دعوة عاجلة إلى الشعب الفلسطيني للانضمام إلى المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج
أؤيد بكل قوة دعوة المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج الملحة إلى الفلسطينيين في الخارج أن يهبوا للدفاع عن وطنهم وحقوقهم، التي أصبحت الآن في خطر داهم من عدو قديم وجديد، ومن صديق لا يخلص العون، أو من محام يتعاون مع العدو.والأمثلة كثيرة لا تحصى ولا تخفى على الفلسطيني المخلص، والآن أتت المخاطر ممن كنا نرى فيهم المراقب الأول للحفاظ على الحقوق الفلسطينية.
صدرت مجلة المجلس الوطني الفلسطيني في 24/8، وهذا حدث في حد ذاته يستحق الذكر، وتصدرها مقال لسليم الزعنون – رئيس المجلس الوطني منذ عام 1996، في أطول مدة رئاسة لأي برلمان في العالم، يقول الزعنون «إن المجلس سيتخذ الخطوات لقطع الطريق على كل من يحاول المساس (بالنظام الأساسي لمنظمة التحرير) أو بشرعية تمثيلها أو إيجاد بدائل كتلك المحاولة الفاشلة التي حاول ما يسمى بمؤتمر فلسطينيي الشتات القيام بها».
لعل هذا المقال من أكبر الحوافز المباشرة لانضمام أفراد الشعب الفلسطيني إلى المؤتمر الشعبي، فعندما تسلم الزعنون رئاسة المجلس عام 1996، بعد رئاسة الشيخ عبد الحميد السائح الذي «رفض الصلاة في محراب أوسلو»، بدأ عصر كارثة أوسلو أو النكبة الثالثة بعد 1948 و1967. والان لدينا حافز جديد. لابد أن الزعنون يعلم من ذلك الحين أن أعلام الشعب الفلسطيني ومنهم حيدر عبد الشافي، إدوارد سعيد، إبراهيم أبو لغد، شفيق الحوت وآخرون، طالبوا بالدفاع عن الحقوق الفلسطينية والتمسك بالميثاق الوطني الأصيل والعودة إلى الشعب عن طريق انتخاب مجلس وطني جديد في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، لإنقاذه من هذه الكارثة. ولابد أن الزعنون يعلم أننا مع هذه الكوكبة المخلصة، أصدرنا البيان الشهير عام 1998، بعد خمسين عاماً من النكبة، الذي وقعت عليه ألف شخصية فلسطينية في العالم للأهداف نفسها. ولا بد أنه يعلم أن مؤتمر حق العودة الدولي الذي عقد في بوسطن عام 2000، كان يكرر الدعوة للأهداف نفسها. ولابد أنه يعلم أن مؤتمر فلسطينيي الشتات الذي عقد في لندن عام 2003، كان يدعو للأهداف نفسها. ولكن الزعنون لم يحرك ساكناً ولم يصدر بيانات «تقطع الطريق» على هذه المبادرات، لأن القائد الفلسطيني ياسر عرفات يعرف صدق هذه التوجهات، وصدق العاملين عليها ويعرفهم شخصياً منذ أن تولى قيادة الثورة الفلسطينية عام 1969، بل إن أبو عمار أرسل مندوبين عنه لحضور هذا المؤتمر والتمثيل فيه. ولكن عندما تولى أبو مازن (مهندس أوسلو) القيادة، وعقدنا مؤتمراً مشابهاً في بيروت عام 2007، أصدر الزعنون بيانات تتهم القائمين على المؤتمر بشق المنظمة لحساب أطراف أجنبية، ولكنه لم يكن متأكداً أنهم عملاء أوروبا أو عملاء إيران، ولذلك ضم الاثنين معاً.
واليوم عندما تكللت هذه الجهود طويلة الأمد بعقد المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج في فبراير/شباط الماضي، الذي حضره أكثر من ستة آلاف شخص، يتزايدون كل يوم، لم يجد دورا له إلا بمهاجمته بالأسلوب العقيم نفسه. ولو انه اطلع على البيان الختامي للمؤتمر لأخبرنا كيف أن المطالبة بحق كل فلسطيني في عضوية المنظمة كحق مكفول له، وحقه في انتخاب مجلس وطني جديد كل 4 سنوات لتمثيل الشعب بأكمله، هو أمر يستنكره رئيس المجلس الوطني نفسه. وآمل أن تسعف الذاكرة الزعنون بزيارة الوفود التي جئنا بها لمقابلته عدة مرات، تطالبه فيها بحل المجلس الوطني القديم وانتخاب مجلس جديد، هذا الوضع المأساوي لابد له من نهاية، على يد الشعب الفلسطيني، الذي مازال حياً وقوياً رغم كل الجراح والمآسي.
إننا فلسطينيي الخارج نعتبر أن من واجبنا التجمع الديمقراطي لإنقاذ قضيتنا، والمطالبة بالالتزام بالميثاق الوطني، والحق في انتخاب مجلس وطني جديد يدافع عن الحقوق الثابتة، والشواهد واضحة للعيان. إذ لم تعد عضوية أعضاء المجلس القديم قائمة بعد 30 عاماً من آخر اجتماع للمجلس في بلد حر، وبعد وفاة الكثير من أعضائه، ومرض آخرين، وانتهاء صلاحية مدة انتخابات العسكريين والنقابات والاتحادات وغيرها.
