نائبة من ضواري البرلمان تنقض على فريستها

رغم تضعيف الحديث النبوي القائل (( كيفما كنتم يُولى عليكم)) لكن تبقى له أهمية كبيرة في حياتنا العامة سيما من الناحية السياسية والإجتماعية، وهو الجانب الذي يخصنا، ويقال في المثل العربي المستقى من شعر سبط إبن التعاوذي:

 إذا كان ربٌ البيت بالدف مولعا   فشيمة أهل البيت كُلهم الرقص.

غالبا ما ينتج المجتمع قادة بمواصفات بمثل مواصفات شريحة كبيرة من منهم، فالمجتمع المتحضر ينتج زعيم متحضر، والمجتمع المتخلف ينتج زعيم متخلف، والمجتمع المنغلق ينتج زعيم مستعبِد، والمجتمع الجاهل وغبر الواعي ينتج طاغية مستبد، وهكذا دواليك.

رباط كلامنا هو فيلم الفيديو الذي نشر في بعض المواقع وينقل صورة مأساوية حدثت في ما يسمى بالبرلمان العراقي، وهي حالة تشبة بالضبط ما يحدث من شجار في البارات والمباغي أو على أقل تقدير في شريعة الغاب. مع ان البرلمان يفترض ان يضم النخبة الراقية التي أختارها الشعب لتمثله، ولذلك غالبا ما يتبجح النواب بأنهم ممثلي الشعب، وهذا هي الطامة الكبرى، مع تحفظنا على الغش والتزوير الذي مارسته ما تسمى مفوضية الإنتخابات المستقلة، مع انها الأبعد عن الإستقلالية لأنها من رئيسها الى أصغر موظف فيها قد تم أختياره وفق نظام المحاصصة الطائفية والعنصرية. علاوة على ألاعيب الكتل السياسية، والقضاء المسيس لشيعة السلطة وفضلاتهم من زعماء أهل السنة قبل وخلال العملية الإنتخابية.

سأنقل للقاريء الفاضل ما تفوهت يه إحدى النائبات والتي يتبين من هيئتها إنها اشبة بمربيات الجاموس في منطقة الفضيلية اللواتي كنٌ يبيعنٌ الحليب والألبان، مع احترامي للمهنة الشريفة والنساء الشريفات لمن يمارسنٌ هذه المهنة الأكثر فائدة من عمل البرلمانيات. جاء كلام النائبة ردٌا على ما اقترحته احدى زميلاتها النائبات في تبني تشريع يسمح للرجل بالزواج من إمرأة اخرى بسبب وجود الملايين من الأرامل والعوانس والمطلقات، وهو إقتراح ربما إنتقده البعض لأنه لم يأتِ في الوقت المناسب، ولكنه مجرد إقتراح يمكن قبوله أو رفضه من خلال المناقشات الهادئة. كما ان الكثير من قرارات مجلس النواب أتخذت ليس في وقتها المناسب ولم تناقش بشكل مفصل وشافي، منها قانون الحشد الشعبي وقانون حظر المشروبات الكحولية، في الوقت الذي لا زال لاعبو البرلمان يراوحون في مكانهم في إتخاذ قرارات مهمة لصالح الشعب مثل قانون العفو العام، وإزدواد الجنسية وقانون الأحزاب وغيرها. كما إدعى البعض ان الدين الإسلامي يسمح بالزواج من إمرأة ثانية ولا يستدعي الأمر سن قانون بذلك، وفاته هؤلاء ان التشريع الإسلامي قيده دستور العراق وبقية الدول الإسلامية بقانون وضوابط معروفة للجميع، بمعنى ان التشريع محدد، وليس مفتوحا ومتاحا للجميع.

إقترحت النائبة جميلة العبيدي في مؤتمر صحافي بمجلس النواب العراقي" الواجب أن نشجع الرجال على الزواج من أكثر من واحدة وننبذ ثقافة المرأة الواحدة على حساب أخواتنا، وأن الإقتراح يفيد المطلقات والأرامل اللواتي فقدن أزواجهن في أعمال العنف. وطالبت النائبة بسَنِّ قانون يحمي حرائر العراق لعلاج هذه الظاهرة، عبر تقديم حوافز مالية تشجع الرجال وتساعدهم على الزواج من كل أرملة ومطلقة، معتبرة أن العسر المالي أحد الأسباب التي تعترض الزواج بأكثر من واحدة". بمعنى ان النائبة إنطلقت من حالة إنسانية تخص المرأة العراقية في ظرفها الراهن والقسري، وليس لأرضاء الرجل في فراشه، وهذا أمر يبرر مقترحها، ولا يعني قبوله أو رفضه.

