النصر العربي المبين

مع أنني لست من المهتمين بالسياسة، إلا أنني كنت ألاحظ أن دولنا العربية لم تملك أيّ سلاح في قضايا الأمّة المصيرية سوى سلاح "الشّجب، الاستنكار والإدانة"، علما أنّ لدينا دولا نفطية ثرية، تملك مليارات الدّولارات، وتشتري كلّ عام أسلحة بمليارات الدولارات، ولدينا دول عربيّة تملك ترسانات أسلحة فتّاكة، أمّا نحن الشعوب فكان سلاحنا ولا يزال الدعاء إلى الله، ليفرّج الكرب، ويأتينا بالنصر، لكن أسلحة هذه الأمّة كانت ملكا خاصا للفئة الحاكمة، وهي الحصن المنيع للدفاع عن هذه الأنظمة التي يعتبر كل واحد منها خليفة الله في أرضه، وحتى دعواتنا وصلواتنا مجيّرة هي الأخرى للدّفاع عن رأس النظام، فنردّد دعاءنا خلف أئمّة المساجد طالبين من المولى عزّ وجل، أن يحفظ الله القائد الملهم، والزّعيم الأوحد، فما دام القائد الملهم بخير فالشّعوب بخير! أمّا الوطن فهذا مصطلح جاءنا من "بلاد الكفار" والعياذ بالله، وهؤلاء الكفار يبدو أنّهم لا يؤمنون بأنّ بلاد الله واسعة، يهبها لمن يشاء وينزعها ممّن يشاء!

لكنّني والحقّ يقال، أعترف أنّني كنت مخطئا في فهمي لبعض جوانب القوّة العربيّة، وإمكانيّاتها الفتّاكة، ولا أعرف كيف أغفلت فعاليّة السّلاح العربيّ وقدراته الفتّاكة! علما أنّني عشت في مرحلة كنت كشاهد الزّور فيها، فقد عايشت مرحلة تدمير العراق العظيم واحتلاله وقتل وتشريد شعبه، وهدم دولته،  لتحريره  من حضارته ووحدة أراضيه وشعبه، بالتّحالف مع "أصدقائنا" في أمريكا وحلف النّاتو، وكذلك المشاركة الفعالة بالمال والسلاح والمقاتلين، لتدمير سوريا، ليبيا، اليمن وغيرها، وقتل وتشريد شعوبها، والعمل على تقسيمها.  ولا يستطيع أحد المزاودة على وفائنا "لأصدقائنا" وفي مقدّمتهم الولايات المتحدة الأمريكيّة، فقد بذلنا ودفعنا المليارات، ودماء أبناء شعوبنا، وفاء لهذه الدّولة العظمى التي لا نردّ لها طلبا، وننفّذ طلباتها دون نقاش، حتّى لو أدّى ذلك إلى أن نشعل حروبا جديدة في منطقة الخليج عند منابع البترول والغاز الطبيعي، ما دام ذلك يخدم أهداف الصّديقة العظمى التي تعرف مصالح شعوبنا وأوطاننا أكثر منّا.

وعقلانيّتنا في استعمال سلاح "الشّجب والاستنكار والإدانة"، بناء على تعليمات "صديقتنا" أمريكا بدأت تجني هي الأخرى ثمارها، فالتّنسيق الأمنيّ والتعاون التجاري مع "الجارة المسالمة" اسرائيل على أشدّه، دفاعا عن الاسلام السّنّيّ، الذي يتهدّده الخطر الشّيعيّ الذي يزحف من الخاصرة الشّرقيّة.

وسوم: العدد 727