ماذا في جعبة كوشنر و غرنبلات ؟
جاريد كوشنر و جيسون غرينبلات من جديد الى المنطقة لأجراء محادثات متعددة وهامة في كل من القاهرة و الرياض وعمان و رام الله وتل ابيب تأتي جولتهم هنا هذه المرة استكمالا للمرات السابقة والتي يقولوا انها لاستكشاف مواقف الاطراف من اطلاق مفاوضات جدية بين الاسرائيليين والفلسطينيين , الملاحظ ان جولتهم الحالية بها ضلع ثالث وهام وهو مرافقة دينا باول نائب مستشار الامن القومي الامريكي للشؤون الاستراتيجية , التي تأتي الى المنطقة لأول مرة في حضور لافت للنظر بما يعني ان هناك ملف امني كبير سوف يتم نقاشه في جولتهم الشرق اوسطية, ولا استبعد ان تكون تحمل بأول بعض المقترحات الامنية التي ينبغي على الفلسطينيين قبولها تهيئة لانبعاث تحرك امريكي جدي بعملية السلام في المنطقة , ولا استبعد ايضا انها هنا اليوم لوضع النقاط الاخيرة لتفاهمات خليجية حول انهاء الازمة الخليجية على اعتبار ان بقاء الازمة الخليجية دون حل يشوش المسعي الامريكي في المنطقة باتجاه صفقة القرن .
يأمل الفلسطينيين بانهم سوف يتلقوا اجابات من الوفد حول العديد من القضايا التي مازال الفلسطينيين لم يسمعوا تأكيدا حولها من ادارة الرئيس ترامب واولها مدي ايمان الامريكان بإمكانية تطبيق حل الدولتين , واقتناع الامريكان بان لا حل سياسي ولا مفاوضات في ظل بقاء الاستيطان الاسرائيلي ومدي موافقة الامريكان لجدول زمني لأي مفاوضات قادمة بين الطرفين , نعم سيتحدث الرئيس مع الوفد في هذه القضايا لكن لا اعتقد حتى اللحظة ان الوفد معني بإحداث اختراق حقيقي بما يتيح تحقيق تقدم ملموس على هذا المسار , لذلك فان هذه الزيارة ايضا سوف تكون كسابقاتها مع بعض التغير في تناول الوفد للقضايا الملحة والتي نتجت عن حالة التوتر بين الفلسطينيين والاسرائيلي خاصة بعد الاجراءات الاسرائيلية الاخيرة بالمسجد الأقصى والتي افضت بتعليق الاتصالات بين الفلسطينيين والإسرائيليين ووقف التنسيق الامني بين الجانبين . لذلك فانا اعتقد ان الوفد سيركز محادثاته حول هذه القضية اضافة الى كلمة الرئيس ابو مازن في الامم المتحدة وما سيطرحه الرئيس امام العالم , وخاصة ان واشنطن واسرائيل تخشيان يقدم الرئيس على طلب عضوية كاملة لفلسطين بالأمم المتحدة تحقيقا لقرارات المجلس الوطني المزمع عقدة ,واعتقد ان الوفد سوف يستخدم لغة التهديد مرة ولغة الابتزاز السياسي مرة اخري وسيتم تحذير الرئيس من طلب عضوية فلسطين الكاملة في الامم المتحدة لان الولايات المتحدة تصر على احباط أي محاولة من هذا القبيل قبل موافقة الفلسطينيين على اطلاق مفاوضات مع الإسرائيليين دون شروط .واذا كان هذا ما في جعبة الوفد للفلسطينيين فان فقدان الثقة في الدور الامريكي سوف تزداد لصالح بحث الفلسطينيين عن رعاية دولية لحل الصراع .
الموقف الفلسطيني اصبح اكثر وضوحا اليوم وخاصة بعد ما جري في المسجد الأقصى وما حققته الجماهير ,كما ان الموقف الاسرائيلي بات واضحا ايضا من الصراع فلا حل لدي الإسرائيليين يستند الى خطة سياسية للتعامل مع حل الدولتين ومبادرة السلام العربية كمرجعية لهذا الحل ,وبالتالي فان اعادة الفلسطينيين العلاقات مع الإسرائيليين بالمجان ودون ثمن اخطر من استمراره وأحذر من تحقيق ما يريد كل من كوشنر وغرنبلات دون ثمن على الاقل واحترام إسرائيل للاتفاقيات الموقعة مع الفلسطينيين و وقف تعامل اسرائيل مع السلطة الفلسطينية كأنها جزء من الادارة المدنية الإسرائيلية . اليوم هناك موقف عربي موحد جاء نتيجة اجتماع القمة الثلاثي لوزراء خارجية الاردن ومصر وفلسطين هذا الاسبوع اكدوا فيه ان حل القضية الفلسطينية هي السبيل الوحيد لاستقرار المنطقة داعين اسرائيل الى وقف كل الاجراءات احادية الجانب في القدس الشرقية واهمها الاستيطان الاسرائيلي الغاشم في كامل اراضي العام 1967, واعتبروا ان مبادرة السلام العربية 2002 مازالت قائمة وعلى الولايات المتحدة الامريكية اعتمادها كأساس لأي عميلة سلام قادمة , ولعل توحيد الموقف السياسي العربي يعتبر من اهم عناصر مواجهة محاولات واشنطن ادخال أي اسس ومرجعيات امريكية على عملية السلام تلتف على مبدا حل الدولتين , وبالتالي أي انطلاقة لمسيرة السلام لا تعدو مجرد تضيع للوقت لا اكثر ولا اقل ولن تستطيع واشنطن انجاز صفقة ترامب الكبرى التي شك في تحقيقها مادامت واشنطن تنحاز الى اسرائيل في موقف واضح ومفضوح للجميع .
لا اعتقد ان هناك شيئا عمليا في جعبة غرنبلات وكوشنر فهم لم يأتوا بشيء يثبت جدية الموقف الامريكي من السلام العادل وبالتالي لن تكون جولتهم الجولة الاخيرة قبل اطلاق مفاوضات للحل النهائي لانهم لم يقتنعوا بأنفسهم بضرورة تحقيق متطلبات اطلاق مفاوضات جادة وعملية تفضي لنتائج عملية واهمها وقف الاستيطان و اعتراف اسرائيل بحل الدولتين و احترام سيادة السلطة الفلسطينية على الارض ,ولا اعتقد ان الزيارة سوف تجدد الاستعداد الامريكي والانطلاقة الامريكية لحل الصراع اكثر خطوة من عشر خطوات تسعي اليها واشنطن للخروج بموقف اقليمي يتيح لها الاعلان عن صفقة القرن , هذا ما يعني ان هناك جولات قادمة للوفد الامريكي على الاقل لبلورة افكار سياسية كبيرة تمكن الامريكان ايضا من اطلاق مفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين بغطاء اقليمي ورعاية امريكية.
وسوم: العدد 734