هل ترسل إسرائيل أكرادها إلى العراق ؟!
لا ريب في أن العنوان يحوي غرابة ومفاجأة بحسبان إسرائيل كيانا أنتجته ثنائية الهجرة والاستيطان ، ودائما يهزها القلق ويدهمها الاكتئاب القومي إذا ما اختل ميزان الهجرة إليها والهجرة منها لصالح الثانية ، أي الهجرة المضادة . ومثلت هجرة مليون شخص إليها من الاتحاد السوفيتي في نهاية ثمانينات القرن الماضي ومطلع تسعيناته منقذا كبيرا مما تسميه خطورة القنبلة السكانية الفلسطينية . وفي ضوء هذه الحقيقة الأساسية في موقف إسرائيل من الهجرة الإيجابية والهجرة السلبية ؛ يتجلى غريبا ومفاجئا ما نشرته مجلة " إسرائيل كرد " الناطقة بالكردية في إسرائيل والممولة من الموساد ومن " المعهد الإسرائيلي للاستخبارات الخاصة " وأسرة زعيم كردستان مسعود البرزاني ؛ حول احتمال عودة 200 ألف إسرائيلي من أصل كردي إلى كردستان ، وتضيف المجلة أن أسر هؤلاء الإسرائيليين والبرزاني والمقربين منه يشجعون هذه العودة لرغبة البرزاني والمقربين منه في تقوية نفوذه بهم . البرزاني مثلما تقول المجلة يريد تعزيز نفوذه بهؤلاء الهاجرين ، ويريد منهم أمورا أخرى طبعا ، فماذا تريد إسرائيل ؟! رجعة إلى الوراء : قرأنا ماضيا أن إسرائيليين بدؤوا شراء أراضٍ في كردستان ، وأنهم ينوون تأسيس ما يشبه المستوطنات . وهم دائما كذا يبدؤون . هذا ما فعلوه في فلسطين تنفيذا لشعار " دونم أرض وعنزة ، وتقدم ! " . وبعد سقوط بغداد في 9 أبريل / نيسان 2003 دخل بعضهم قصور الرئاسة العراقية ، وحلقوا أذقانهم فيها ، والتقطوا لهم صورا ، وقالوا منتشين مبتهجين إنهم عادوا إلى وطنهم ! وهكذا هم، كل مكان لهم وطن ، وكل مكان لهم فيه حق ما ، وكل مكان لهم فيه مسمار جحا ، وهم دائما مثل كلاب الصيد متحفزون للوثوب إلى أي مكان تلمع فيه بَرْقة أمل بنفع ما . وأهدافهم الآن من إعادة هذا العدد الكبير جدا إلى العراق وكردستان تحديدا متعددة ، وفي مركزها التمهيد شبه النهائي لحلم الدولة الصهيونية المترامية بين النيل والفرات . دائما يبدؤون من نقطة بعيدة عن مركز أهدافهم ليصرفوا عنهم أنظار من قد يعارضونهم ويتصدون لهذه الأهداف . اصطفت إسرائيل تاريخيا مع أي تمرد كردي على الحكومة المركزية في العراق ، وجاهرت دائما بتأييدها دولة كردية فيه ، وجددت هذا التأييد مع اقتراب الاستفتاء في كردستان نحول الانفصال عن الدولة العراقية في ال25 من الشهر القائم الذي ما زال البرزاني يصر عليه ، وتعزز إصراره بموافقة برلمان الإقليم في شبه إجماع على الاستفتاء ، ويضع شروطا تعجيزية لتأجيله فقط استجابة للضغوط الداخلية والخارجية المعارضة له . وتختلق إسرائيل تماهيات بين حالتها وحالة أكراد العراق ، ويتجاوب البرزاني مع هذه التماهيات ، فيعلن أن " الحدود ترسمها الدماء " اتفاقا مع مقولة الإسرائيليين المشهورة إن حدود دولتهم تنتهي حيثما تقف دبابات جيشهم ، ولهذا دولتهم الحالية هي الوحيدة التي لم تحدد حدودها دستوريا . صحيفة " يني شفق " التركية اعتنت بخبر " إسرائيل كرد " ، فأعادت نشره . أوضاع العراق الرهيبة منذ العدوان الأميركي _ البريطاني في 2003 ، واتجاه كردستان إلى الانفصال ؛ فتحا بابا واسعا للتغلغل الإسرائيلي فيه ، وما لم يتراجع أكراد العراق عن استفتاء الانفصال الذي تعارضه بغداد وطهران وأنقره ودمشق فقد يقع من الحروب بين العرب والإيرانيين والأتراك من جانب وبين الأكراد إخوانهم في الدين والجغرافيا والتاريخ من جانب مقابل ؛ ما يجعل سنوات الدم والخراب الست التي نكبت العرب وبعض المسلمين حدثا عاديا موازنة بالدم والخراب اللذين ستفجر تلك الحروب أهوالهما ، ودائما إسرائيل الطامحة والغرب العدواني الشيطاني هما الكاسبان ، وبأدنى الأثمان من طرفهم إن كان هناك أثمان أصلا منه .
وسوم: العدد 738