عصيد يتاجر بقضية طلبة أغرار بفاس أساءوا الأدب من الدكتور زغلول النجار
عصيد يتاجر بقضية طلبة أغرار بفاس أساءوا الأدب من الدكتور زغلول النجار ليقوم بالدعاية الرخيصة لتوجهه العلماني الملفوظ في المغرب
أحمد عصيد العلماني قناص فرص لا تفوته فرصة دون الخوض في مائها العكر، وهو خبير بالسباحة فيه . اقتنص مؤخرا فرصة إساءة بعض طلبة فاس الأغرار الأدب مع الدكتور زغلول النجار الداعية المعروف المتخصص في الجيولوجيا والباحث في الإعجاز العلمي في القرآن تحت ذريعة مناقشته في محاضرة من محاضراته . ومعلوم أن هؤلاء الطلبة يخضعون لتأطير وتأثير التيار العلماني ، وهو تقليد عرفته الجامعات المغربية ، وعلى وجه التحديد كلية الآداب بجامعة فاس والتي خضعت في وقت من الأوقات إلى هيمنة طاقم تدريس كان شغله الشاغل هو إشاعة التوجه العلماني خصوصا في بعض الشعب وعلى رأسها شعبة الفلسفة التي وقر في أذهان طلبتها يومئذ أنها شعبة يجب بالضرورة أن يكون توجهها علمانيا وإلا فقدت مصداقيتها . ومعلوم أن بعض الطلبة الذين كانوا يلتحقون بهذه الشعبة كانوا يخضعون وهم في الطور الثانوي لنوع من التضليل من طرف بعض أساتذة الفلسفة العاملين بالثانوي ليكونوا لقمة سائغة للتيار العلماني في المرحلة الجامعية . ومن المثير للسخرية أن بعض هؤلاء الطلبة بمجرد تسجيل أسمائهم بهذه الشعبة يسارعون إلى إعلان إلحادهم وتجاسرهم على الإسلام وهم جاهلون به كأشنع ما يكون الجهل . ولا زال هذا دأب التيار العلماني بالجامعات المغربية يتصيد الأغرار من الطلبة ليركب ظهورهم من أجل الدعاية الرخيصة والمكشوفة لتيار مجثت في بيئة متدينة عبر قرون وراسخة الإيمان بدينها لا تزعزعه شطحات العلمانيين .
عبر عصيد في مقال نشره على موقع هسبريس عن ابتهاجه لما فعله بعض الطلبة بفاس حين أساءوا الأدب مع الدكتور زغلول النجار، واعتبر فعلهم مؤشرا على الشطارة وأنهم ذوات مفكرة وزعم أنهم وضعوا أيديهم على مواطن الخلل لما سماه مزاعم هذا العالم الذي يجمع بين المعرفة العلمية والمعرفة الدينية ، وهو رائد اتجاه البحث في الإعجاز العلمي للقرآن في العالم العربي والإسلامي . والمثير للسخرية أن عصيد الذي لا يميز بين كوع من بوع في المجال العلمي لأنه صرف عمره في ترهات الفلسفة العبثية المكرسة للتوجه العلماني يصف الدكتور زغلول النجار المتخصص في علوم الأرض والجيولوجيا والحاصل على شهادة الدكتوراه في هذا التخصص من جامعة بريطانية بأنه ظاهرة من ظواهر التخلف العربي الإسلامي الفاضح على حد قوله ، وزعم أنه يبذل جهدا كبيرا ليبعد أدمغة الناس عن العلم الحق . والغريب أن يكون عصيد وهو أستاذ فلسفة أعلم بعلم الجيولوجيا من متخصص فيه . وسرعان ما يكشف عصيد أوراقه ويفضحها كعادته تحت تأثير هوس توجهه العلماني، فيفتري الكذب على الدكتور زغلول النجار زاعما أنه يقوم بالدعاية لما سماه التدين السياسي بطرق ملتوية تستدرج الشباب إلى ما سماه فخاخ الإسلام السياسي . ويكشف هذا الكلام أن عصيد استغل قضية سوء أدب بعض طلبة فاس مع عالم الجيولوجيا للتعبير عن حساسيته مما يسميه الإسلام السياسي، علما