- نشرت هذه القصيدة في مجلة الوعي الإسلامي الكويتية في العدد 360
يا صبح يا صبح إن النوم قد ذهبا=وطال سهدي, وساء السهد منقلبا
الفته وتقاسمنا الوفاء فإن= نأى رأيت فؤادي إثره ذهبا
تمرست فيه نفسي فهو لي سكن= ما كان أكرم حبا حبب الوصبا!
أعيشه اليوم بعد الأربعين أسى= وكان لي في الصبا المقهور إلف صبا
فراشي القلق الأعتى, وسامرتي= من ألف عام أراها تحمل الحطبا
تكدس الليل فوق الليل في طرقي= واسود, وامتد حتى ليل الشهبا
وحولي القوم أغفوا – عفو عفوتهم=طالت, وقمت عليها حارسا حدبا
لا صحوة القوم ترجى, لا ولا مقلي=أغفت, ولا أنا قد أديت ما وجبا
* * *=* * *
يا صبح يا صبح إن النوم قد ذهبا= وأورثتني هموم الأمة النصبة
فلا ترعك جراحاتي وكثرتها= فخلفها ألف جرح يقذف اللهبا
ولا يرعك انفرادي وحشة وأسى= وأنني بين أهلي عشت مغتربا
عمر تقضى على ما كان من أمل= فلا اقتربت, ولا من مقلتي اقتربا
كم ذا اجتهدت وكم جاهدت محتسبا=وكم صبرت, وكم عانيت ما صعبا!
ما كان أشقاه عمرا ضاع من عمري=لو لم أكن بإله العرش محتسبا!!
ما ضرني حقبة من عمري انصرمت=ما دمت أملك في الدنيا الهدى حقبا!
* * *=* * *
يا صبح يا صبح للأقدار حكمتها= فلا تمل إذا لم نحرز الغلبا
حسب الرجولة أقدام لنا دميت= على الطريق.. ولم نستشعر التعبا
وأن دربا حفينا فوقها زمننا= حبا بها قد رفضنا القز, والذهبا
تبقى على الدهر أعمال لنا سلمت=لكي تقول بأنا لم نكن ذنبا
* * *=* * *
يا صبح يا صبح إن النوم قد ذهبا=وما عتبت فعتبي يغضب الهدبا
أنا الذي اخترت دربي رضيا, وأنا=رأيت كل عذابي فيه قد عذبا
حسبي وحسبك مني أن لي خلدا= رغم الأذى لم يضق ذرعا ولا عتبا
يسلسل الشعر ألحانا تذوب جوى= ونبع إلهامه القدسي ما نضبا
وكل شعر أتى من قلب مبدعه= سرى إليك وفي أعماقك انسكبا
قد تنفر الأذن من صوت به طرب=وقد تحس بصوت صاخب طربا
* * *=* * *
يا صبح يا صبح إن النوم قد ذهبا=وقد تعاظم ما للقوم قد وجبا
لا النصح يجدي ولا في القوم ذو رشد=فيستثار لما من أمرنا حزبا
قد وحد القوم حب الذل في زمني= فكلهم يتشهى لثم من ضربا
مات الإباء بنا... فارتاح غاصبنا= هيهات تلقى أبيا ثار, او غضبا
* * *=* * *
يا صبح يا صبح إن الهم قد غلبا= فلا يرعك فؤادي ضج أو وثبا
فما استقر, ولا أغرته بارقة= عن هم قومي.. ولا مثل القلوب صبا
حزني على الأمس, خوفي من غدي اجتمعا = فألهبا في فؤادي اليأس فاضطربا
يا صبح عفوك ماحزني بمنقطع= ولا إخال شكاتي تذهب النصب
حب وهبت له عمري وأوجاع ما=يجزى به واهب إنكار ما وهبا
* * *=* * *
يا صبح يا صبح طيف النوم قد غربا=ونور كل نجوم الأمنيات خبا
أناملي العشر قد أشعلتها قبسا= للمدلجين فصبوا حقدهم سحبا
أكاد أذوي عليهم حسرة، وأسى= وما رأيت لما بي منهمو حدبا
لا تعجبن من شكاتي فهي هينة= فقصر أخلاقنا من ركنه خربا
ضاعت عقيدتنا في كهف رغبتنا=وبدر آمالنا من أفقنا غربا
في كل بيت ترى نارا مسعرة= وقد جعلنا عليها أهلنا حطبا
غدا سينفد أهلنا وبعد غد= كما فعلنا بهم نغدو بها لهبا
* * *=* * *
يا صبح يا صبح إن الليل قد تعبا=فهل أرى لذيول الليل منقضبا!
