طالب السّكن الجامعيّ كالمستجير بالرّمضاء من النّار

 لعلّ أوّل ما يبحث عنه الطّالب الجامعيّ حال تسجيله في جامعةٍ بعيدة المسافة عن بيت الأسرة، هو البحث عن سكن قريب منها، ظناً منه أن هذا هو الحل الأمثل لاختصار الوقت والجهد، فيتيح له فرصة الالتفات إلى دراسته للنجاح والتفوق، فالحواجز العسكرية المنتشرة على مداخل المدن تعيق حركة المواطنين وتنكل بهم.

يسعد الطالب بسكنه الجديد القريب، ليكتشف بعد حين أن السكن الجامعي له مشاكله أيضاً، وربما ليس هو الحل السحري للعيش في راحة واستقرار كما كان يعتقد. ففي لقاء مع بعض طلبة الجامعة للحديث عن موضوع "السكن الجامعي" تم طرح العديد من المشاكل التي يواجهونها ولم تكن بالحسبان، ومن أهمها:

- إرتفاع إيجار السكن:

 يتفاجأ بعض الطلبة من أن أصحاب المنازل المجاورة للحرم الجامعي يستغلون حاجة الطالب للسكن، حيث يرفعون سعر الإيجار، على الرغم من سوء وضع السكن وحاجته للصيانة والترميم، وقد يؤثر ذلك سلباً على راحة الطالب من جهة، ومن جهة أخرى يزيد من العبء المالي على وليّ الأمر، خاصة في ظل الوضع الاقتصادي الراهن الذي تعيشه الأسرة الفلسطينية محدودة الدخل.

- مشكلة المياه: على الرّغم من أنّ تكلفة المياه مشمولة ضمن تكلفة الإيجار، إلّا أنّ أزمة المياه وانقطاعها الدائم يربك الطالب، ويزيد من ضغطه النفسي، فقد تقطع في أيّ لحظة ممّا يحول دون استحمامه اليومي، وتتراكم أواني الجلي في المطبخ، وهذا يتسبب في بيئة غير صحية في السكن. وعلى صعيد آخر يضطر الطالب إلى شراء مياه الشرب المعدنية، لعدم صلاحية المياه المتوفرة في حنفيات السكن للشرب، مما يزيد من العبء المالي على الطالب.

- مشكلة الكهرباء:

 من المعروف أنّ تكلفة الإيجار لا تشمل تكلفة الكهرباء، وإنّما يدفعها الطّالب وفق استهلاكه لها، وتزيد حاجته لها في فصل الشتاء، حيث يضطر إلى إشعال المدافىء وسخان الحمام الكهربائي، إلا أن الطاقة الكهربائية في العديد من هذه البيوت لا تكون مهيّأة لهذا الضغط على الكهرباء، فيفصل أمّان الكهرباء مستصرخاً إياهم بالرحمة، وقد يتسبب هذا الضغط الكهربائي بحرائق في المنزل إذا لم يتم مراعاة ذلك.

- إنعدام الخصوصيّة:

 نظراً لما ذكر أعلاه من مشاكل، قد يضطر الطالب إلى مشاركة زميله في الغرفة ذاتها؛ ليخفف من العبء المالي، ومن ضغط الكهرباء، ولكنه يصطدم بمشكلة أخرى تزيد من ضغطه النفسي، ألا وهي "غياب الخصوصية"، مما يتسبب بتوتر العلاقات بين الزملاء، فكلّ منهم يأتي من بيئة تختلف عن الآخر، له عاداته اليومية الخاصة به، كما قد يكون عنده اهتمامات لا تتقاطع مع زميله.

- الإزعاج وعدم مراعاة الجوار:

يبحث الطّالب غالباً عن سكنٍ هادىءٍ يأمل أن يجد فيه الرّاحة المنشودة، كأن يكون بعيداً عن صخب المقاهي والقاعات التي تُقام فيها الأعراس والحفلات، التي تستمر لساعات متأخرّة من الليل، دون مراعاة حاجة هؤلاء الطّلبة إلى الهدوء، خاصّةً في فترة الامتحانات، التي تزداد الحاجة فيها إلى السّكون والهدوء النفسي.

هنا، يشعر الطّالب الذي لم يحالفه الحظّ في انتقاء السّكن المناسب بأنّه أشبه بالمستجير بالرّمضاء من النّار.

وسوم: العدد 736