بأن السياسة في اعتقاده هي حكر على العلمانية ولا حظ للإسلام فيها تبعا لمقولة المستورد من الفكر العلماني والذي يزيده أمثال عصيد تطرفا وغلوا . وعلى طريقته في الصلف يقدم عصيد فهمه لما سماه ملخص أطروحة الدكتور زغلول النجار وهي أن في القرآن الكريم ـ وبالمناسبة لا يلحق عصيد صفة كريم بالقرآن حين يذكره ـ توجد حقائق علمية اكتشفها العلم الحديث، ويرى أن هدف عالم الجيولوجيا المصري هو الدعاية للدين وليس للعلم ، ويصف هذه الأطروحة بأنها سيكولوجيا الانكفاء نحو الماضي والارتماء في أحضان البلاغة لتعويض التخلف .ويصف عصيد عمل النجار بأنه قراءة تأويلية ماكرة تعتمد بعض الجمل والتعابير البلاغية الواردة في القرآن الكريم وتبحث لها عن معان جديدة لم يقل بها المفسرون وفقهاء الدين ويقدمها على أنها قراءة علمية للقرآن الكريم على ضوء اكتشافات علمية جديدة . ويرى عصيد أن النجار وغيره من المشتغلين بموضوع الإعجاز العلمي في القرآن الكريم ينتظرون اكتشاف الحقائق العلمية ليبحثوا لها عن مقابل لها في الجمل القرآنية عبر التأويلات المتعسفة . ويصف عصيد النجار وأمثاله بأنهم لا ينتبهون إلى ما انتبه إليه هو من أن المعرفة العلمية نسبية وقابلة للتصحيح والتغيير ، وهذا يجعل من غير الممكن خلط المعارف العلمية بنصوص دينية تعتبر ثابتة عند المؤمنين بها . وعصيد بطبيعة الحال ليس من المؤمنين بثبات هذه النصوص حسب ما يفهم من سياق كلامه أو لعله لا يؤمن بها البتة . ومرة أخرى يفهم من كلام عصيد أن المعارف العلمية كالسياسة تكون حكرا على العلمانية ولا حظ للإسلام فيها . ولم ينتبه عصيد إلى أنه وصف المعارف العلمية من جهة بالحقائق ومن جهة أخرى بأنها نسبية ومتغيرة ، والمتغير لا تلازمه بالضرورة الحقيقة إن كان للمنطق معنى لأنه كلما تغير النسبي افتقر إلى الحقيقة . ولم يجد عصيد بدا من وصف الدين بالمطلق الذي لا تغادره الحقيقة . ولا يتفق عصيد مع الجمع بين النسبي والمطلق لأنه لا تجانس بينهما على حد قوله ، وأن الصحيح في اعتقاده هو الفصل بينهما، لأن ذلك مما قضت به علمانيته التي تروم الاستحواذ على العلم والسياسة وكل شيء . ولا يخجل عصيد من تقديم وجهة نظره في الأديان عموما وكأنه خبير بها ويراها مجرد اختيارات حرة للأفراد ، وهي تقوم أساسا على التصديق والتسليم لا على عمليات منطقية ولا على أبحاث علمية . ويضيف قائلا : حتى أولئك الذين يعتقدون من باب التوهم بأنهم يؤمنون انطلاقا من حقائق علمية مبرهن عليها إنما يخادعون أنفسهم لأن الحقيقة أنهم انطلقوا من إيمانهم الذي هو قناعة شخصية ليثبتوا لأنفسهم صحة ما يعتنقونه من معتقدات روحية ، وهدفهم في ذلك على حد زعمه أن يطمئنوا إلى معتقداتهم الميتافيزيقية . ويقول عصيد عن نفسه على طريق حكاية الذئب عن سريرته كما يقول المثل الشعبي المغربي : أما الذين ليس لهم استعداد للتسليم بالمعتقدات الروحية ، فلا تنفع معهم البراهين ، والتأويلات المسماة علمية لأنهم لا ينظرون إليها من نفس الزاوية ، ولا يرونها بنفس المنظر الذي يراها بها المؤمنون . وخلاصة القول أن عصيد قناص الفرص للتعبير عن