دمُ الشُّهداءِ كالأنهارِ يجري=ولا من حاكِمٍ في القومِ يدري
وسُرَّ بسفكِهِ قبلَ الأعادي=ولاةٌ جاهدوا لِيَروْهُ يجري
علينا قد أعانوا كلَّ طاغٍ=فَسُوَّدَ كلُّ ذي نابٍ، وظُفرِ
على أطفالِنا صبُّوا جحيمًا=بأسلحةٍ تذوِّبُ كلَّ صخرِ
ومِمَّا حوصِروا دهرًا تراهُمْ=همُ الأشباحُ من جوعٍ، وفقرِ
كأنَّ الطِّفلَ قد أمسى لديهمْ=قضاءً فاستحلُّوا كلَّ غدرِ
وما والٍ أرانا منه يومًا=سوى ذلٍّ، وإفسادٍ، وقهرِ
ولم يَعلَمْ بما يجري علينا=وإنْ يَعلَمْ أجابَ: وكيفَ أدري!
وفي كلِّ المفاسِدِ فهوَ أدرى=وإنْ خُفِيَتْ ببحرٍ، أو بِبَرِّ
ويدري كيفَ يقتلُ كلِّ حُرٍّ=فما يعنيهِ مقتَلُ كلِّ حُرِّ
إبادةُ كلِّ ذي خُلُقٍ، ودِيْنٍ=لدى الحُكَّامِ فخرٌ أيُّ فخرِ!
رضُوا أعراضَ أهلِ الدِّينِ تُسبى=وهم يتلذَّذونَ بألفِ قصرِ
وغزَّةُ كعبةُ الأحرارِ أمسَتْ=تُدَكُّ بأمرهم في كلِّ فجرِ
ولولا أنَّهُمْ نصروا عليها=أعاديها لَـما حفََلتْ بِضُرِّ
فأهلوها همُ الأحرارُ حقًّا=دماهُمْ كي تَعِزَّ تظلُّ تجري
وبعضُ جحيمِ ما يلقى عليهمْ=لَيَشْعُلُ من لظاهُ ألفُ بحرِ
ولكن قوَّةُ الإيمانِ أقوى=وتبقى عُدَّةً لأعزِّ نصرِ
متى يا ربّ تأخذُ كلِّ والٍ=يُحارِبُنا وينصُرُ كلَّ كفرِ!
فقدْ عَمَّ الضَّلالُ، وسادَ كفرٌ=فأبْطِلْ كُفرَهُمْ بأشدِّ مكرِ
وإلاَّ فالضَّلالُ إلى ازديادٍ=وللكُفَّارِ يُمسي كلُّ أمرِ