يا صبح يا صبح أذني ألف مصغية=إلى أحاديث عز قد تثير إبا
كم ذا أحن إلى استلهام ملحمة= السيف يسبق فيها الشعر والخطبا
ويصدق العزم فيها صدق معتصم=رأس العدو غدا لما انتخى تربا
طال اشتياقي وهذا الكون مرتقب=يرجو لقومي أيارب الهدى سببا
أكاد أذوي وموج اليأس يغلبني= لولا استقر بقلبي من لدنك نبا
إنا لننصر من قد آمنوا وأرى= نصرا وعدت به يارب مقتربا
لكن من يدعون النصر قد كذبوا= أجل نصرك أن يوتى لمن كذبا
* * *=* * *
يا صبح يا صبح قومي . آه واعجبي=من حالة حيَّروا في أمرها العجبا
على هداك غدونا أمة وثبت= تعز بعد شتات بالهدى الحقبا
بالأمس كانت ملوك الأرض ترهبها=والناس تخطب منها ودها رغبا
كانت على رغم ما امتدت وما حكمت=أما رؤوما, وكانت للأنام أبا
لم تبد ظلما, ولم تغفل عدالتها= خصما, وكم نال حقا بعد أن غلبا
تشعبت في بقاع الأرض تعمرها= وجيشها حكم الدنيا وما انشعبا
واليوم نحيا كأنا لم نكن أبدا= لا مسلمين أعزوا الأرض, لا عربا
الذل نحسبه من ضعفنا أدبا= ومنهجا خقق الآمال والأربا
والعز يسخر منا حين نذكره= حتى التراب تشكى رأسنا التربا
تفنن القوم من ملء البطون وما= أبقوا لذلك لافنا ولا سببا
واستوردوا كل ما في الأرض من بدع=وأبدعوا في اللباس الوشي والقصبا
والروح تشكو خواء لا حدود له= والفكر تلقاه مجلوبا, ومضطربا
نفلسف الجهل عن علم ونعبده= وكم نزور في إرضائه الأدبا
ونهدر المال فيما لا انتفاع به= وكم يعز إذا للخير قد طلبا!
ونقبل الصر في قول وفي عمل= ونحن نعلم أنا نحصد العطبا
ونبعد النفس عما يبتني غدها= ولا نحس حياء حول ما ارتكبا
ونورث الجيل باسم العلم كل عمى=وندعي أن أزلنا الجهل والحجبا
والحق والهفي للحق نهجره= ونستكين إذا ما ضاع أوسلبا
ألد أعدائنا يحتل منزلنا= ونحن في بيتنا عن أهلنا غربا
الأغنيات غدت للحرب عدَّتنا= فليس إلا بها نستعجل الغلبا
إذا شدت في كهوف الليل بنت هوى=كنا السكارى, ونمنا عامنا طربا
وليس إلا بهذا السكر من أمل= في جمع أشتات قوم شوهوا النسبا
القدس ضاعت, وضاعت قبلها قيم=فألف قدس بقلبي تشتكي السلبا
ماذا أحدث عنها!! آه من زمن= عم الجفاف وأمطرنا به نوبا
تبدلت قيم الإنسان وانقلبت= فكل أمر تراه اليوم منقلبا
فكم ترى الرأس ذيلا أو ترى ذنبا=قد صار في الرأس؟ آه كم ترى ذنبا!!
