ناشطون صحافيون: الإعلام السوري المعارض إعلام «منصات» و«خارجيات»
أنطاكيا ـ «القدس العربي»: «وراء كل موقع إعلامي ممول» أصبح الأمر معروفاً لكل ذي قلم، أن كل موقع إخباري سوري معارض يحتضن الناشط الإعلامي المناسب لتوجهه وسياسته التي يدور في فلكها، إلا أن التغير السريع في شبكة التحالفات الدولية المتعلقة بالشأن السوري، والمفاجآت التي تتوالى انعكس على تلك المواقع والصحف ما أدى لتغييرات طارئة على أسلوب نقلها للخبر، وهنا تاه الناشط الإعلامي السوري بين ما أراد قوله، وبين ما أريد له أن يقوله.
وبأسماء مستعارة خشية فقدان الرزق تحدث ناشطون سوريون عن معاناتهم وحيرتهم بين الإصرار على ما يعتبرونه مبادئ وبين التمسك بوارد مالي بسيط يأتي في نهاية الشهر يقيهم وأسرهم شر العوز والحاجة.
يقول الناشط الإعلامي محمد عبد الغني لــ «القدس العربي»: «عملت كمراسل ميداني لموقع سوري معروف، وعلى مدى عامين كنت أرسل الأخبار والصور ومقاطع الفيديو حول ما يحدث في منطقتي، وأنقل الحقيقة كما هي دون أية مبالغة أو تزييف، وقد جرت الأمور بشكل جيد حتى منتصف العام الماضي، إذ بدأ الموقع يطالبني بالتركيز على قضايا معينة والعمل على تضخيمها وجعلها الأهم بين الأحداث رغم أنها تُعد أموراً ثانوية بالمقارنة مع أحداث أخرى».
ويضيف «مازلت على رأس عملي لكنني أشعر أنني فقدت الثقة بنفسي أولاً ومن ثم فقدت الإحساس بأنني العين التي تنقل الحقيقة، بل أشعر اليوم انني أصبحت من دون قيمة أو هدف، إذ أصبح كل هدفي هو الحصول على مرتبي الشهري الذي لا يتجاوز ثلاثمئة دولار، لكنني بحاجة لها للأسف».
فيما يرى الناشط حسان الحلبي أن وسائل الإعلام السورية المعارضة لم تتغير ومنذ تأسيسها كانت برعاية «وزارات خارجيات» بعض الدول المتحكمة بالحالة السورية سياسياً وميدانياً، ويقول «الإعلام البديل لم يكن قط نتاجاً للثورة، أو وليداً ربّته ورعته، بل كان منذ تأسيسه إعلام خارجيات، فكل دولة كانت تمول مشروعاً إعلامياً سواء كان موقعاً أخبارياً أو محطة راديو، وهذا أمر معروف للجميع ولا يخفى على أحد، لكن هذه الدول آنذاك أي عام 2012 بالتحديد كانت تقف مع الشعب السوري وتساند حراكه ضد النظام، ما جعل الأمر يبدو طبيعياً وبدات هذه المؤسسات الإعلامية في بث الانباء دون توجيهات وضوابط ومحددات تفرض عليها».
ويؤكد الإعلامي الشاب أنه وعلى مدى أكثر من عامين، كان يكتب التقارير الصحافية لمواقع اخبارية عدة، إلا أن الأشهر الأخيرة لم تكن كسابقتها، إذ بدأ بعض المواقع يطلب منه تجنب انتقاد جهات سياسية معينة، سواء على صعيد الحكومة المؤقتة والائتلاف أو على صعيد المنصات المعارضة التي بدأت تظهر واحدة تلو أخرى».
ويضيف حسان لــ «القدس العربي»: «في البداية كان حظر النقد يتعلق بالمعارضة وتسمياتها ومنصاتها، ثم تحول لدى كل جهة إلى الترويج للمنصة التي تتبناها الدولة الداعمة، لدرجة أنني لم أعد أعرف ماذا علي أن أفعل، هل أترك العمل الصحافي نهائياً، أم أجاري الواقع وأحافظ على مصدر رزقي، ومازلت حائراً وغير قادر على اتخاذ قرار، لكنني أعتقد أن الامور ستسوء أكثر من ذلك فقد أصبح الإعلام السوري المعارض بعيداً ولو عن نسبة ضئيلة من النزاهة والوضوح، فإياك ثم إياك أن تكتب ما يغيظ روسيا لأنه لن ينشر في موقع ما بينما إن كتبت ما يزعج الاتراك فأكثر من نصف المواقع المعارضة سترفض النشر، وقس على ذلك».
بلقاءات مختلفة مع عدد من الناشطين أوضح معظمهم أن الإعلام السوري المعارض بات إعلام منصات وخارجيات لا أكثر، ولم يتبق فيه من المعارضة سوى بعد مواضيع مستهلكة من دون قيمة، فيما شرح بعضهم أنهم توقفوا عن النشر بأسمائهم الحقيقية، إذ أنهم يخجلون مما يكتبون أحياناً، حسب قولهم، فيما فضلت الصحف والمواقع أسلوب توظيف المحررين الصحافيين الذين يكتبون ما يطلب منهم وما يرضي الدولة الداعمة لها، بحيث يلغى اسم الصحافي كما يتم إلغاء شخصيته وهوية قلمه أيضاً.
وسوم: العدد 708