عصيد يصف حزب العدالة والتنمية بحزب " الإخوان " فماذا لو وصفه هذا الحزب بما يناسبه ؟

نشر موقع هسبريس مقالا لأحمد عصيد تحدث فيه عن انعدام الثقة بين النظام في المغرب وبين حزب العدالة والتنمية من جهة ، وبين هذا الأخير وغيره من الأحزاب السياسية من جهة أخرى  . وأثناء حديثه عن ذلك ، وصف حزب المصباح بأنه حزب " الإخوان " ، وزعم أنه حزب يريد الهيمنة على الدولة ومنازعة الملكية شرعيتها الدينية من أجل إقامة ما سماه " دولة الإخوان " .وإنه لمن المؤسف جدا أن يبلغ هذا المحسوب على النخبة المثقفة ـ يا حسرتاه ـ هذا الحد من الإسفاف والسوقية في تقييم الوضع السياسي في المغرب ، ويتجلى ذلك في وصفه حزب المصباح بوصف لا  يمكن أن يصدر إلا عن العوام الذين يعتبرون  كل متدين  في هذا البلد من الإخوان المسلمين الشيء المثير للسخرية . وحري بمحسوب على التعليم العالي والنخبة المثقفة أن يكون موضوعيا فيما يكتب ، وهو ما لا يعرف به الرجل في كل ما يكتب لأن تخندقه في الخندق العلماني الأمازيغي جعله ضحية التعصب الأعمى لتوجهه ، وهو ما يعيبه عليه الرأي العام المثقف .ولا شك أن شريحة ممن يشاركونه توجهه يسقطون في  أخطائه في تقدير الأمور ووصف الأشياء . وعملا بقاعدة : " البينة على من ادعى " يتعين على عصيد أن يثبت أن حزب المصباح هو بالفعل حزب الإخوان بما تعنيه لفظة إخوان التي تحيل على حركة دينية معروفة في القطر المصري بمواصفاتها الفكرية والتنظيمية .وعندما يصف عصيد حزب العدالة والتنمية بأنه حزب الإخوان، فهذا يعني أن جماعة الإخوان المسلمين المصرية قد غزت المغرب ، واستطاعت أن تصل إلى مركز صنع القرار فيه  ، وفي هذا استخفاف بالمغرب حين يوصف بأن حركة دينية خارجية قد استباحت سيادته ، وسخرت حزبا من أحزابه السياسية ليكون خادما لها ، بل الأمر أبعد من ذلك لأن هذا الحزب بموجب وصف عصيد لا بد أنه يتلقى الأوامر من المرشد العام  لحركة الإخوان المسلمين  ، وأنه يمول من طرفها ، وكل ذلك يفرض على عصيد البينة والدليل إذا كان يريد إنقاذ سمعته الفكرية التي تدنت به إلى مستوى الإنسان العامي الذي يعذر لجهله إذا ما أخطأ في تقدير الأمور في حين لا عذر له وهو يضع نفسه مع النخبة المثقفة  في البلاد أو بالأحرى على رأسها . وإذا كان عصيد يسمح لنفسه بوصف حزب المصباح بأنه حزب إخواني، فهل يمكن أن يتقبل وصف هذا الحزب له بما يناسبه ، وهو الإنسان المتعصب للعرق الأمازيغي ، وهو تعصب لا يختلف عن تعصب أي إنسان مصاب بهوس العرقية والعنصرية . فما هو الفرق بين تعصب الأمازيغي لعرقه ، وتعصب العنصري لعنصريته ، والنازي لنازيته ، والصهيوني لصهيونيته ، والصربي لصربيته  والشيعي لتشيعه ...؟ ولا يكتفي عصيد بالوقوف عند حد العصبية القبلية  المقيتة التي طواها التاريخ  وطمرها في  مزبلته بل  يضيف إليها العلمانية الدخيلة إلى أرض يشهد التاريخ بتدين شعبها  بدين الإسلام على اختلاف أعراقه منذ الفتح الإسلامي . وقياسا على ما وصف به عصيد حزب المصباح، هل يسمح بأن يوصف هو الآخر بأنه ينازع الملكية من خلال علمانية تهدد شرعيتها الدينية لإقامة دولة علمانية ، وأنه يعتبر خادما للعلمانية الغربية ؟ فإذا ما زعم عصيد أن علمانيته لا تمت بصلة للعلمانية الغربية ، فعليه أن يقبل بأن حزب المصباح لا يمت بصلة لحركة الإخوان المصرية إذا ما كان يعرف شيئا اسمه الموضوعية . وإذا ما زعم عصيد أن أمازيغيته لا تمت بصلة لتلك الممتدة عبر دول المغرب العربي والتي يشاركها في رفع علمها الطائفي ، فعليه أن يقبل بأن حزب المصباح لا يعتبر أيضا امتدادا لحركة الإخوان المصرية في المغرب .

ولا يوجد حزب سياسي تعرض لما تعرض له حزب العدالة والتنمية المغربي من نقد فاق كل تصور وكل حد  ، بل لا يوجد من اتهم بمثل التهم الموجهة له إلى درجة تناقض هذه التهم ، فهو مرة يتهم بتملق الملكية والارتماء بين أحضانها ، ومرة أخرى يتهم بمحاولة منازعتها شرعيتها الدينية ومحاولة الانقلاب عليها ، ولسنا ندري أي اتهام يصدق عليه ؟ ويحرص خصوم هذا الحزب على اختلاق خلاف بينه وبين الملكية حتى أنه يخيل لمن يتتبع وصف أولئك الخصوم للوضع السياسي في البلاد إلى وجود ملكية تسود وتحكم بعيدا عن حكومة شكلها حزب المصباح . ومن الغريب ألا يكون في نظر هؤلاء الخصوم لحكومة  حزب المصباح أدنى حظ لها  في المنجزات التي تتحقق في البلاد والتي يحرصون على نسبتها للملكية وحدها ،علما بأن دستور البلاد ينص على تناغم الملكية  مع الحكومة واشتراكهما في تدبير شؤون البلاد بناء على الخيار الديمقراطي ، وفي المقابل تنسب للحكومة كل الإخفاقات  وتحمل مسؤوليتها وحدها . وكما أن خصوم حزب العدالة والتنمية لم يستسيغوا نجاحه الأول في الانتخابات البرلمانية وتشكيله للحكومة ،ونجاحه الثاني  في الانتخابات الجماعية ، فإنهم لم يستسيغوا أيضا فوزه في الانتخابات البرلمانية الثالثة التي تخول له تشكيل حكومة ثانية . وهذا الموقف هو الذي جعل خصوم هذا الحزب يحاولون التشكيك فيه بشتى الطرق، منها نسبته لحركة الإخوان المصرية كما زعم عصيد  بغرض الطعن في مصداقيته ومصداقية الانتخابات ، ومما يؤكد ذلك زعم عصيد أن 70%من المغاربة لم يشاركوا في الانتخابات لفقدانهم الثقة في مصداقيتها ، وهي نسبة تفوق ما صرحت به الجهات الرسمية ولسنا ندري أنصدقها أم نصدق عصيد ؟ وفي محاولة مغرضة للالتفاف على نجاح حزب المصباح يحاول خصومه الترويج لإشاعة فشله في تشكيل حكومة ثانية ، بل يحلمون بفشله في ذلك ليصير الأمر إلى مسار آخر يتمنونه لتتغير نتائج الانتخابات فيحل الخاسر محل الفائز بذريعة فشل هذا الأخير في تشكيل الحكومة .

وسوم: العدد 693