هيهات تلقى بقومي مخلصا عملا=إلا وضيع مفتونا, أو اغتربا
المبدعون تراهم شتِّتوا وقضوا= والأرذلون استحالوا قادة نُجُبا
والعالمون غدوا بوقاً لظالمنا= فمنتهى علمهم تبرير ما ارتكبا
والتُّرَّهات غدت للحكم معتمداً= فليس إلا عليها يمنح الرُّتبا
الجاهلية عادت ألف جاهلة= وصار كل يقين عندنا رِيبا
للجاهلية أصنامٌ محدَّدة= وألف تمثال رب حولنا انتصبا
للجاهلية أصنامٌ توحِّدُها= وجاهليتنا صرنا بها شُعَبا
أصنامها لم يكن يؤذى بها أحد= ونحن نلقى بها الإذلال والنَّصَبا
يا جاهليةُ عفواً أنتِ مؤمنة= وكُفْرُنا زادَنا فوق العَماء غَبَا
وكان منها على عِلّاتها قِيَمٌ= ونحن نقتل فينا الدين والأدبا
في كل نفس ترى الأحقاد عاصفةً=حتى طغى الحقد, فيها والهوى غلبا
فلا الرجال رجال حين تطلبها= ولا النساء تراها تحضن الزُّغُبا
باعت أنوثتها في سوق شهوتها= وعَرَّتِ الصدرَ باسم الفن والرُّكَبا
وأرخصتْ كلَّ ما أغلتْه فِطرتُها= فحبُّها الغَرْبَ أعمى عقلَها وسبى
لمَّا أضاعت وما صانت أمومتها=عانى المذلة هذا الشعبُ واكتأبا
يذرو به القهرُ, والتشريد يجمعه= فالفكر منه خَبَا, والعزم منه كبا
ما أتعسَ الجيلَ محروماً رعايتَها= وأكرمَ الجيلَ من تحنانها شرِبا!
* * *=* * *
يا صبح يا صبح إن الأمن قد صُلِبا=فكل نفس تعيش الذعر والرعبا
لم يبق للقوم من بشرى لمرتقب= وما إخال أرى في القوم مرتقبا
كل الحرام غدا حِلّاً لقادتنا= ونحن نجتر من تجويعنا السغبا
بالظلم قد حكموا, بالبغي قد شغلوا=بالفتك قد ملؤوا أقطارنا رهبا
لوحدة الشعب قد جاؤوا ونصرته=وجاهدوا ليظل الشعب منشعبا
منّوا عليه بحرياته انطلقت= وحدُّها أن يجيد الرقص واللعبا
يحصون أنفاس من قد بات محتضراً=ويرهبون من الأموات أن تثِبا
قد أبدعوا القمع دستوراً نساس به=فالكل يزهو بكم أفنى, وكم صلبا!
تفننوا في استلاب الشعب لقمته= باسم الجهاد وياويلاه كم نهبا!
تحولت لبنوك الغرب أرصدة= على العدو جرت أنهارها ذهبا
قد استحالت إلى تدميرنا عُدَداً= وكاد لفظ اسمها أن يوقع الهربا
بها غزانا, بها ساق الفناء لنا= بها استباح حمانا, وازدهى عجبا
إذا الطغاة تمادوا في ضلالتهم= فإن كل قصور الأمنيات هبا
قد وَحَّدَ الكفرُ أهلَ الكفرِ واعجبي=وصار أمر أولي التوحيد منشعبا
ماكان ظلماً قضاء حلَّ ساحتَنا= فليس يُجزى امرؤ إلا بما كسبا
* * *=* * *
يا صبح يا صبح إن النوم قد ذهبا=فألف عذر إذا أنسيت ما وجبا
لمن أبوح؟ وما جدوى النواح وهل=يجدي العتاب إذا ناديت منتحبا؟
سدت مسامع من يرجى لمحنتنا= وخلف ألف جدار وجهه احتجبا
في كل يوم ترى أرضا لنا سلبت= وكل يوم ترى حقا لنا اغتصبا
وأمتي ألف شتى, ألف شرذمة= وكل شرذمة قد أصبحت عربا
نشن في كل يوم ألف معركة= لاكن تشن على الأهلين واحربا
سيوفنا في رقاب الأهل قاطعة= وفي الحروب ترى أمضى السيوف نبا
نخشى عتاد العدى لوكان من خشب=وإن غزينا ترى فولاذنا خشبا
كم ذا تمنيت والأعداء تهزمنا= في كل معركة أن نحسن الهربا
رعاتنا ما وعوا يوما ولا احترموا= حق الشعوب ولكن أتقنوا الكذبا
إذا اشتكى الشعب عريا وزعوا صورا=أو اشتكى الشعب جوعا طولوا الخطبا
لا بصلحون لأمر غير أنهمو= سروا العدو غداة اختارهم لعبا
* * *=* * *
يا صبح للمسجد الأقصى قداسته= فحبه نسب... أكرم به نسبا!
