حقوق الإنسان بين الفكر والواقع.. حلقة نقاشية لملتقى(الساعية) في عدن
نظم ملتقى(الساعية) في قاعة الحزب الاشتراكي اليمني/عدن، حلقة نقاشية موسومة بعنوان(حقوق الإنسان.. بين الفكر والواقع)، بمناسبة الذكرى الـ 68للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وبها يدشن أولى فعالياته، بحضور مجموعة من الناشطين والحقوقيين وقيادات مجتمع مدني وشخصيات سياسية واعتبارية في عدن.
وفي كلمة للرئيس الدوري للملتقى الناشط السياسي/فهمي السقاف رحب بالضيوف وشكر الأمانة العامة للحزب/عدن، ثم قدم نبذة تعريفية عن الملتقى، حيث أوضح بقوله: "يسعى الملتقى إلى الإسهام الإيجابي الفعال في الحياة العامة، وتنميتها في المجتمع، والحفاظ على القيم الأصيلة من أي تهديد وانتهاك، وذلك من خلال الاهتمام بالقضايا الوطنية والنشاطات المجتمعية المدنية والحقوقية، والاضطلاع بدور فاعل في الارتقاء بها، وإيجاد معالجات ناجعة لمشكلاتها، والوقوف أمام صعوباتها وعراقيلها، بما يعزز خلق مجتمع متماسك مُعافى، ومؤثر في خدمة سلمه الأهلي ومصالحه العامة، وحفظها وصيانتها"، مشيراً إلى أن الملتقى في هذا الإطار منبراً؛ للتعبير عما سبق، بالتفكير العلني الحر البناء والناقد، لما تشهده البلاد من أزمات.
وأضاف السقاف: "يسعى الملتقى عبر التوعية بمختلف أشكال التعبير السلمي مبرهناً على مدى الاهتمام بالشأن العام، والمشاركة فيه بإدراك واعٍ لمختلف التحديات المحيطة به، على نحو يضمن له الاستمرار في عملية التغيير المجتمعي المنشود، وبقناعات راسخة تثبت على أرض الواقع تحولات ملموسة وعميقة، بما يحفز على إيجاد حركة اجتماعية متعددة المصادر والمشارب، تكون في نهاية المطاف بمثابة إضافة ضامنة؛ لبناء دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية والديمقراطية التشاركية؛ بمرجعية وطنية قادرة على إعادة التوازن، وإصلاح ما أختل من تركيبة المجتمع".
وقدم عضو الملتقى/مها عوض ورقة عمل، حول فهم وشرح العلاقة بين حقوق الإنسان والهوية الثقافية - الوعي الحضاري المعرفي، وتمحورت مواضيعها حول مجموعة عناوين، أبرزها: مفهوم وتفسير حقوق الإنسان، تعزيزها وحمايتها، والأشكال المختلفة للانتهاكات، والالتزامات وما لها من شأن متعلق بعدم الافلات من العقاب، ومستقبل حقوق الإنسان، وكذا نظريتها مقابل الواقع، وأكدت عوض في مستهل كلمتها بقولها: "إن جذور تنمية حقوق الإنسان في الصراع من أجل الحرية والمساواة تمتد في كل مكان من العالم، ومن الأسس التي تقوم عليها حقوق الإنسان؛ احترام حياة الإنسان وكرامته، في أغلبية الديانات والفلسفات القديمة؛ فحقوق الإنسان ليست مجرد نظرية، هي متعارف عليها كمعايير تقيد الحكومات، وينعقد بها المساءلة، فهناك مبادئ أساسية ومعروفة عنها، تقوم عليها بانطباقها على جميع الناس".
وعلى سؤال طرحته عوض عن واقع حقوق الإنسان، نوهت إلى أن الجميع يملك الرد عليه بتقييمها موجودة أم لا!!..، وواصلت: "لكن عمق الإجابة يكمن بالكيفية التي جعلت منها غير مفعلة وكأنها غير حقيقية، وذلك بالنظر إلى الأبعاد الفكرية والأخرى السياسية، والتي أصبحت معها حقوق الإنسان اليوم تواجه إشكالية فكرية بامتياز، ما يزيد من تعقيد هذه الإشكالية، في اقحام العوامل السياسية عليها من داخل مجتمعنا وخارجه".
