشرين الأول، قال الرئيس بوش بعصبية، "لست مصابا بالجمرة الخبيثة!"، مما يشير إلى أن البيت الأبيض قد تعرض للهجوم أيضا. وبالتالي لا أحد في مأمن. كانت الهستيريا في أوجها.
الإدارة ترفض العلاج الرخيص لصالح العلاج الغالي لإنقاذ باير
___________________________________
وقعت باير اتفاقا مع الحكومة لتوريد 100 مليون قرص سيبرو CIPRO بسعر مخفض هو 95 سنتا لكل قرص. ولكن على الفور عرضت ثلاث شركات أدوية توفير علاج سيبرو جنيسي generic (أي غير محدود الملكية) مجانا في مقابل الحصول على موافقة ادارة الأغذية والعقاقير. سيتم رفض هذا العرض ، وسوف يثبت وزير الصحة الأمريكي تومي ثومبسون أنه مدافع قوي عن شركة باير. إدارة بوش سبق أن عارضت أيضا سياسة الأدوية الجنيسة في مكافحة الإيدز، وهدّدت بمصادرة براءات اختراع باير المتناقضة إذا لم تقلل الشركة أسعارها. ووفقا لمتخصصين من سوق الدواء، فإن الأسعار التي وضعتها الشركة الألمانية تضمن لها هامش أرباح كبير في هذه الأوقات من الجنون البكتريولوجي. في هذه العملية، منحت إدارة الاغذية والعقاقير الموافقة لشركة بايوبورت لتستأنف الشركة إنتاج لقاحات ضد الجمرة الخبيثة في حين فرضت الحكومة التطعيم لكافة القوات. وهذا يضمن مستقبلا مشرقا لكل من الشركتين.
رامسفيلد يمثل مصالح شركات الأدوية في الإدارة
_________________________
وإذا كانت إدارة بوش قد دلّلت شركات صناعة الأدوية، في تحدٍ لجميع خبراء الصحة العامة، فلأن هذه الشركات كانت الممول المالي الرئيسي لحملة بوش في الانتخابات الرئاسية في عام 2000. ويمثل هذا القطاع أيضا داخل الإدارة في شخص دونالد رامسفيلد، الذي قاد شركة سيرل Searle (الآن صار اسمها فارماسيا Pharmacia) من عام 1977حتى 1985 وشركة أملين Amylin للصناعات الدوائية وعِلْم جلعاد Gilead Science حتى وقت تعيينه وزيرا للدفاع. من جانبه، عمل ميتش دانيالز، مدير مكتب الإدارة والميزانية في حكومة بوش (أي ما يعادل وزير الميزانية في الحكومة الاتحادية)، في اللجنة التوجيهية لشركة ايلي ليلي Eli Lilly لصناعة الأدوية المعروفة.
جوديث ميلر، وهي صحفية في صحيفة نيويورك تايمز كانت "ضحية" لتحويل الجمرة الخبيثة في منتصف أكتوبر، عندما نجت من مسحوق أبيض من رسالة مجهولة وصلت إلى مكتبها. جميع زملائها عرضوا القضية فورا كنتيجة لنشر كتاب، في سبتمبر 2001 من قبل الصحفية المتخصصة في الإرهاب البيولوجي. تحليل المسحوق كشف أخيرا أنه لم يكن مسحوق الجمرة الخبيثة. وفي الوقت نفسه، زادت مبيعات كتابها بشكل كبير في قائمة أكثر الكتب مبيعا.
استخدام ظروف الرسائل المختومة من قبل "الإرهابيين" جعل من الصعب الكشف عنهم. هذا ترك أيضا لإدارة بوش، بما في ذلك ديك تشيني وجون أشكروفت، أن ينسبوا المسؤولية لمن يريدون بلا حساب. أسماء صدام حسين وأسامة بن لادن هي بطبيعة الحال في مقدمة القائمة. في نفس الوقت بدء نشر الشائعات عن لقاء مفترض بين محمد عطا، "زعيم الخاطفين" في هجمات 11 سبتمبر، ومسؤول في المخابرات العراقية في براغ. صيدلي من منطقة ديلراي بيتش شهد أنه باع منتجات متخصصة لمحمد عطا الذي تعرض لتهيّج في جلد اليدين من المحتمل أنه ناتج عن ملامسة بكتريا خطرة. العديد من الأشخاص الذين اتهموا بأنهم "مختطفون في 11 سبتمبر" عاشوا بالقرب من الصحف المحلية التي استلمت الرسائل الملوثة الأولى. كما ظهرت معلومات عن أن أحد الخاطفين وهو أحمد الحزباوي كان يعاني أيضا من آفات جلدية ربما بسبب التعامل مع الجمرة الخبيثة.
ولكن هناك العديد من المسارات الأخرى، منها "الخطر الإسلامي". في عام 1999، قامت مجموعة من الأصوليين المسيحيين، وهم "جيش الله" ، بإرسال ثمانين رسالة ملوثة بالجمرة الخبيثة وهمية لأطباء يجرون عمليات الإجهاض. يمكن للمرء أن يتخوف من أن المتطرفين المسيحيين وجدوا أخيرا السلاح الذي يرغبون في استخدامه. من جانبه أعلن اتحاد العلماء الأمريكيين بأنه يعتقد انه يمكنه التعرف على العالِم الذي سرقت سلالات بكتيريا من مختبر رسمي. ولكن كل هذا لا يهم: فالرأي العام منشغل في الحرب في أفغانستان. وتم تخفيف الذهان في مطاردة طالبان.
في وقت لاحق بعد عامين ونصف العام، من الواضح أنه في نهاية المطاف تم تحديد أن خمس رسائل فقط كانت ملوثة بالجمرة الخبيثة ، وأن خمسة أشخاص قتلوا، وفي ضوء عالم الجريمة في الولايات المتحدة، تعتبر هذه الأعداد تافهة . ونحن ما زلنا لا نعرف أصل هذه العناصر، ولا أحد يجرؤ على تقديمها كنتاج لأعمال الجهاد البيولوجي. نحن نعلم فقط أن هذه الهستيريا قد مكنت الصناعيين المرتبطين بنظام بوش من تجنب الإفلاس وجمع الأرباح المنعشة.
مصادر هذه الحلقات
____________
مصادر هذه السلسلة من الحلقات عن تصميم الحكومة الأمريكية لهجمات الجمرة الخبيثة ضد الشعب الأمريكي عام 2001 سوف تُذكر في ختام الحلقة (؟؟؟) .
وسوم: العدد 682