لا عِشتُ ياصاحِ إنْ لمْ أركَبِ الغَضبا = فوقَ الرّوابي التي لاتعرِفُ التَّعَبا
فوق الرَّوابي التي فيها كرامةُ مَنُ = يستعذبُ الموتَ ، حِينَ استَعذِبوا الهَرَبا
تَوثَّبَت فيه أمجادٌ بها شغفٌ = إلى التّوَثُّبِ واخْتالَت بِهِ طَرَبا
يا لَلرَّوابي الَّتي دَرعا بها اعتَصَمَت = وأقَسَمَت فَوْقَها أن تُحرِقَ اللَّهبا
حَوْرانُ فِي نابِها طَعمٌ يُذَكِّرُنا = بنابِ مَن أنْضَجَت أنيابُه النُّوَبا
فمَجدُها كانَ مِن أسبابِ منعَتِها = ونابُها كانَ في عَليائِها سَببا
ألْقَت على سُحُب البارودِ وابِلَها = فأخمَدَتها وزَخَّت فوقَها اللّهَبا
ماغابَتِ الشمسُ عَن أبْصارِها أبداً = والليلُ يَصطادُ من أهْدابِها الشُهُبا
مابالُ يَحيَى الّذي تَختالُ فيهِ نَوَى = قَد أقسَمَ اليومَ أنْ يَستَنفِرَ العرَبا
يَظُنُّ أنَّ خُيولَ العُرْبِ مُسرَجَةٌ = وأنّها للوَغَى تَستَمرِئُ الصَّخَبا
هَيهاتَ ياشَيخَنا فالعُربُ في زمَنِ = تارِيخُهُم بِظُبا حكّامِهِم نُكِبا
لَمْ يَبقَ ياشَيخَنا لِلعُرْبِ من شَرَفٍ = إلا التَّآمُرَ والتَّشبيحَ والكَذِبا
وجاسِمٌ أوْفَدَت لِلعُربِ موفدَها = فقامَ فيهم حَبيبٌ يُلهِبُ الخُطَبا
لا تَبتَئِسْ يا أبا تمَّام إنْ حَرَنَت خيولُنا = أو رَأَيتَ السَّيْفَ مُضطَرِبا
حَبيبُ والخَيلُ مِنْ سُفّاهِنا تَعِبَت = وأصبَحت في النَّوادي تمقُتُ الرَّكِبا
قد كانَ مِضمارُها الجُلَّى إذا عُسِفَت = وليسَ مِضمارُها أنْ تُدمِنْ اللَّعِبا
ياشاعرَ السَّيفِ إنْ يَكْذِبْ فَمُدَّ لَهُ = من سَيْفِ أنيابِ حُرٍّ قَطُّ ماكَذَبا
حَوْرانُ يابَيدَرَ الخَيراتِ في زمن = فيه المَمَالِكُ طُرًّا تَشتَكي السَّغَبا
جَيشُ المُمانعِ في تَعفيشِها كَلِفٌ = يُعَفّشَ القَمحَ والبَطِّيخَ والعِنَبا
حورانُ تَأبَى على الإحراقِ سِدرتُها = فلْتَجْعَلوا مَنْ مْشَى في حَرقِها حَطَبا