وضرب صاحبي جبهته بكفّه وقال!
يوم طالني الاعتقال قبل ثلاثين سنة ونيّف، لسبب أدبيّ متماهٍ مع السياسة، أخذ "صاحبي" يحفُر لي ويُعمِّق، أملًا في أن "يُزيلني" من الطريق منافسًا، مع أنّ طريق الأدب عريضٌ يتّسع. وفي تلك الأيام - كما الحال دائما - «الداخل مفقود والخارج مولود»!
لم ألبث، لسوء حظّه، في الاعتقال إلّا قليلًا، لا لعدالة مسألتي، ولكن لأنّ النظام جرى يومئذ على أن يخشى "المنظّمين" في سجلات الإيديولوجيات ولا يهتمّ كثيرا بالذين "يُبربرون" خارج السِّرب.
لما علم صاحبي أني ما زلت على "قيد الحياة والحرية"، ضرب - وهو في المقهى بين أصحابه - جبهتَه بكفّه ضربًا هيّنًا وقال: «العمى! بكره بقول: ناضلت وناضلت!»، فبعثت إليه من يحمل قولي: «حتى على هذه تحسدني!».
وظلّ هو أعمى القلب والقلم... وظللت بصيرَهما.
هو يراني عاثر الحظّ قليل حيلة... وأنا أراه واسع الحيلة مختالا.
وعلى هذا ما زلنا.
وسوم: العدد 723