مسيرة التحول إلى الدولة المستقلة..
د. هاني العقاد
قد تكون مسيرة التحول إلى دولة فلسطينية بدأت قبل هذا التاريخ أو حتى قبل الانقسام الذي الحق العار بما هو فلسطيني , واحدث بطئا مخيفا في هذه المسيرة وأصبح الهدف إعادة غزة إلى الحضن الفلسطيني بأي ثمن لان الاحتلال الإسرائيلي وحلفائه بالعالم اعتقدوا أن مشروعهم تجاه غزة أصبح قاب قوسين أو أدنى وبدءوا يتعاملون مع غزة على أنها خارج دائرة الصراع , و رسموا كافة خرائط المنطقة على هذا الأساس وبالطبع فان مسيرة إعادة غزة ستأخذ من الجهد والوقت ما يحتاجه الفلسطينيين لتمهيد الطريق إلى مسيرة التحرر والدولة المستقلة , بالرغم من أن الطريق اليوم أصبحت سالكة إلى حد ما يمكن الفلسطينيين من الوصول بالمجتمع الدولي للاعتراف بفلسطين كدولة تعاني من الاحتلال الذي يمارس كل موبقاته من سرقة ارض واستيطان وتزوير تاريخ وتهويد مقدسات إسلامية ومسيحية ,إلى تهجير وقتل الإنسان وتدمير ممتلكاته إلى العديد من إجراءات الاحتلال التي تنفذ حسب خطط صهيونية محكمة الإعداد , ومع حصول فلسطين على دولة مراقب بالأمم المتحدة وانضمامها إلى العديد من المنظمات والمعاهدات الدولية أصبح الوضع القانوني للدولة الفلسطينية يتطلب معه التحول إلى دولة فعليا لتصبح أخر دولة تحت الاحتلال في العالم مع التدرج والسعي المتواصل في تحويل كل مؤسسات السلطة القائمة إلى دولة تؤدي مهامها كدولة على المستويين الداخلي والخارجي رضيت إسرائيل أم لم ترضي , ولعل الدولة التي يسعي كل الفلسطينيين إلى إيجادها على ارض الواقع يعرف كل العالم ما هي حدودها ويعرف أين تقع وما عاصمتها , فبمجرد أن اعترف العالم بفلسطين دولة مراقب بالأمم المتحدة وقد تغيرت كل ما يتعلق بالسلطة في الأمم المتحدة إلى دولة وهذا يتطلب استحقاق فعلى يقوم به الفلسطينيين على أرضهم ومدنهم و وزاراتهم و سفاراتهم وأحوالهم الشخصية وثائق تعريفهم المدنية , ولا يأبهوا بمواجهة إسرائيل وعدم اعترافها بهذه الوثائق لأنها تريد من الفلسطينيين أن يحملوا وثائق لا تصل لمستوي وثائق الدولة بل وثائق تبقي الاحتلال وسلطاته كقوة تقيد حرية كل الفلسطينيين .
بالفعل كان الانقسام عائقا كبيرا في طريق الفلسطينيين إلى دولتهم وهذا اعتراف لم نقدمه الآن بل كنا نكرره في كل زمان ومكان والعائق الأكبر اليوم هو تأخر حالة التوحد الفلسطيني وبالتالي انشغال الفلسطينيين بمسيرة استعادة الوحدة الوطنية على حساب الوصول إلى مرحلة الاكتمال بالانضمام لكافة مؤسسات وهيئات ومنظمات الأمم المتحدة لتصبح فلسطين على مقعد الأمم المتحدة دولة عضوا كامل العضوية, ليقف العالم أمام مسؤوليات حماية أراض هذه الدولة من ممارسات الاحتلال بالدرجة الأولى إلى أن يتحقق هدف إجبار الاحتلال على الانسحاب الكامل من كافة أراضي الدولة الفلسطينية ,ومنح أصحابها حق تقرير المصير وعودة كل المهجرين والنازحين إلى ديارهم التي طردوا منها , ولعل هذا ما تدرك خطورته إسرائيل وتحاول بكل الطرق إعاقة وصول الفلسطينيين لهذا المستوي بل وتحاول إعاقة طريق وحدتهم وتعتبر هذا تحالفا يضر بإسرائيل , وتحالفا يسقط مخططات إسرائيل على اعتبار الدولة الفلسطينية هنا في غزة ويمنح بعض مدن الضفة الغربية حكما ذاتيا لا أكثر ولا اقل, لهذا جن جنون إسرائيل واعتبر رئيس وزرائها المتطرف نتنياهو أن الفلسطينيين فاجئوا الإسرائيليين والأمريكان بخطوتهم هذه وهدد وتوعد الفلسطينيين بحصار اقتصادي خطير بل انه تمادي في حالة الفُجر التي أصابته منذ أن تولى إدارة رئاسة إسرائيل بالانتخابات الأخيرة وقال أن على أبو مازن أن يختار بين الوحدة والتصالح مع حماس أو السلام , واليوم يأمر نتنياهو اللجنة القانونية في حكومته الصهيونية البدء بإعداد خطة لضمهم الكتل الاستيطانية الكبيرة بالضفة الغربية لإسرائيل وبالتالي تحديد حدود دولة إسرائيل كما يريدها هو بعيدا عن حدود العام 1967 ليقضي نهائيا على أمل في تطبيق مشروع الدولتين ليبقي للفلسطينيين مدن محاطة بالمستوطنات وطرق مقطعه بالحواجز واقتصاد محتل , وعاصمة لا يملك فيها الفلسطينيين إلا بعض من المسجد الأقصى دون حق الوصول إليه وممارسة الصلوات الخمس .
مهما كانت العقبات فإن المسير إلى الدولة الفلسطينية المستقلة عبر النضال الدبلوماسي من خلال جبهة عريضة تمثل الكل الفلسطيني داخل إطار منظمة التحرير الفلسطينية بات مؤكدا لأن هذا أسرع طريق للتحرر و أسرع بكثير من المفاوضات لان إسرائيل لا تفاوض علي أساس مشروع سلام أو مشروع إنهاء الصراع بقدر ما تفاوض بهدف تأجيل حصول الفلسطينيين على دولة وإتاحة الزمن المناسب للاستيطان الصهيوني لترسم من خلاله خارطة الوجود الصهيوني كيفما تريد ,وتجعل الوجود الإسرائيلي الاستيطاني أمر واقع يجب على العالم القبول به , لهذا اضطرت إسرائيل أن تكشفت عن وجهها القبيح مبكرا بمجرد أن وقع الفلسطينيين وثيقة البدء في تنفيذ المصالحة والولايات المتحدة أيضا انكشف دورها الضعيف في رعاية المفاوضات و محاولة إنهاء الصراع وليس بإمكان إدارة اوباما الحالية أن تتدخل لصالح السلام الحقيقي والعادل وبالتالي تحقيق وتطبيق مشروع الدولتين حسب قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.