من المعروف أن عدد الأرامل تجاوز المليون ويمكن الحكم على المطلقات بنفس العدد على ضوء تصريحات السلطات القضائية. فقد اعلنت السلطة القضائية العراقية في 5/12/2016 عن احصائية كاملة لحالات الطلاق منذ عام 2004، فيما اشارت الى ان اكثر حالات الطلاق حدثت في عام 2011.وسجل العراق من 2004 لغاية نهاية شهر تشرين الاول من العام الحالي 681,011 حالة. واعلى الزيادات السنوية حصلت بين عامي 2008 و 2009، باكثر من 8,500 حالة، واقلها بين عامي 2014 والعام السابق بـ 23 طلاقاً فقط.وفي 2011 سجّلت البلاد اعلى الحالات بأكثر من 59.500 حالة، ومن ثم هبطت للسنوات الثلاث التي تلت ذلك العام، قبل أن ترتفع بـ23 حالة خلال العام الماضي، مع توقعات بأن يستمر التزايد في الطلاقات مع نهاية 2016. ناهيك عن النسبة الهائلة من العوانس، فالعراق متقدم في هه الناحية عن بقية دول العالم بسبب موجات لجوء الشباب الى خارج القطر، والنزوح والهجرات الداخلية، وانشغال الشباب بالحروب، ومقتل عشرات الألوف من الشباب بسبب الحروب وعمليات الإرهاب اليومية، إضافة الى الفقر الذي تجاوزت نسبته 35% من السكان، والبطالة التي ارتفعت الى حوالي 35% من الشباب القادر على العمل، وصعوبة الزواج بسبب صرفيات الزواج ومتطلباته من سكن وملبس وطعام وغيرها من اللوازم التي يصعب توفيرها من قبل الرجل، وشيوع زواج المتعة كبديل عن الزواج الدائم بتشجيع المعممين عليه.

من الطبيعي انه يحق لأي من النواب ان يقترح ما يشاء في باحة البرلمان وفقا للنظام الداخلي، فباحة البرلمان هي المكان الأفضل الذي يمكن للبرلماني فيه أن يعبر عن أفكاره ومقترحاته بغض النظر عن صلاحيتها الزمانية والمكانية ومضمونها. وعادة ما يكون لأي مقترح أنصار ومعارضين، وهذا ما شهدناه في جميع القرارات التي التي تبناها البرلمان سابقا وشرعت كقوانين. لكن الطريقة البذيئة التي جوبهت بها النائبة صاحبة الإقتراح تدعو الى التقزز.

فقد ظهرت إحدى النائبات الموشحة بالسواد من الرأس الى القدم، وبيدها نعالها ـ نائبة تحضر جلسات البرلمان بالنعال ـ وهددت زميلتها بضربها بالنعال مكافأة على مقترحها، ونفذت على الفور تهديدها الجدي، ويبدو انها رأت ان فعالية النعال محدودة ولا تفِ بالغرض المطلوب، او أنه اخطأ الهدف، فإنقضت على زميلتها كالثور الهائج وأوسعتها ضربا، وبتدخل بعض النواب تم إبعادها عن فريستها قبل ان تلتهمها.

ولننقل ما تفوهت به ممثلة الشعب باللهجى العامية " إنجبي ولج شنو هذا القرار الجديد، تسحبين القرار لو أحط النعال بحلكج، حسبالج جميلة العبيدي ومحد يحجي وياج، ادبسز! تريدين يا خذون زلمنا منا، ولج يا العوبة، تريد تسوي قرار زواج ثاني العوبة".

ترجمة الكلام البذيء هو" إخرسي ما هذا القرار الجديد! أما أن تسحبي القرار أو اضع النعال في فمك، هل لأنك جميلة العبيدي لا أحد يتمكن من مواجهتك؟ يا عديمة الأدب! هل تريدين ان يأخذوا أزواجنا منا؟ يا معيوبة (سيئة الأخلاق او ساقطة خلقيا)! تريدين سن قرار زواج ثاني يا ساقطة! بالطبع هذا الحوار أحادي تم من جهة واحدة، فالنائبة صاحبة الإقتراح وقفت مبهوته كالشاه عندما يقابل ذئبا، لا تعرف ماذا تجيب قبل الإنقضاض عليها من قبل العلوية المتأثرة جدا جدا بأخلاق سلفها، فجسدته خير تجسيد أمام الناس! الأعجب منه ان النائبة الفهيمة لا تفرق ما بين القرار والمقترح! ولم يُسمَع لها حس ولا نفس خلال السنوات الثلاث الماضية.

المشكلة ان كانت هذه النائبة الضارية تتصرف هكذا مع زميلتها في البرلمان، فكيف تتحاور خارج البرلمان مع جيرانها وأقاربها غيرهم، سيما في حال وجود مشاكل ما؟  نترك هذا لخيال القاريء الخصب لتكوين صورة مناسبة!

هذه النائبة لديها فصيل من الحماية وموكب من سيارات الدفع الرباعي، فكيف تتصرف هي وأتباعها بالشارع مع من يضايق موكبها المهيب مثلا؟ وكيف سيكون موقف ضابط المرور أو نقطة السيطرة لو أرادت التأكد من هويتها فقط؟ أي لهجة سوف تستخدم، وقد سمعنا إدائهما البروتوكولي واسلوبها النوذجي الرصين داخل البرلمان مع نائبة من جنسها؟

السوال المحير هنا: هل يجرأ زوج هذه النائبة المفتولة العضلات على الزواج من امرأة أخرى؟ بالتاكيد سيكون حديث الأجيال لو تجرأ فرضا على هذه الفعلة، ربما ينتهى بالضربة القاضية قبل أن تزف لها عروسه!

كلمة أخيرة! هنيئا لكل عراقي غمس أصبعه بالحبر البنفسجي وإنتخب هذه النائبة المسعورة، لا بد ان ينطبق عليه الحديث (( كيفما كنتم يُولى عليكم)).

وسوم: العدد 713