عقدة العلمانية المتضخمة لديه إنما يستهدف خصومه الإسلاميين وقد كشف عن ذلك بقوله الصريح : الإعجاز العلمي للقرآن الكريم أسطورة يكررها الإخوان المسلمون منذ عقود مفادها أنهم سباقون إلى النظريات العلمية التي أشار إليها القرآن قبل ظهور العلوم الحديثة ، واكتشاف الغرب لها . ويتحدث عصيد باسم طلبة فاس الذين أساءوا الأدب مع الدكتور النجار ونيابة عنهم ووصاية عليهم ،فيزعم أنهم لا يكرهون الإسلام ولكنهم يرفضون توظيفه في ترويج الجهل والجهالة ، وتحويلهم إلى ببغاوات تكرر يقينيات كاذبة ومثيرة للسخرية . وهكذا يصير بعض طلبة فاس عند عصيد أرسخ قدما في العلم من أستاذعلم الجيولوجيا الذي يصفه بالجهل والجهالة .وأعتقد أن المثير للسخرية حقا هو جهل عصيد وأولئك الطلبة بما يشتغل عليه الدكتور النجار وتطاولهم على مجال لا علم لهم به ، وأن ما حركهم وحرك عصيد هو أنهم يكنون العداوة لكل ما له صلة بالإسلام، علما بأن كل فكر يحاول النيل من هذا الدين يتلقفونه بلهف شديد ويسوقونه على أوسع نطاق . ولا زلت أحتفظ في ذاكرتي وأنا طالب بكلية الآداب بفاس في السبعينيات بحدث زيارة الدكتور موريس بوكاي وإلقائه محاضرة تتعلق بكتابه الشهير " الكتاب المقدس والقرآن والعلم " والذي برهن فيه على أن القرآن الكريم لا يوجد فيه ما يتناقض مع معطيات العلم الحديث خلاف الكتاب المقدس ، وكانت نيته كما صرح بذلك في تلك المحاضرة أن يجد تناقضا ما بينه وبين العلم ليصدر عليه نفس الحكم الذي أصدره على الكتاب المقدس . ولقد كان موقف بعض الطلبة اليساريين يومئذ هو مقاطعة هذه المحاضرة بإيعاز من بعض أساتذتهم العلمانيين ، فقرروا الإعلان عن إضراب يطالبون فيه بالمنح المتأخرة ، وكانت أصواتهم تشوش على المحاضر لأنه كان يدلي بشهادته التاريخية والعلمية في كتاب الله عز وجل، ولم يكن من الإخوان المسلمين بل كان من الإخوان الفرنسيين الذين يحضون باحترام وتقدير زمرة عصيد .ونفس الشيء وقع يوم حضر إلى الكلية الدكتور الراجي الفاروقي رحمه الله وهو أمريكي من أصل فلسطين اغتالته المخابرات الصهيونية بسبب إسلامه ، وكان رئيس قسم الديانات بجامعة فيلادلفيا حيث تآمر أساتذة يساريون وحرضوا طلبتهم لمقاطعة المحاضر، فأعلنوا إضرابا ،واضطر المحاضر إلقاء محاضرته داخل مكتب عميد الكلية عوض المدرج مع مجموعة قليلة من الأساتذة والطلبة . ولقد كان موقف الطلبة اليساريين ومن كان يسير في ركبهم تقليدا ودون وعي في تلك الفترة أفضل من موقف الطلبة الذين دافع عنهم عصيد، ذلك أن مقاطعة المحاضرات العلمية بدافع التعصب الإيديولوجي وبإيعاز من الأساتذة المتزعمين لهذا التعصب والمحرضين عليه من أمثال عصيد أهون من حضورها بقصد الإساءة إلى المحاضرين . وأخيرا نتساءل عن مستقبل طلبة يتاجر بقضيتهم ، ويعبث بعقولهم رجل جمع بين التعصب للتيار العلماني و التعصب للنزعة العرقية الطائفية ، وهو يركب غروره ويرى نفسه مفكر الطليعة ، ويدلي بدلوه فيما يعرف وما لا يعرف ، وقد عرف لدى الرأي العام بسباحته ضد التيار، وهو قناص فرص يغتنمها ليفرغ مكبوتاته العلمانية والطائفية .
وسوم: العدد 718