على هامش الضربة الأمريكية لرتل النظام قرب منطقة التنف

يرى عددٌ من المراقبين أنّ سير الأحداث في الساحة السورية، يشي بكثيرٍ ممّا تحمله جعبة الأطراف النافذة في هذا الملف، و ذلك بغض النظر عن سعي البعض لأخذ الأمور نحو السلبية المطلقة، أو التشاؤم الحادّ في تفسير ما تشهد المنطقة، و كذا بعيدًا عن رغبة بعض الأطراف في الذهاب في شكل الحلّ إلى مداه الأقصى.

لقد جاءت الضربة الأمريكية لتلك القوات الموالية للنظام، في منطقة التنف، قرب الحدود  " السورية ـ العراقية ـ الأردنية " المشتركة، يوم الخميس: 22/ 5، لتؤكّد على الآتي:

ـ إنّ الحضور الأمريكي في تلك المنطقة قد بات أمرًا لا مجال للعبث فيه، و من غير المسموح بعد الآن لأيٍّ من قوات النظام، أو الموالية له، و حتى روسيا أن تقترب من ( شرق الفرات، و حتى منطقة المثلث باتجاه الحدود الإسرائيلية )، حيث تبغي منها أمريكا قطع طريق الحرير، الذي كانت تسعى إيران بمؤازرة ميليشاوية عراقية، أن توصله حتى سواحل البحر المتوسط.

ـ إنّ شكل الحلّ في سورية، قد اتضحت ملامحه، فقد تمّ تقاسم مناطق النفوذ فيها، و الأمور التي تجري في جنيف أو الأستانة، لا تعدو أن تكون حركة لولبية للأطراف المحلية في الحدود المتاحة لها، التي لا تتعدّى في أحسن الأحوال حدودَ التحرّك المنزوع الأظافر من أيّة قوة مادية: خشنة أو ناعمة، ضمن حدود السيادة الشكلية، في إطار المؤسسات الدولية، حيث سيجلس المسؤولون الرسميون، و أمامهم العلم الذي سيتفقون عليه، عوضًا عن علم النظام أو الثورة.

ـ لقد باشرت الأطراف ( الدولية، و الإقليمية ) النافذة في هذا الملف، بالتحرّك نحو حماية مناطق نفوذها، فأمريكا قد حزمت حقائبها، و تحرّكت بعد فترة سبات أوباماويّة، ظنّ فيها الروس أنّ الحبل متروك لهم فيها على الغارب؛ و على كثير من اللاعبين ( الدوليين، أو الإقليمين، أو المحليين )، أن يدركوا ذلك، و يتعاملوا مع هذه المستجدات برؤية أخرى، ستتضح بقية ملامحها في غضون هذين اليومين، حيث سيكون الرئيس الأمريكي ترامب على مقربة من مسرح الأحداث؛ ليباشر بنفسه رسم حدود التحرّك المسموح لهم.

و كذلك فعلت بعض الدول من قبل، حيث القوات: البريطانية، الألمانية، الفرنسية، البلجيكية، البولندية، التي تقيم في منطقة المثلث ( السوري ـ الأردني ـ الإسرائيلي ) من مدة، و سيتعزّز ذلك من الفرنسيين على وجه الخصوص؛ كونهم دولة انتداب سابقة في سورية، بعد هزيمة ( ماريو لوبان ) المرشَّحة المفضلة لحلفاء النظام، حيث لن يقضى في أمر سورية من غير الأخذ برأيهم.

و هو ما تتهيأ له تركيا في منطقة ( إدلب )، حيث من المتوقع أن تدخل قواتها إليها؛ ضمن تفاهم مع هيئة تحرير الشام، و حركة أحرار الشام، و بقية الفصائل، و ستسعى جاهدة لأن تصلها بمناطق نفوذها في شمال حلب؛ لتقطع بذلك الطريق على مساعي بعض الأطراف الكردية في الوصول إلى المتوسط أيضًا.

ـ على الأطراف التي تنوي عرقلة هذا الحلّ، أن تتهيّأ لخيارات تخرجها من المعادلة السورية، و يندرج ضمن هذا ما كشفت عنه الخارجية الأمريكية، من فظائع محرقة سجن صيدنايا، التي حملت وزير الإسكان الإسرائيلي ( يواف غالانت )، للذهاب إلى ( أنّه قد حان الوقت لتصفية الرئيس الأسد، حيث لم يعُد له مكان بهذا العالم؛ بعد قيامه بعمليات قتل جماعي، و حرق آلاف الجثث بعد إعدامها )، وفق ما صرّح به لصحيفة " تايمز أوف إسرائيل " يوم الثلاثاء: 16/ 5، ليعقب ذلك مصادقة مجلس النواب الأمريكي على قانون ( سيزر ) لمحاسبته.

و كذا ما ينتظر إيران من تفاهمات ( أمريكية ـ خليجية ـ عربية ـ إسلامية ) في قمم الرياض الثلاث.

 و فيما يخص الفصائل ما تزال تقرأ الرسائل وفق هواها، أن تعيد قراءتها بشكل مغاير، و عليه تمّ تخيير هيئة تحرير الشام ( كأكبر معيق في ذلك ) بين الاندماج في شكل الحل القادم، أو أن ما ينتظرها غير بعيد عن داعش، فقد كشف موقع " CBC NEWS " الكندي، في نشرته يوم الأحد: 14/ 5، نقلاً عن ( نيكول تومبسون ) المسؤولة في وزارة الخارجية الأمريكية: بأنّ هيئة تحرير الشام ليست على لوائح الإرهاب في كندا و الولايات المتحدة الأمريكية؛ و لها بعد ذلك الخيار الذي تراها و تتحمل تبعاته.

وسوم: العدد 721