بين الأوهام.. والقنوط..
لا تبيعوا الناس أوهاماً ولا تخدروهم بالأماني، لكن ليس من حقكم أن تقنطوهم من رحمة الله، وفضله وكرمه، فكما يعامل الله بالعدل، فإنه يعامل بالإحسان أيضاً./1
عند الشدائد والمحن تظهر المعاتبات واليأس والإحباط والتلاوم، وهي أسهل مهمة يؤديها من يريد أن يتنصل من واجباته، ويلقي بكل المسؤولية على غيره./2
والأصل أن هذه القسوة والشدة وتوصيف الحال، والتحذير من الأسوأ يجب أن يكون وقت السّعة، كي لا يجتمع على أهلنا شدة المصاب وتثبيط الصديق والقريب./3
تابعت كثيراً من الكتابات لا تكاد تخرج عن اليأس والقنوط، وبعضها بالشتائم، فهل فيها الحلّ كي نقدم عليها معكم؟ ولكن حاشا أن يكون الحلّ في محرّم/4
أما عن فرقة الفصائل ومظالمهم فاقسوا على القادة، واحصروهم بكل وسيلة كي يتحدوا، وفندوا حججهم، لكن لا تعلقوا النصر عليهم لا متحدين ولا متفرقين./5
فقد يتحد القادة، ويبقى عندنا من الذنوب ما يستوجب تأخير النصر، وكلٌ محاسب بأعماله، ولا يعني ذلك تخفيف الإثم عن القادة الذين يتحملون إثماً مضاعفاً./6
وقد ينصرنا الله على ما فينا من ذنوب، إكراماً منه، وانتقاماً لدينه، وحرماته، وأعراض المسلمين، واستجابة لدعوات المظلومين، وأنات المقهورين./7
وكما أن الله عاقب المسلمين في أحد بتخلف النصر لمخالفة منهم، فإنه في معارك أخرى نصر المسلمين عبر التاريخ على ما فيهم من تقصير بإحسان منه./8
إن كنتم تقصدون بذلك تخويف القادة من تخلف النصر وهم متفرقون، فلا أظن من قدم المنصب والمكانة على الدماء أن يبالي بتخلف النصر، فعِظوهم بغيرها./9
لا أطالب بعدم تشخيص المرض، كما لا أطالب بالتبرير للمقصّر والمسيء، لكن وازنوا مع انتقادكم، مشاعر أهلكم، ولا تضيفوا عليهم هماً فوق مصابهم./10
المؤسف أن الشعوب والحكام يتنصلون من واجبهم تجاه وقف جرائم الإبادة، بحجة فرقة الفصائل، وما ذنب الشعب المكلوم؟ هل فرقتهم تبرر الصمت والخذلان./11
بل إن كثيراً من الشباب أيضاً يبرر تقاعسه عن الجهاد بفرقتهم، ويتجاهل أن جهاد الدفع لا يشترط له شرط، بل يجب عليه بكل الأحوال، ولو خرج بمفرده./12
أما أنتم أيها القاة: فاتقوا الله وكفى ما حلَّ بالشعب والثورة من تفرقكم، فكِفل من لدماء في رقبتكم، فاحذروا من أن يحبط عملكم وجهادكم بالفرقة والخصام./13
واحذروا ألا يذكركم التاريخ إلا بالتوبيخ والملامة، وألا يذكركم الشعب إلا بالمآسي والمعاناة، وألا يذكركم الله يوم القيامة إلا مع من حاد عن أمر ربه وعصى./14
اللهم انصر من نصر أهلنا من القادة، واكتب له الحفظ والمعونة، ومن خذلهم وأصرّ على الفرقة، فاهده أو استبدله عاجلاً وأبدل أهلنا خيراً منه، إنك سميع مجيب./15
اللهم وعاملنا بلطفك وإحسانك، لا بذنوبنا وتقصيرنا، وانصرنا على أعدائنا بكرم منك وفضل، لا بقوة منا، وانتقم لدينك وحرماتك، واستجب لدعاء المظلومين./16
اللهم الطف بأهلنا في حلب، آوِ شريدهم ومهجرهم، داوِ جريحهم ومصابهم، أطعم جائعهم، ثبت مجاهديهم، انصر ثوارهم، واحفظهم من أذى المجرمين وقصفهم./17
اللهم وكن عوناً لأهلنا في كل مكان، وفرّج عنا، وانصرنا، وأصلح حالنا، وثبت أقدامنا، ووحد صفوفنا، ولمّ شلمنا، واجمع على الحق كلمتنا، وأهلك عدونا./18
وسوم: العدد 696