بعدها فُتح باب النقاش، وكان لعدد من الحضور مداخلات بملاحظات وتعقيبات؛ فالكاتب والناشط/عبدالله ناجي شدد على ضرورة وقفة جادة لمنظمات المجتمع المدني المحلية؛ لوضع رؤية مستقبلية أكثر إيجابية، تؤتي ثمارها بشكل أكبر على المجتمع، منوهاً إلى أن الأمية والبطالة وغيرها من عوامل هي أسباب رئيسة لتوسع رقعة الإرهاب وانتهاكات حقوق الإنسان، معولاً على نخب وصفوة المجتمع والشباب العمل كلاً في مجاله؛ للنهوض بالمجتمع، من جانبه أكد الإعلامي والمحلل السياسي/منصور صالح على أن منظمات المجتمع المدني هي خط الدفاع الأول أمام كل ما يهدد أمن وسلم المجتمع، داعياً إياها إلى خلق علاقة وشراكة مع السلطات المحلية؛ بما يخدم المجتمع، كما دعت الناشطة/ضياء حسن السلطات المحلية إلى نهج المصداقية والشفافية بالتواصل مع المجتمع، بما يحفظ حقوق المواطن، ويضمن حياة كريمة له، بدوره أكد الموجه التربوي/تقية نعمان على أهمية تضمين مبادئ حقوق الإنسان في المناهج التعليمية منذ المراحل الدراسية الأساسية، بما يعزز مفاهيمها، ويسهم بتغيير سلوك الأطفال بشكل إيجابي ومثمر؛ لتنشئة أجيال واعية.
من جانب آخر أكدت المحامية/عفراء حريري أن حقوق الإنسان مبادئ أخلاقية، أصيلة وملتصقة بالإنسان، ومعاييرها أساسية؛ فهي التي تصف السلوك البشري، الذي يُنهج، مؤملةً على التمسك بالحقوق البسيطة ومنها يكون الانطلاق نحو الحقوق الكبيرة، وعلى كل فرد أن يراقب معاملاته، وعلى المجتمع فيما بينه كذلك متابعة سلوكياته وتقييمها، وبذات الوقت يفعل ذلك تجاه ممارسات السلطة المحلية، داعيةً إدارة المحافظة إلى فتح أبوابها أمام مشاكل المواطنين، متمنيةً منها اعتبار المجتمع المدني شريك وليس منافس، ويرى وكيل المحافظة/محمود شائف أن عدد من الظواهر السلبية الدخيلة على المجتمع ساهمت بشكل كبير في انتشار انتهاكات حقوق الإنسان، منوهاً إلى أهمية تغذية التقارير الحقوقية بالإحصائيات الدقيقة عنها.
يُذكر أن مجموعة من الناشطين/ات والمهتمين/ات بالشأن العام وقضاياه في مدينة عدن أسسوا مؤخراً ملتقى(الساعية)؛ على أساس الإيمان المطلق بأن جوهر الديمقراطية وحقوق الإنسان إنما يتجلى في التعبير عن مواطنة نشطة عبر المشاركة الفاعلة والحيوية؛ بدعم التغيير المنشود في مختلف الميادين، وبشكل أكثر تأثيراً، ويهدف الملتقى إلى الدفع نحو تغييرات شاملة في طبيعة النظام السياسي، ورسم مسارات جديدة في بناء الدولة المدنية الحديثة والمجتمع، وتعزيز ونشر الثقافة الحقوقية، وتطوير إمكانات العمل المجتمعي، والسعي في تحقيق العدالة الاجتماعية، وتكريس مبادئ المواطنة المتساوية والديمقراطية وحقوق الإنسان.
وسوم: العدد 698