إعادة تقسيم المنطقة العربيّة قيد التنفيذ
مع التأكيد على إدانة وشجب جريمة الحرب باستعمال الأسلحة الكيماوية في ريف ادلب السوريّة، وقتل المدنيّين السّوريّين، وضرورة معاقبة مجرمي الحرب الذين يقفون خلف هذه الجريمة وغيرها من الجرائم التي تستهدف المدنيّين، إلا أنّ القصف الأمريكيّ يصواريخ التوما هوك لمطار الشعيرات العسكري (طياس)، جنوب شرق مدينة حمص، وسط سوريا، يكشف دلائل وبراهين على من استعملوا الأسلحة الكيماويّة، والهدف المرجو من وراء ذلك، وهم إمّا قوى الارهاب التي تعيث قتلا وتدميرا في سوريا، أو جهات اقليميّة مجاورة أو دوليّة، لا تريد الخير لسوريا ودول وشعوب المنطقة.
ويبدو أنّ انتصارات الجيش السّوري في الأيّام والأشهر الماضية، كانت في الطريق الصحيح للقضاء على الارهاب، ووقف النّزيف الدّموي، ممّا أزعج من يموّلون ويغذّون حرب الارهاب الكونيّ على سوريّا، في محاولاتهم الدّؤوبة لتطبيق "مشروع الشّرق الأوسط الجديد" الأمريكيّ لإعادة تقسيم المنطقة العربيّة إلى دويلات طائفيّة متناحرة، وكان لا بدّ من مبرّر لتوجيه ضربات قويّة ومؤلمة للجيش العربيّ السوري الذي يتصدّى لقوى الارهاب العالمي، الذي يرتدي عباءة الاسلام السّياسيّ. ومن هنا جاء استعمال الأسحة الكيماويّة في ريف ادلب، ليعطي تبريرا للقصف الأمريكيّ للمطار العسكريّ السّوريّ.
وإذا كانت أمريكا معنيّة بحياة المدنيّين حقا، فلماذا واصلت غاراتها هي وقوى ما يسمّى بالتحالف على الموصل، بعد استهداف مبنى لجأ إليه المدنيون ودّمروه على رؤوس المئات الذين كانوا يحتمون داخله؟ وماذا ستقول لمئات آلاف المدنيّين العراقيّين الذي قتلتهم في حربها على العراق وتدميره واحتلاله بناء على أكاذيب اعترفت بها أمريكا نفسها؟ ولماذا لم نسمع أيّ موقف انسانيّ من أمريكا وحلفائها أثناء محارق قطاع غزّة عام 2014، وقبلها عامي 2012 و 2008؟
ولم تعد الأهداف الأمريكيّة في تمويل الارهاب في سوريا والعراق وغيرهما خافية على ذي عقل، ويبدو أنّها لن تتوقّف قبل تحقيق أهدافها المعلنة في إعادة تقسيم المنطقة.
ولا يمكن تفسير القصف الأمريكيّ للمطار العسكريّ السّوريّ إلا كدعم جديد وخطير للارهابيّين لاطالة أمد الحرب، واستمرار استنزاف الجيش السّوريّ، تمهيدا لحلّ اقليميّ سينتهي بتقسيم المنطقة العربيّة إلى دويلات طائفيّة متناحرة، وتصفية القضيّة الفلسطينيّة لصالح المشروع الصّهيونيّ.
وسوم: العدد 715