جيش الظل الإسرائيلي
فتحت سعيدة وارسي أول وزيرة بريطانية مسلمة ، والبارونة الحالية في مجلس اللوردات ، العيون على ما يمكن تسميته " جيش الظل الإسرائيلي " ، حين طالبت في مقابلة مع موقع " ميدل إيست آي " بمحاكمة البريطانيين الذين يخدمون في الجيش الإسرائيلي ، موضحة أن القوانين البريطانية في هذا الجانب تعاقب البريطاني الذي يقاتل مع منظمة أجنبية ، ولا تفعل الشيء ذاته مع من يقاتل في جيش دولة أجنبية ، وفسرت وجود هذه الثغرة القانونية بالحرص على مصلحة إسرائيل . ويعمل هؤلاء البريطانيون في الجيش الإسرائيلي من خلال برنامج " ماهال " ، وبحثت عنه فوجدت في الموسوعة الحرة ( ويكيبيديا ) موضوعا بالإنجليزية يحوي معلومات لا بأس بها عنه ، ومنها أن الاسم ( ماهال ) منحوت من الحروف الأولى لاسمه العبري الذي يعني " متطوعون من خارج البلاد " ، والمقصود بالبلاد إسرائيل . ومن معلوماته أن هؤلاء المتطوعين ، وهم يهود وغير يهود ، قاموا بدور فعال ومؤثر في حرب 1948 بين العرب والدولة الصهيونية الجديدة ، وبلغ عددهم في تلك الحرب 4000 مقاتل ، هلك منهم في الحرب 123 بينهم أربع نساء ، وكثرتهم من الجنود والضباط البريطانيين والأميركيين الذي سرحوا من الخدمة بعد الحرب العالمية الثانية للتقليل من تكاليف الميزانيات الدفاعية ، والانصراف لمعالجة الضوائق الاقتصادية والمالية والاجتماعية الكبيرة التي خلقتها حرب السنوات الست الرهيبة الهائلة التكاليف ، وبهذه الخلفية ، كانوا أصحاب خبرات ومهارات قتالية عالية ومتنوعة . وأهم إسهاماتهم وأخطرها كان في سلاح الجو الإسرائيلي الناشىء الذي شكلوا ثلثي قواه البشرية . ولغلبة العناصر البريطانية والأميركية فيهم ، ولحد ما الكندية ، سادت الإنجليزية حينئذ بدل العبرية في ذلك السلاح . وتوصيفا لخبرة ومهارة طياريه من تلك العناصر ؛ يورد كاتب الموضوع أنه في السابع من يناير 1949 ، وقبل وقف إطلاق النار بساعات ، اجتازت أربع طائرات بريطانية من نوع سبيتفاير ، يبدو أنها انطلقت من القاعدة البريطانية في منطقة السويس ، ما صار يعرف بالحدود الإسرائيلية الجنوبية مع مصر ، فتصدت لها طائرتان إسرائيليتان من نفس النوع بقيادة طيارين من هؤلاء المتطوعين ، وأسقطت منها ثلاثا ، وهم الذين قادوا طائرات الشحن التي ألقت ليلا آلاف الأطنان من الإمدادات المتنوعة للمستوطنات الإسرائيلية في النقب وقت حصار القوات المصرية للمنطقة . ومن أشهرهم مايكي ماركوس اليهودي الأميركي الذي رقي في إسرائيل من رتبة عقيد التي جاء بها من أميركا إلى رتبة ألوف أو عميد ليكون بذلك أول من حازها في الجيش الإسرائيلي ، مكافأة له على دوره في الحرب خاصة في معركة القدس . وتنشط إسرائيل في إعداد هذا الجيش الرافد لجيشها . ومن طرقها في هذا النشاط تدريب شبان في داخلها من الدول الأخرى خاصة الغربية ، وتتركهم يعودون إلى بلدانهم ، وتظل على صلة بهم ، وتستدعيهم عند ما تحتاجهم . ومنها الدفع بشبان من أوروبا الشرقية للهجرة إلى فرنسا ، وهناك يدربون عسكريا ، ويخدمون في الجيش الفرنسي ، وبعد ثلاث سنوات من التدريب والخدمة يمنحون حق الإقامة في فرنسا ، وفي نهاية السنة الخامسة لوجودهم فيها يمنحون الجنسية الفرنسية ، وعندئذ يرحلون إلى إسرائيل ليصيروا فيها مواطنين مزدوجي الجنسية . والمؤلم المستنكر من ناحيتنا في شأن جيش الظل الإسرائيلي هذا أنه يضم كتيبة مصرية خالصة تألفت من المصريين الذين قدموا لإسرائيل قصد العمل ، وتصفهم المصادر الإسرائيلية بالولاء والإخلاص الصادقين لإسرائيل . ومهما كان الإقرار من جانبنا صعبا مضنيا للنفس فلا مناص منه ، وخلاصته أن هذا الجيش الرافد والمقوي للجيش الإسرائيلي ما كان ليوجد لولا عمق وحيوية النظرة الإسرائيلية للقضايا الأمنية بوصفها قضايا مصيرية ، ولولا البراعة الكبيرة والمتنوعة للتغلب على العقبات والمصاعب التي من المحتم أن تعترض وجوده . وهذا يحدث في وقت تتكسر فيه الجيوش العربية النظامية في حروب محلية وبينية إذا لم تتوقف ستهلك العرب مجتمعات ودولا وحتى عرقا . إسرائيل تتعملق ذاتيا ، وهذا نذير مخيف بالتعملق الجغرافي والتاريخي ، والعرب ينتحرون ذاتيا .
وسوم: العدد 714