سبعة أخطاء في خطاب الظواهري الأخير

 مجاهد ديرانية

1- خاطب البغداديَّ بالشيخ المكرم ودعا له بقوله "حفظه الله" و"وفّقه الله"، ونحن نسمّيه قائد عصابة داعش، المجرم المسردَب البغدادي، وندعو عليه بقولنا "قتله الله" و"لعنه الله".

2- خاطب البغداديَّ بصفته من سلالة النبي صلى الله عليه وسلم ومن أحفاد الحسن رضي الله عنه (مع أن رعاياه يزعمون أنه من أحفاد الحسين!) ونحن نراه من سلالة ذي الخويصرة، الأب الروحي للخوارج المعاصرين.

3- وصفَ النزاعَ الحاصل بين داعش ومجاهدي سوريا بأنه فتنة بين فريقين من المجاهدين، ونحن نراه قتالاً مشروعاً لردّ بغي عصابة داعش وعدوانها. وهي عندنا عصابةٌ من المجرمين وقطّاع الطرق لا علاقةَ لها بالجهاد، ولا نوافق على منح سفّاحيها ومجرميها ألقاب المجاهدين.

4- دعا المجاهدين إلى وقف الاقتتال بينهم وبين عصابة داعش، ونحن نرى وجوب استمرار القتال حتى نستأصل شرّ هذه العصابة ونقتلع شجرتها الخبيثة من أرضنا المباركة.

5- طالب العصابة بالعودة إلى العراق، أي أنه لم يَرَ بأساً في أن تعيث فساداً في العراق وأن تخرب الجهاد العراقي، ونحن نشفق على إخواننا المستضعَفين في العراق ونأبى أن تعود داعش إلى أرضهم لتفسد جهادهم الجديد كما أفسدته أولَ مرة.

6- حصر خطابه لزعيم العصابة الداعشية بالالتماس والمناشدة والرجاء، ونحن قد استفرغنا مع تلك العصابة الوسائلَ السلمية منذ زمن وعلمنا يقيناً أنها عصابةُ بغيٍ وعدوان لا يصلح لعلاج شرّها إلا السيف.

7- ناقض الظواهري في هذه الكلمة نفسَه، فقد خفَضَ للبغدادي الجناحَ وخاطبه بأرقّ وألطف لهجة يخاطب بها الأخُ أخاه، بعدما وصل معه في الكلمة السابقة (التي رثى فيها أبا خالد السوري) إلى قريبٍ من المفاصلة، حين قال إن الدافع الذي دفعه إلى قتل أبي خالد هو "الجهل والهوى والعدوان والطمع في السلطة" ودعا أتباعَه إلى فراقه. وهذه الشدّة لا تتفق مع اللطف البالغ والرقة والتبجيل الذي رأيناه في الكلمة الجديدة.

*   *   *

ولكيلا أظلم الرجل فإنني أضع احتمالاً بأن تكون هذه الكلمة الجديدة أسبقَ تسجيلاً من التي قبلها، فأحدثُ تاريخ تُشير إليه هو الخامس والعشرون من جمادى الأولى (وهو تاريخ إذاعة كلمة هاني السباعي) أما كلمة الظواهري في رثاء أبي خالد فقد أذيعت في الرابع من جمادى الآخرة، مما يُبقي الاحتمالَ قائماً بأن تكون الكلمةُ الجديدة أقدمَ تسجيلاً من الكلمة السابقة.

لكنّ التعذّرَ بهذا العذر لا يُعفي الظواهري من واجبه في حسم الخلاف بين النصرة وداعش بلا مجاملات سخيفة على حساب الدماء البريئة، ولا يَنفي أن كلمتَه الجديدة مشحونةٌ بالتردد والضعف كما هي جميع كلماته التي تعاملت مع مشكلة داعش منذ بدايتها قبل ثلاثة عشر شهراً، ولا ينفي أيضاً العيبَ الأكبر في تحركات وكلمات الظواهري كلها، وهو البطء الشديد والبرود واللامبالاة في معالجة مشكلاتٍ هي من أسوأ ما أصاب الأمةَ من كوارث، حتى تسبب هذا البطء في تدمير وتخريب الجهاد العراقي والصومالي وأوشك أن يُلحق بهما جهادَ أهل الشام لولا أن تداركه الله بلطفه ورحمته.

*   *   *

ورغم أنني أميل إلى الاعتقاد بأن كلمة الظواهري الأخيرة وُجِّهت إلى البغدادي ظاهراً والمرادُ بها على التحقيق أتباعُه الدواعش، لعله يسترد منهم مَن يستطيع فيعيدهم إلى صفوف "القاعدة" التي أخرجهم البغداديُّ منها، إلا أنني ما أزال أراها كلمة رخوة ضعيفة لا تناسب المقامَ ولا تتفق مع العاصفة الهوجاء التي تعصف بجهاد أهل الشام.

وقد كان ينبغي لمن سمّاه أتباعه "حكيم الأمة" (ويا له من لقب!) أن يكون أسرعَ حركةً وأكثر حزماً وحسماً. ألا ترون أن أبا خالد قد استُشهد في الرابع والعشرين من شباط فأذاع الظواهري نعيَه وعلّق على اغتياله الغادر الجبان في الرابع من نيسان، أي بعد نحو أربعين يوماً؟ وها هو يقول في هذه الكلمة الجديدة إنها استجابة لمناشدة هاني السباعي التي أذاعها في السادس والعشرين من آذار، أي قبل أربعين يوماً أيضاً.

ألا يدرك الظواهري أن كل أربعين يوماً من التردد والبطء والتأخر تكلف المجاهدين في الشام ألفَ شهيد؟! متى كان مثل هذا التردد والبطء من صفات الحكماء؟ ألا ما أرخصَ الألقابَ في هذا الزمان!