قد كان قبلتنا الأولى وبرائه= إليه أسرى بمن من رسله انتخبا
ومنه كان له المعراج معجزة= لم تبق في الدهر شكا لا, ولا ريبا
فيها رأى ما أراه الله عن كثب= وقاب قوسين أو أدنى قد اقتربا
إسراؤه كان, والمعراج شمس هدى=يظل فيض سناها يهتك الحجبا
إسراؤه منه والمعراج كان لنا= أمرا من الله أن نبقى له النجبا
نفديه, نمنع بالأروح تربته= نفنى ولا ساعة نلقاه منتحبا
* * *=* * *
يا صبح مسجدنا الاقصى يدنسه= رجس اليهود,وقومي حالفوا اللعبا
نغفو على أعذب الأحلام حين غدا= يبكي ويندب محروقا ومنتهبا
ما حركت ساكنا فينا مصيبته= ولا شكونا, ولم يلق الذي شجبا
لا المال ننفقه من أجل نصرته= ولا نقر فدائيا له غضبا
وواحد من ألوف الأثرياء بنا= لو شاء جهز جيشا يضمن الغلبا
* * *=* * *
يا صبح عفوك ما شكواي من جزع=لو أن ما بي مس الصخر لانعطبا
هموم قومي مذيبات وأخطرها= ألا ترى شاكيا منها ومنتحبا
* * *=* * *
يا صبح يا صبح امر الله قد غلبا= فعفو ربي إذا لم أحسن الأدبا
يا صبح يا صبح هذي هموم لا أعددها=فهي الحصاد لمن في زرعها تعبا
هذي الهموم بقلبي كلها نزلت= وقد رأت في فؤادي منزلا رحبا
فكل من آمنوا أحزانهم حزني= وكم أحس إذا نالوا المنى طربا!
علي أرى خير الخلق الله يشفعلي= لما حملت, وما ألقى,ولو صعبا
إني اجتهدت و حسبي أن أكون إلى=ما كان يرضي رسول الله مقتربا
* * *=* * *
يا صبح يا صبح لو أن المنى جمعت=وكان للقلب أن يختار ما طلبا
لكان كل رجائي أن يجيء غد= ولا يرى مسلم فالأرض مكتئبا
وليس ذاك عزيزا إن نرمه بما= من بعد ذل, وضعف وحد العربا
هو السبيل ولا والله ليس لنا= إلا بمنهجه أن نبلغ الأربا
* * *=* * *
يا صبح يا صبح في أقوالنا ظما= فكيف نذهب جوعا هدد الكتبا؟
نملي من الكتب آلافا مؤلفة= ولا نحس بها معنى, ولا أدبا
وقولة من رسول الله واحدة= تمضي القرون, وتبقى روح ما كتبا
كم أيقظت أمما طال الرقاد بها= وجددتها فنالت بعدها الغلبا!
وكم أزالت من الدنيا جبارة= لما بغت, وأرتها الهول منتصبا!
وكم أعدت لذي شك بصيرته= وكم أزالت فما أبقت بنا ريبا!
وتغمر الأرض والأكوان حكمتها=ولم تغادر لعلم نافع سببا
والباحثون ومن للعلم قد نهدوا= ومن أضاعوا بعلم واحد حقبا
والبالغون من الدنيا مراتبها= والمانحون بها الألقاب والرتبا
لم يبلغوا بعض ما قد قال أحمدنا=وهو الذي عاش أميا وما كتبا
وقوله الحق عبر الدهر وما شجبا=ولا ارتضى الحق إلا نهجه نسبا
* * *=* * *
يا صبح يا صبح أعلنها بلا وجل=إني أرى الجيل للأوهام قد جذبا
تهيأت كل أسباب الضياع له= ولم نهيّء لما يجدي ولو سببا
وليس ينفع شعبا جيله خرب= أن يملك الأرض أو أن يغزو الشهبا
* * *=* * *
يا صبح يا صبح إن اليل قد تعبا= وآن لليل أن نلقاه منقضبا
مهما وهى, ونأى عنك الضياء بدا=رغم الظلام شعاع يهتك الحجبا
إني أرى في رؤى الآتين ألف سنا=وألف شمس تمني بالهدى العربا
فيا رؤى الجيل بوركت الرجاء ويا=ليل الخفافيش إن الصبح قد قربا
* * *=* * *
يا رب عفوك عن هم أكابده= فقد أطلت, وما وفيت ما وجبا
يا رب رد إلى التوحيد أمتنا= لعلها ترجع المجد الذي ذهبا
أدعوك ربي وقد عز الرجاء, ولا=أرى سواك مجيرا يكشف النوبا