لِياقة الحكّام في الهرولة الى الأمام

يهرول الحكّام دائما الى الأمام لأنهم يعرفون أنّ هناك حتما أصحاب حقّ يركظون خلفهم ، فحكّامنا بارعون في الهرولة حتى ولو كانوا شيوخا ، بل إن شيخوختهم قد جعلتهم يراكمون خبرة لا مثيل لها في أساليب الهروب الى الأمام ... وفي الحقيقة فإنّ هؤلاء الحكّام ليس لهم خيار آخر غير الهروب من الطّالب وحقّه المطلوب لأنّ توقّفهم يعني أن يلحق بهم الطّالبون فيصدمونهم من الخلف ، وبما أنّ حصونهم وقلاعهم مشيّدة في أغلبها من البيض وأساساتها من خيوط العنكبوت فهي ستتكسّر عند أوّل أصطدام وهذا ما يخشاه الحكّام على الدّوام ... ومع ذلك فإن حكّامنا يصرّون على أنّ الهرولة الى الأمام ليست خوفا من الإنهزام وإنما هي وسيلتهم لتنشيط الدورة الدموية وتشبيب عضلات الأقدام ... فما أقبح العُذر عند حكّامنا وما أيسر الإلتجاء الى قاموس الإستحمار والإستغباء الذي لم يعد يجدي نفعا أمام وعي النّاس وإستفاقة عقولهم من الغفوة والغفلة ، فلم يعد ركظ الحكّام مفيدا لأنّهم وإن ركظوا فلن يعيدوا الزمان الى ما كان ولن يسبقوا صرخة المظلوم وصيحة الفقير إذا خرجت من حنجرة شبيهة بفوهات المدافع وطلقات الرّصاص ... 

هرولة الحكّام الى الأمام أصبحت في أيامنا هذه هروبا الى الأمام تماما كما هي صورة السرّاق حينما يطلقون أرجلهم للرّيح بعد أن يُكتشف أمرهم ويتعقّبهم الناس ويحاصرونهم من خلف ومن قدّام ... وعندها لن ينفع رمي المسروق أو حتى الإستسلام ، لأنّ الناس إذا ظفروا بالسّارق حينها فلن يرضوا بأقلّ من الدّوس على جثّته العفنة بالأقدام ... فيكون مثل أولائك الناس مع حكّامهم المهرولين كمثل الرجل الذي رأى زوجته تصعد السلّم فقال لها : أنت طلق إن صعدت وأنت طالق إن نزلت وأنت طالق إن وقفت ... فألقت بنفسها من السلّم وأنكسرت عطامها تجنّبا للطلاق ...

وسوم: العدد 721