كعب آخيل القرداحة وسائر المشرق
هل لبشار الأسد نقطة ضعف يقضي منها نحبه، مثل كعب أخيل؟
يعود أصل مصطلح كعب أخيل إلى الميثولوجيا الإغريقية. تروي الأساطير أنه عندما كان طفلا، غطسته أمه في الماء المقدس الذي يمنح الخلد، فلم يصل الماء السحري إلى كعب "العجي". وهكذا كبر أخيل ليصبح أحد الرجال الأقوياء، الذين صمدوا في المعارك، ثم أصيب بسهم مسموم في كعبه، فقضى وفطس وتم الدعس عليه.
يقع الوتر أسفل كاحل ساق الرِّجل، ويصل عضلات رَبْلة (بطَّة) الساق بعظمة الكعب، وإذا قطع هذا الوتر فلن يكون بمقدور الموتور أن يجري، ويصعب عليه المشي حتى إلى حلب ليعلن النصر على شعبه، ولن يمكنه الوقوف على أمشاطه. سيمتشط منذ الآن بالمشط الإيراني، والسيشوار الروسي. استعاد رأس غليص حلب، وهي أعرق مدن التاريخ، وحارب ثمانين دولة، أما كان الأولى أن يحارب دولة واحدة، لا ليست إسرائيل، إنما هي دولة تنظيم النظام!
تعرض فيديل كاسترو إلى أكثر من 638 محاولة اغتيال كما يشاع ونجا منها جميعا، ثم فطس وتم الدعس عليه عن عمر يناهز التسعين عاما، بعد أن ورّث تركته وهي كوبا بشعبها، إلى أخيه وكلاهما شيوعيان! وكان الأسد الأب قد تعرض إلى محاولة قتل بزجاجة مولوتوف لا تصلح لألعاب العيد ولم تقتل أحدا، فانتقم مرتين: مرة من أسرى سجن تدمر، فقتل 1200 أو أكثر، من نخبة سوريا الأحرار، ومرة ثانية من الشعب السوري بأن أودعه السجن ما يقارب نصف قرن في علبة قانون الطوارئ و صندوق الأحكام العرفية، وجعل من نفسه سجانا للشعب، ومن سورية زنزانة. وزير سابق منشق، أو متسرب عن الدوام في النظام إلى المعارضة، في الائتلاف قال: لقد ساءت الحالة النفسية للأسد بعد العملية المشؤومة. مسكين.. وقد قام بمداوة نفسه بإنشاء وتأسيس دولة مخابرات.
مناسبة هذا الحديث هو نجاة بشار الأسد أصغر أصفهاني من كتيبة الجلطة، فيده التي ندعو على صاحبها بالشلّ سليمة وعينه كذلك، فإذا كان والده المصاب بسرطان الدم قد عاش ذلك العمر كله و نجا وعاش سبعين سنة كاملة في تبات ونبات ومقاومة وممانعة وصمود وتصدي فكيف بالغلام؟ وقد انتقم الناشطون منه بالدعاء أو السخرية، فزعموا أنه أصلا مشلول العقل، والأدلة كثيرة فالرجل أنكر البراميل، وهو يشبه إنكار قول البوصيري في قصيدة نهج البردة: وقد تنكر العين ضوء الشمس من رمد وتنكر الفم طعم الماء من سقم، والعجي لا تعاني عينه من رمد ولا فمه من سقم إنما هو العجب والكبر وشيء آخر سنشير إليه بعد قليل.
لم أسمع طوال مدة حكم رأس غليص الجمهوري، أنه تعرض لمحاولة اغتيال واحدة مشهودة، اغتال هو العشرات من رفاق الدرب، ومن رفاق الحزب الله الفارسي غير الاشتراكي مثل صهره آسف شوكت ومحمد سليمان وجامع جامع.. ومن حزب القرداحة، واستمر في القصر الجمهوري يضحك ويلعب الأتاري، ويأكل الكاجو، ويمشي في جنازاتهم.. فأين نقطة ضعفه؟
هو محمي "بأنتي بيوتك" و"فيتوات" دولتين عظميين، ودولة إقليمية لها مفاعل نووي في الحضانة، والغرب يقول له برسائل العشاق السرية: منحبك. الغرب يحبّه حبا لم يحبه قيس ليلى، أو على الأقل يفضله على كل المنافسين له من الائتلاف والدواعش والعلمانيين السنة، يقول له: والله لو خضت بنا بحر دماء السنة فأنا معك، هآرتس أعلنت الحب من فوق رأس الجبل أمس. العيّل محبوب.
