إذا عرف السّبب...
يتأكّد يوما بعد يوم أنّ استمرار الاحتلال الاسرائيلي للأراضي العربيّة التي احتلت عام 1967 هو المسؤول عن زيادة العنف وسفك الدّماء في المنطقة، فاستمراريّة هذا الاحتلال وما صاحبه من ويلات، خلقت التّطرّف الدّيني في فلسطين والدّول العربيّة، وهو الذي يقود الشّعب الاسرائيلي إلى اليمين المتطرّف أكثر فأكثر، وبالتّالي فإنّ هذا يقود إلى حصول الأحزاب اليمينيّة على أغلبيّة مقاعد البرلمان الاسرائيلي-الكنيست-، حتّى أصبحت حكومة بنيامين نتنياهو الحكومة الأكثر يمينيّة وتطرّفا في تاريخ اسرائيل.
غير أنّ اشتداد التّطرف بين طرفي الصّراع لم يوفّر الأمن والاستقرار لأيّ من طرفي الصراع، ولا لدول وشعوب المنطقة، بل زاد الأمور سوءا.
ونحن كشعب فلسطينيّ عشّاق حرّية وسلام عادل ودائم، ومن حقّنا الحصول على حقّنا بتقرير المصير، ومن حقّنا العيش في دولة مستقلّة، كبقيّة شعوب الأرض، لكن الاحتلال يحرمنا هذا الحق، ويمتهن كرامتنا، ويصادر الأراضي التي يجمع العالم أنّ دولتنا ستقوم عليها، ويقيم عليها المستوطنات ممّا يجعل إقامة هذه الدّولة أمرا خياليّا.
ونحن كشعب له دوره في بناء الحضارة الانسانيّة، ولنا جذورنا التّاريخيّة والدّينيّة في بلادنا، نعشق الحياة ما استطعنا إليها سبيلا، ولا نعشق الدّماء، ولا نريد رؤيتها رغم دمنا المسفوك، ونعتبر حياة الانسان مقدّسة بغضّ النّظر عن دينه أو جنسه أو عرقه أو لونه، ونشعر بأنّات الثّكالى وبمعنى الفقد، لكن هل يرى الآخرون أنّ دماء البشر سواء؟ وأنّنا بشر لنا كرامتنا وأحاسيسنا، ونحبّ أبناءنا ونحرص على حيواتهم، ولا نريد أن نفقدهم؟
إنّ الاحتلال الذي سينهي عقده الخامس في حزيران القادم، قد أهلك البشر والشّجر والحجر، وما يصاحبه من انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان، ومخالفته للقوانين والشّرائع الانسانيّة والدّوليّة، هو المسؤول عن سفك الدّماء من الطرفين، وبالتّالي يجب على الرّأي العام العالمي ومجلس الأمن الدّولي، ، والدّول ذات التّأثير العالمي أن تعمل على انهاء هذا الاحتلال، وتمكين شعبنا الفلسطينيّ من حقّه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلّة بعاصمتها القدس العربيّة المحتلة، عندها سيتوفّر الأمن والسّلام لجميع شعوب ودول المنطقة.
وهل يدرك الاسرائيليّون أنّ الاحتلال المستمر منذ حزيران 1967 لم ولن يجلب لهم السّلام، وأنّ سياسة القوّة وتغييب العقل لا تلد إلا الويلات؟ كان من المفترض أن يتحقّق السّلام بانهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينيّة في العام 1999 حسب اتفاقات أوسلو، لكنّ الحكومة الاسرائيلية فضّلت الاستيطان والتّوسّع على السلام العادل والدّائم، ومع الأسف فإنّ قوى عظمى وفي مقدّمتها الولايات المتّحدة الأمريكيّة تدعم السّياسات الاسرائيليّة، بدلا من لجمها لمصلحة اسرائيل وشعبها قبل مصلحة غيرها. فإلى أين سيقود هذا الجنون دول وشعوب المنطقة؟
وسوم: العدد 702