ولد نصف الشعب الفلسطيني بعد كارثة أوسلو وليس له صوت في تقرير مستقبله المرهون في يد حفنة من القادة. إن انتخاب مجلس وطني جديد هو حق طبيعي وضرورة وطنية، ومن يقف في طريقه سيتعرض لحساب الشعب الفلسطيني. ولذلك فإن من مهمات المجلس الجديد الدفاع عن كافة الحقوق الفلسطينية وأولها حق العودة وحقه في وطنه الحر المستقل في كامل التراب الوطني. ولا يقل عن ذلك أهمية (بجانب ذلك) استحداث هيئات خاصة في المجلس الجديد، لكي تقوم بمراقبة أعمال المنظمة السابقة، ومنها أعمال الصندوق القومي والتصرف في المال العام ومكافحة الفساد الوطني (بما فيها خيانة الوطن والتعاون مع العدو وتسليم شباب المقاومة للعدو) ومكافحة الفساد المالي، ومطاردة الفاسدين بمتابعة الأموال المسروقة في فلسطين وخارجها، ومكافحة الفساد الثقافي في إهمال التربية الوطنية وتعليم النشء، ومكافحة الفساد الأخلاقي الذي يجعل من الخيانة وجهة نظر. وكذلك على المجلس الجديد محاسبة اللجنة التنفيذية على اتخاذها أو عدم اتخاذها قرارات وإجراءات حاسمة، لتحاسب على سبيل المثال، على المشاركة في حصار غزة، وعلى التلكؤ في قبول فلسطين في عضوية محكمة الجنايات الدولية، وتأجيل قبول تقرير غولد ستون، وعلى عدم اتخاذ إجراءات لمحاكمة مجرمي الحرب، وعلى عقد اتفاقية مع إسرائيل للتوقف عن الشكوى الدولية ضدها في انتهاك الأماكن المقدسة في القدس، وعلى التفريط في الحقوق المائية لفلسطين في اللجنة المشتركة للمياه، وفي المشاريع المشتركة مع الأردن وفلسطين، وعلى عدم القيام بالواجب الوطني للدفاع عن فلسطين في المحافل الدولية، ما جعل بعض الدول الأفريقية وبعض الدول الآسيوية تنفض عن فلسطين وتبدأ التعاون مع إسرائيل (وهذه الدول هي عماد دعمنا في الجمعية العامة للأمم المتحدة التي لم يبق لنا ميدان دفاع إلا فيها)، وعلى العرض الرخيص لاعتراف 56 دولة إسلامية بإسرائيل، خلافاً للحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني، وكل هذا في غياب ممثلي الشعب الحقيقيين. وقبل هذا كله المحاسبة القانونية والتاريخية والسياسية لنكبة أوسلو، وما خلفته من مآس للشعب الفلسطيني محاسبة صارمة لكل من له يد فيها.
نكبة أوسلو أخطر علينا من وعد بلفور، لأنها جعلت المحتل الغاصب شريكا في الأرض التي اغتصبها، ويجب أن تشمل المحاسبة حضور المفاوضات الصورية في أوسلو بدون خرائط واستبعاد الرأي القانوني والشخصيات الوطنية مثل حيدر عبدالشافي، والسماح بالمستوطنات، وتحويل مراحل الجلاء العسكري (أ، ب، ج) إلى توزيع لملكية الوطن مع العدو، وتحويل مبدأ الأمن المشترك إلى شرطة دايتون لتطارد الشعب كفرع من جيش الاحتلال، وغض الطرف عن جرائم الاحتلال ضد المواطنين، وتوقيع «بروتوكول باريس الاقتصادي»، على نسق «بروتوكول باريس الاقتصادي» عام 1941 الموقع بين ألمانيا النازية التي احتلت فرنسا وحكومة فيشي الفرنسية المتعاونة مع الاحتلال، وعبودية الاقتصاد الفلسطيني لإسرائيل، وبذلك تتحكم اسرائيل بمستحقات الفلسطينيين لخدمة سياسة الاحتلال، وزيادة الرسوم والتكاليف على الطرف الفلسطيني دون موافقته، وبعد ذلك كله استخدام المعونات الدولية لشراء العملاء خدمة للاحتلال، ولا يبقى منها إلا الفتات للتعليم والصحة. والهدف من كل هذا واضح، هو تدمير الإنجاز الفلسطيني الذي تمثل في مجلس وطني يمثل الشعب تمثيلا كاملا، وتدمير دوائر المنظمة وعلى الأخص دوائر اللاجئين والثقافة والجهاز العسكري، وتفتيت النقابات والاتحادات وسائر مكونات الشعب الفلسطيني في العالم.
لا بد من تنظيف البيت الفلسطيني تنظيفاً كاملاً بمكنسة ديمقراطية. إن قائمة الحساب طويلة، وطولها يعني أن العودة إلى الشعب هو الخلاص الوحيد، وهذا ما سيستمر به أعضاء المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، إلى أن ينعقد المجلس الوطني الجديد ممثلاً لكافة الشعب الفلسطيني، حينئذ يصبح المؤتمر الشعبي جزءاً منه مع أهلنا في الداخل لتمثيل 13 مليون فلسطيني في فلسطين وخارجها. إن تعطيل إرادة الشعب الفلسطيني جريمة لا تغتفر وسيكون لها الحساب العسير. وما ضاع حق وراءه مطالب.
عضو المجلس الوطني الفلسطيني
وسوم: العدد 736