الحقيقة المجهولة .. مقالة لأولي الأحلام والنهى والاختصاص والحَنَى

عبد الله المنصور الشافعي

"الدلاي لاما" يرغب في لقاء "دونالد ترامب" والأمة تستعديه ! والحقيقة المجهولة .. مقالة لأولي الأحلام والنهى والاختصاص والحَنَى (الحنى الانعطاف أي ترك العند واتباع الصواب) 

بسم الله .. وهب الله الإنسان العقل وأنزل على محمد القرآن لنفهمه بالعقل فالعقل والشرع لا يصطدمان ولا يتعارضان ومتى توهم أن ثمة تعارض بينهما فلقصور من العقل يوشك بعد التأمل والإمعان أن يزول في العقول السليمة ، نعم العقل كما هو مذهب جمهور أهل السنة والجماعة (الأشاعرة) لا يشرّع ولكن هذا القول قاصر فالعقل لا يشرع في مقابل النص والذي هو من عند الشارع ولكن العقل يقيس ويستنبط وقد قال الشافعي (رضي) "النصوص تتناهى والحوادث لا تتناهى فلا بد من القياس" ثم إن العقل يضع القوانين الدنيوية ضمن أصول الشرع وخطوطه العريضة من جلب المصالح ودفع المفاسد وقاعدة السياسة الشرعية والتي سبق أن عرفتها على أنها ما كان يكون معه الخلق أقرب للصلاح والرخاء أبعد عن الفساد والشقاء ، وقد قال النبي (ص) "أنتم أعلم بأمر دنياكم" وفي رواية "إذا كان شيء من أمر دنياكم فشأنكم به" وفي رواية "عليكم بما ينفعكم" وقد بوب النووي على ذلك الحديث بقوله "باب وجوب امتثال ما قاله شرعاً دون ما ذكره صلى الله عليه وسلم من معايش الدنيا على سبيل الرأي" .

حضّ الشارع على الطرق السلمية ماكان إليها سبيل (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله) وأمر النبي (ص) بالدعوة للإسلام أو الجزية قبل القتال وكره الشارع اصطناع الأعداء "أيها الناس لا تمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية فإذا لقيتموهم فاصبروا واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف .." متفق عليه وكاتب هرقل وكسرى والمقوقس .. وكل هذا مما يقره العقل السليم ويعيب خلافه .

إن يهود فعلوا كل ما بوسعهم لإسقاط ترامب ولم تبق سُبَّة ولا شينا ولا شائعة مهينة إلا نشرها الإعلام المتأثر بالصهيونية عن ترامب وألصقوها به فشوه الإعلام الغربي ترامب وحملته بما لم يسبق قط في التاريخ الإعلامي حتى جعلوا منه في أمريكا وأوربا "بعبع" حقيقي وسرى هذا حتى إلى الإعلام العربي والعالمي وآثاره ظاهرة ، بالمقابل فكلينتون جدتها يهودية وهي صهيونية وكانت حملتها ممولة من 19 ملياردير يهودي أمريكي ومدعومة من اللوبي الأمريكي ، ثم ما إن فاز ترامب حتى راح الإعلام الصهيوني بكيل المديح لترامب لدرجة أن ترامب طلب رسميا من الدولة العبرية بوقف هذا ، والمغزى من المدح وصد ترامب هو إرادة اليهود شراء ترامب بالمدح البالغ مما يؤثر نفسيا على وجدان ترامب فيتحرج من المساس بأدنى شيء يزعج ولا يرضي يهود فجاء رد ترامب في طلبه بوقف هذه الحملة معبرا عن فهمه غاية الإعلام الصهيوني ومنبها لهم أن هذا الفعل لا يجدي معه .. بينا نحن العرب ولأجل بضعة عبارات قالهن ترامب على العلن لأجل حملته الانتخابية في أغبى شعب على الأرض -وسأشرح سبب تصريحات ترامب في الخاتمة- نصبنا نحن العرب له العداوة بعد فوزه حتى نكسب نقمته ونحمله على الاستمرار بنهج أوباما المنافق وفريقه الصهيوني بل إن الصهاينة لا يزالون يبثّون سمومهم في الإعلام الغربي ويتناقل أقوالهم الإعلام العربي الغبي من أن ترامب سيفعل ويفعل بالعرب والثورة وتركيا وآخرهم اليهودي "دانيال بايمان" الذي نشر مقالة طعنة في الظهر نشرتها له مواقع عربية كل هذا بقصد استدراج ترامب وفريقه إلى تنفيذ هذه السياسة فإن أول الحادثة السياسة إشاعة والأهم هو التأكيد على إبقاء العداوة مستحكمة بين أمريكا والعرب وذلك أن أي تقارب حقيقي بين أمريكا والعرب سيكون على حساب اسرائيل ، فعوضا عن التزامنا الجادة لا مدح ولا ذم بل دعوة بحق وتعقل إلى رفع المظالم وتغيير السياسة وحبذا لو كان لنا مجلس لأهل السنة يطلب مقابلة ترامب كما طلب البوذي دالاى لاما ويُسمعه مطالبنا ويبدد مخاوف أمريكا .. الخ فإن هذا من باب الأخذ بالأسباب التي طلب الشارع اعتبارها ولم يفهمها إلا تيس يابس فيقول (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى) وكأن أخذنا بالأسباب هو طلب مرضاة وتذلل وانبطاح .

* أخيرا لم يفهم عامة الإعلاميين والمحللين العرب سرّ تركّز حملة ترامب على مهاجمة العرب والإسلام وأقول إن حملة ترامب في الحقيقة كما هي حملة كل مرشح رئاسي تتعلق بشكل مباشر بالرأي العام والمخاوف والمطالب التي عند الرأي العام فإن كانت البلاد مثلا تمر بأزمة اقتصادية فإن المرشح الرئاسي سيعمد إلى التطرق إلى سبل إنهائها وإن كانت تهديدا خارجيا فكذلك بمعنى أن حملة أي مرشح رئاسي تأتي في سياق الجو العام للبلد وهذا ما حصل مع ترامب بل يتكرر وبشكل مشابه جدا في الحملة الرئاسية الفرنسية هذا الجو السياسي العام إنما هو ثمرة من ثمار الإعلام والأحداث فترامب جاء في فترة جعل الإعلام الأمريكي من الإسلام العدو الأكبر والخطر الأفدح على أمريكا فكان من الطبيعي -باعتبارهم- أن ترتكز حملة ترامب على تبديد القناعات والمخاوف التي زرعها الإعلام الصهيوني في الرأي العام الأمريكي أي إن حملة ترامب وتهجمه على الإسلام في الحقيقة إنما هي نتيجة الإعلام الصهيوني والذي استغله ترامب أحسن استغلال مع شعب يعتبر من أغبى شعوب العالم وأجهلها سياسيا .(ملاحظة في فرنسا الأمر يختلف قليلا عما هو في أمريكا حيث ينضاف إلى الذي ذكرت استغلال المرشحين لهذا الجو العام لكبح الإسلام الذي تتخوف منه أوربا ومن تزايد عدد المسلمين فيها أي في أوربا الأمر يتعدى استغلال الجو العام لتحقيق الانتصار) .

وسوم: العدد 695