يا أخا النزوح والمهاجر، هذا الرجل دون جوان غربي، كل الدول الأوربية تعشقه، رقبته طويلة، له جيد جداية، يركب عليها، وكشح كطي السابرية أهيف، كما ركب هو على رقابنا، هذا العجي بعيد مهوى القرط، الغرب الشعب والمنظمات المدنية والشعبية طبعا ينتقدونه في صحفهم، "لكنه حقيرنا" كما تقول العبارة الشهيرة، فهو يحارب الإرهاب، إنه سيف الغرب المسلول على الشعب السوري السنّي، الرجل الذي يحرص على أن يبقى الشرق شرقا.
كان رياض الترك السجين الشهير، سجين الانفرادية 17 سنة، قد قال: لن يسقط الأسد حتى يسحب عنه الغرب الغطاء. وقد كثرت الأغطية، فهو يتدثر بغطاء غربي، ولحاف روسي سميك، و تحته سجادة إيرانية تقيهِ برد الرحيل عن القصر، وناموسية تقيهِ من خير الناموس المفقود. الطغاة يبردون في ربيع الشعوب.
أين نقطة ضعف صاحب أجمل رقبة في التاريخ؟ نقطة ضعفه ليست في الرقبة؟ نقطة ضعفه مثل نقطة راغب علامة الذي قال: و"أنت" يا حبيبتي "أنت"، نقطة ضعفي الوحيدة. هو حبيبة الغرب والشرق والشمال والجنوب.
تقول حكاية سورية، وهي مشهورة باسم "سرير بنت الملك": إن أحد الملوك الذين كانوا يحكمون "بصرى" القديمة في الزمن الوثني الغابر. قرّر أن يبني لابنته سريرا على باب المدينة، يتيح لها أن ترى الداخلين والخارجين منه، ووضع لها خدما وحشما وحراسة مشددة، حتى يمنع عنها الشر، ولأن هناك أسطورة نقلها له الكهنة بأن ابنته ستموت بالسم، أمر بنشر الفلاحين والحرس في مطلع موسم "سعد الجنايا"، والتي يخرج فيه من الأرض الحشرات السامة من عقارب وأفاع، حتى لا تصل إلى ابنته، ولكن الأميرة كان يعجبها منظر التلال المليئة بقطوف العنب، التي يحملها المزارعون للمدينة، وأمرتْ جواريها بإحضار قطف عنب، فرُفع لها بالحبل إلى برجها العالي، وما إن مدت يدها إليه، حتى لدغتها عقرب صغيرة صفراء لا تكاد ترى أو تلاحظ داخل العنقود الكبير، فماتت.
لقد احتلت سورية، وبات الأسد ملكا أسيرا في سرير ابن الملك، بقيود ذهبية لدى القياصرة والأكاسرة، والأكاسرة أسوأ من القياصرة، والسبب هو الجوار والثأر، فقد دمر أجداد العرب ملكهم وأخمد نيرانهم المجوسية، فأشعلوها في بلادنا، وتشير معطيات أولية، أنهم صاروا يطالبون بشار الأسد بالثمن، كما صرحت شخصية إيرانية رفيعة القدر والشأن، ونزل الجند والشبيحة من فوق الجبل لجمع الغنائم، وسيتصارعون، والأغلب أن الأسد الجونيور الذي بنى له والده سرير ابن الملك الذهبي، قد اشتهى العنب الروسي، والسجاد الإيراني، وسيدفع الثمن بعنقود عنب، وقد يخرج له عقرب من ثنايا سجادة، أو يكون سما في قارورة فودكا...؟
تشير الأخبار إلى أن العلويين متضايقون من الفُرس الشيعة، فالفرس الشيعة قوم متدينون حُمس، تقاة على المذهب الشيعي، وسيفرضون على نساء التقدميين العلويين الحجاب واللطم، والروس أقرب إليهم سلوكا، وإن كانت عداوة السنّة وبغضهم تقرّب بين العلويين والصفوية المتشيعة، لكن هذه العداوة لا تكفي لجمعهم في فراش واحد طويلا.
نقطة ضعف وريث قلعة "آلموت" الوحيدة هي في اللحاف الغربي يا أخا النزوح والقروح، ما إن يسحب الغرب اللحاف حتى يموت من البرد ويحل سعد الجنايا.
شخصيا لا يهمني عيش بشار أو موته، المهم أن تموت فكرته، ليس عندي مانع أن يعيش منفيا مثل كل الطغاة في السعودية مثل عيدي أمين و زين الهاربين بن علي و برويز مشرف.. والسعودية منفى معظم الطغاة للأسف، وهي نقطة ضعف راغب علامة الثانية أو الثالثة، الرابعة هي قسوة قلوبنا ، فطال علينا الأمد.
وسوم: العدد 707