ثلاثونَ عاماً وعُمْرُ الشبابِ=تداعتْ أمامي كمِثْلِ السَّحابِ
ثلاثونَ عاماً ، وحان اللقاءُ =وقد جمَّعَ اللهُ بين الصِّحابِ
تلاقتْ وجوهٌ تحاكي نجوماً=من البِشْر تزهو بغير احتجابِ
وذابتْ من الشوقِ فينا قلوبٌ=تحنُّ إلى عيشِها المُستطابِ
ونادى مُنادٍ حبيبٌ قريبٌ =نداءً حفيّاً بصوتٍ مُهابِ
هُلُمَّ إلينا ، دُعاءٌ جميلٌ=تلبيهِ روحٌ رجاءَ اقترابِ
وقد عزَّ مِن بعدِ هذي السنينَ=لقاءٌ مع الصَّحْبِ بعد الغيابِ
لك الحمْدُ يا خالقي أن أتينا=لصرْفِ الهمومِ ومَحْوِ العذابِ
جمعتَ الأكارمَ مِن إخوةٍ =على الحُبِّ حقاً ودون ارتيابِ
تلاقى الجميعُ كعِقْدٍ فريدٍ=ومِن غيرِ لومٍ بدا أوْ عتابِ
أنا أسعدُ الناسِ بين البرايا=وبالأنْسِ مِن بعْدِ ضَنْكِ اغترابي
وقد خطَّ شيْبٌ برأسي ونفسي=تمادى فأرخى عنانَ اكتئابي
فولَّى من النفس شيبٌ فعادتْ=إليَّ من الفرْحِ روحُ الشبابِ
ثلاثون عاماً أراها بعيني =تنادى علينا بغير اضطرابِ
هو السَّعْدُ باقٍ بروحٍ تسامتْ=وعاشتْ تحلِّقُ فوقَ الروابي
هو العُمْرُ يصفو بميقاتِ وُدٍّ =نقيٌ سناهُ فسيحُ الرّحابِ
ستشرقُ مِنْ صفوهِ كلُّ شمسٍ=ويزهو الندى فوق وجهِ الترابِ
سلاماً عليكمْ بإشراقِ روحٍ =به الزهْرُ يزهو بأرضٍ يبابِ
تغنِّي القوافي بكم في لقاءٍ=ويثمُلُ شِعْري بأحلى الشرابِ
يقيناً هو الحقُّ أنّا التقينا=هو الماءُ يمحو ظنونَ السَّرَابِ
لكَ الحمدُ ربِّي كريمَ العطايا=عطاؤكَ قد جَلَّ فوق الحسابِ