النص الكامل لكلمة فصائل م.ت.ف. التي ألقاها الرفيق قيس عبد الكريم (ابو ليلى)
النص الكامل لكلمة فصائل م.ت.ف. التي ألقاها الرفيق قيس عبد الكريم (ابو ليلى)
نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
في مهرجان إحياء الذكرى الثانية عشرة لاستشهاد القائد الرمز أبو عمار
في ساحة المقاطعة برم الله في 10/11/2016
الأخ الرئيس أبو مازن
الأخ رئيس الوزراء
الأخوة ضيوف دولة فلسطين
الأخوات والأخوة قادة قوى ومؤسسات العمل الوطني
الأخوات والأخوة الحضور الكرام
هل صحيح أننا نحيي ذكرى أبي عمار مرة في العام؟ بل نحن نذكره في كل حين، نذكره في كل حال، نذكره عند كل منعطف – نذكره فيما كنا نختلف معه وهو مهم، ونذكره فيما نتفق عليه وهو الأهم والأبقى. نذكره وهو يهزج بنا ان الجبل لا تهزه ريح. ونتيقن من صواب مقولته حين يشتد اليوم عصف رياح العدوان، في سماء تكفهر بفتن العربان، فنرى الطارئين على الجبل تقتلعهم الريح فتبددهم هباء منثورا أما الجبل بأبنائه الميامين يبقى راسخاً وطيداً، يتحدى الإعصار بشموخه وصموده وتجذره في الأرض.
نحن نذكر أبا عمار وهو لا ينفك يبشرنا بأن زهرة من زهرات فلسطين سوف ترفع علمها فوق أسوار القدس ومآذنها وأبراج كنائسها. وربما يبدو هذا الوعد اليوم بعيد المنال وقد طال انتظاره. ولكن حري بنا أن نتساءل: هل فعلنا ما بوسعنا من أجل تقريب استحقاق هذا الوعد؟
كيف ونحن نشهد آفة الانقسام تفتك بجسد حركتنا الوطنية وتفتت بنيانها؟ الانقسام يستنزف طاقاتنا في المواجهة مع قمع الاحتلال واستشراء الاستيطان. والانقسام يضعف نضالنا من اجل تعزيز الاعتراف الدولي بحقوقنا الوطنية. وبذريعة الانقسام يشدد الحصار على قطاع غزة ليحول حياة المليونين من أبنائه إلى جحيم. وفوق ذلك فالانقسام يسد طريق مسيرتنا الديمقراطية ويزج نظامنا السياسي في مأزق الاهتراء وتآكل الشرعيات. فالسلطة التنفيذية تبتلع سائر السلطات وتطغي عليها بحجة الانقسام. ويصادر حق المواطن في التعبير وفي انتخاب ممثليه بحرية في ظل الانقسام.
وانظروا أيضاً: بحجة الانقسام يزداد العبث والتدخل الخارجي في شؤوننا الداخلية، ويراد لنا أن نعود إلى عهود الاحتواء والوصاية ونحن، وفي مقدمتنا الشهيد أبو عمار، بذلنا الدم غزيراً من أجل انتزاع وصون استقلالية القرار الوطني الفلسطيني والتي سنبقى ندافع عنها ونحميها بحدقات العيون – ولكن الحكمة تنصحك كي تستريح، ان تسد الباب الذي يأتيك منه الريح. فلنغلق إذن باب الانقسام.
لم يعد ذا مغزى التساؤل من المسؤول عن استمرار الانقسام. فالأكثر أهمية اليوم أن نتبين السبل لطي هذه الصفحة السوداء. والسبيل برأينا هو حوار وطني شامل يبحث كيفية تجاوز العقبات التي تعوق تنفيذ اتفاقات المصالحة. ولكن: إذا استمر عجزنا عن ذلك فلنتفق جميعاً على أن نعيد الأمانة إلى الشعب الذي هو مصدر كل الشرعيات. فلنتفق على شروط إجراء انتخابات حرة نزيهة للرئاسة والمجلسين التشريعي والوطني وفقاً للتمثيل النسبي الكامل يقرر من خلالها الشعب من يقود سفينتنا الوطنية وبأي اتجاه.
فنحن بلا شك بحاجة إلى إستراتيجية جديدة للخروج من المأزق الذي زج فيه مشروعنا الوطني. وعناصر هذه الإستراتيجية لم تعد لغزاً. فقد أجابت عليها وثيقة الوفاق الوطني وقرارات المجلس المركزي الفلسطيني في دورته الأخيرة. ولقد آن الأوان لترتيب بيتنا الداخلي بما يمكننا من التصدي للتحديات التي ينطوي عليها تنفيذ هذه القرارات.
أخيراً دعونا نذكر أبا عمار وهو يبشرنا بأن ثمة في نهاية النفق ضوءً يراه: ويحضرني تعليق ذلك الصبي الذي قال أنهم سرقوا النفق. ما لم يجهر به ذلك الصبي الحكيم هو أنهم قد يستطيعون أن يدمروا النفق ولكنهم لا يستطيعون أبداً أن يسرقوا الضوء. ومن يعتريه شك عليه أن يتذكر أن أشد ساعات الليل حلكة هي تلك التي تسبق انبلاج الفجر.
والفجر آت!
هكذا يبشرنا أبو عمار وروحه الوثابة تحلق في فضاء الخلود: الفجر آت لفلسطين الحرة الديمقراطية بعاصمتها القدس.
وسوم: العدد 694