رسالة ٌ مِن وَلَدي الأكبَر
خطَّ مقالةْ
كتبَ بدمع العين الجاري إليَّ رسالةْ
اعلمْ أني أحبكَ أبَتِ فاسمعْ منِّي
اسْمَعْ مني يا أبتاهْ
إن لديَّ عليكَ بحقٍ ما أخشاهْ
خلف السجنِ تكابدُ حُزْنَكْ
ليس هنالكَ إلا القهرُ وكمْ ذا يقتلُ مَن يأباهْ
خوفي عليكَ اليومَ تمادى
بلَغَ مَدَاهٔ
لا تجهرْ أبتِ بكلامْ
الزمْ صمْتكَ إن سكوتكَ فيهِ سلامْ
شكراً ولدي
لكنْ اعلمْ أنّ سكوتي فيه مماتي
أن سكوتي يحطمُ نفسي يقهرُ ذاتي
أني أحبس عن رئتيَّ هواءَ حياتي
صوتُ أبيكَ - بُنيَّ الغالي- فيه علامةُ أني حيٌّ
أقتلُ خوفي
يشرقُ حرْفي
يلهجُ شِعْري بالإيمانْ
أنا إنسانْ
بَوْحِي أملٌ يرسمُ خارطةَ الأحلامْ
رغم الجُرْحِ ورغم مراراتِ الأحزانْ
أقسِمُ أني لن أستسلمْ
أبداً إني لنْ أستسلمُ
لم يخذلني حرْفُ يشرقُ من أعماقي
يُولَدُ حيّاً
عند الله أراهُ الذُخرَ المُنْجي الباقي
يقطرُ حُباً للإنسانْ
يحملُ مَجْداً للأوطانْ
يغضبُ دوما ً للحريَّةْ
يعلن أن الحقّ َ قضيةْ
لستُ أداهنُ رَهَقَ السيفْ
لستُ أشاهد بغْيَ الحاكم ثم ألوذ بجُبِّ الخوفْ
أشكرُ ولدي نبْضَ حروفكْ
أشكرُ نصْحَكْ
أوقنُ أن الحُبَّ الحاني كان وراءَ كلامِكَ هذا
أفرَحُ حين أراكَ تكلَّمُ
يصدرُ قولُكَ عن عقليةْ
لكنْ ولدي اسْمعْ منّي
منذُ وعيتُ وأنا في شوقٍ للحريَّةْ
جُلُّ العُمرِ أرانيَ أهفو للحريّةْ
أنا في شوقٍ للحريةْ
والحُريّةُ شمْسُ الدنيا
والحريَّةُ نبْضُ فؤادي
ليستْ إلا بهجةِ عُمْري
ليستْ إلا سِرَّ حياةٍ للبشَريةْ
عُمري.. قلبي ..روحي.. فداءٌ للحريةْ
أنا قربانٌ للحريَّةْ
فإذا مٍتُّ بيومٍ قُدِّرْ
فاذكرْ أنّ أباكَ توارى تحتَ الأرضِ ولمْ يركعْ إلا للهْ
كان الحُلمُ بحريَّتهِ .. بحريَّتكم أغلى هواهُ
والحُريَّةُ - ولدي الغالي - حُلْمٌ أعلى
أعيشُ ..أموتُ... ولا أنساهْ
ولنْ أنساهْ
وسوم: العدد 758