روسيا ومأزق اليسار السوري

منذ اللحظة الأولى لإنطلاق الحراك الشعبي في سوريا إنطلق بعض أطراف اليسار السوري لموسكو محاولين إقناعها بضرورة التغيير تارةً وبطرح بدائل تارةً أُخرى وكانت موسكو دائماً تعطيهم إجابات يمكن البناء عليها سلباً وإيجاباً وتقصدت موسكو على الدوام المماطله بإعطاء جواب صريح وواضح لليسار السوري عن حقيقة موقفها من الصراع الدائر حيث أنها كانت تلعب على عامل الوقت ليصل النظام إلى ماوصل إليه من ضعف ووهن فذهب إلى موسكو مستجدياً ووقع صكوكاً بالتنازل عن السيادة الوطنيه بالمطلق وآخرها تنازله عن مصفاة بانياس النفطيه حيث أصبحت روسيا هي المتحكم بإنتاج النفط وكمياته وكل مايتعلق به .

روسيا لم تكن في أي لحظه من اللحظات تفكر بالإستغناء عن الأسد ولم تكن للحظه تفكر ببديل له مهما كان مقرباً منها ولا حتى لو كان ذلك البديل قدري جميل المقيم في أحضان روسيا ، وروسيا تعلم تماماً أن اليسار السوري ماهو إلا مجموعة من الطامحين والواهمين والحالمين اللذين لن يستطيعوا بحال من الأحوال أن يمنحوا روسيا مامنحها إياه بشار الأسد .

وخطيئة اليسار السوري أن وضع كل بيضه في السلة الروسيه على أمل أن يفرخ البيض يوماً حلاً ناجعاً يكون لليسار دور فيه ومنذ البدايه أعلن اليسار عدائه للدول الإقليميه (الداعمه) للثوره محاولين الإبتعاد عن (الأصوليه) و (الرجعيه) وكان ذلك بمثابة الإستقواء بروسيا على (المعارضه اليمينيه) التي إتخذت من الرياض والدوحه وإستنبول مقرات لها .

روسيا لم تفكر يوماً بأن تغيير النظام لا لصالح اليسار المقرب منها ولا لصالح اليمين ولو كان معتدلاً مثل إعتدال معاذ الخطيب رغم أن اليسار ووسط اليمين حاول أن يقدم لروسيا ضمانات بالحفاظ على مصالحها .

فجأةً إكتشف اليساريون أن يساريتهم لاتعني شيئاً لروسيا التي تحالفت مع إيران الثيوقراطيه وتحالفت مع حزب الله العصابة الدينيه ورفضت التحالف مع شخص يساري شيوعي مثل قدري جميل بل أنها تآمرت على صقور اليسار مثل عبد العزيز الخير ورفاقه ولم تحاول مجرد محاوله أن تضغط على النظام من أجل إطلاق سراحهم .

على اليسارين السوريين أن يفهموا أن رجلاً مثل بوتين لايفهم باليسار واليمين ولايعني له الأمر شيئاً بمقدار ماتعني له مصلحة الدوله الروسيه فالتحالفات تفرضها المصالح وليس المبادئ ولا النوايا الطيبه .

حتى بشار الأسد لايستطيع أن يقدم شيئاً جديداً لروسيا لأنه لم يعد يملك مايمكنه تقديمه بعد أن قدم كامل البلاد ولكنه سيكون معرضاً دائماً أن يكون  هو ذاته ثمناً لصفقه محتمله بين روسيا والغرب حول بعض القضايا العالقه مثل القرم وأوكرانيا  .

على اليسار السوري اليوم إجراء مراجعه شامله والتخلي عن الأوهام والأحلام لصالح مشروع وطني سوري خالص يتلاقون فيه مع اليمين الوسط الذي يشكل غالبية الشعب السوري ليبدأو من جديد في البحث عن حل والخروج من عنق الزجاجه فالشمس لن تشرق لامن موسكوا ولا من واشنطن وإنما من عقول وسواعد السوريون وحدهم .

وسوم: العدد 697