الفصول الأربعة
للكونِ نَظْـــمٌ وأسْبـــابٌ يُراعيــها
فالفجرُ يأتي على حُلْكٍ يقاسيها
تأتي الفصول فيَمْتازُ الجنى رُتَبا
كالنّــاسِ يعرفُ حاميـها حراميـها
وثــورةُ الشامِ في أثوابـها فِـرَقٌ
غثّ .. ثمينٌ .. ودمعٌ في أغانيها
صيف البطولة يا بشارُ محرقــةٌ
دارتْ رحاها بأرضٍ لستَ بانيها
ثــارَ الأُباةُ فصاغوا خيرَ ملحمةٍ
فازدانتِ الأرض قاصيها ودانيها
واهتزّ عرشٌ من الأحقـــادِ تملكها
مِنْ وِرْثِ طاغيــةٍ أرسى معانيــها
دُكَّتْ حصونٌ بأرضِ الشامِ واندحرتْ
أسطورةٌ هُتكــتْ مــا عُــدْتَ تحميــها
تروي المرابعَ من حقدٍ ومن عَنَتٍ
لكنّــنا مِنْ دمٍ بالعشـق نرويــها
فازّينتْ وغـدتْ تزهو بسندسها
واستبشرتْ بثمارِ العزّ نجنيها
أدركتَ أنَّـــك للأحــرارِ مُرتَـهنٌ
وأنّ ثورتَنــا فــازتْ مساعيها
فاخترتَ بيعَ بلادي مثلما ذهبَ
الجولانُ كي يأخذَ الكرسيَّ طاغيها
واستُقْدِمَتْ طغمةُ القطعانِ من مِللٍ
شتّى وقدْ أعمتِ الأحقادُ راعيها
بوتينُ لبى ونصرُ اللّاتِ ثمّ أبو
مَهديْ المهندس والعربانُ تُغريها
تَوَسّليْ وسُلَيْمانيْ وجَمْهْرةٌ
مِنْ كلِّ فجٍّ أتتْ والبطشُ داعيها
تكالبَ اللؤمُ مِنْ عُرْبٍ ومِنْ عَجَمٍ
عمائمُ الفُرْسِ تدعوهمْ لماضيها
جاءتْ جحافلهمْ والحرّ بعثرهمْ
تُغيظُ تكبيرةُ الأحـــرارِ نـــاعيْها
ذا رائحٌ كَمْ يُلَبّي يـــا حُسَينُ وَذَا
غادٍ بلَطْمٍ على الأجسادِ يُدميها
يَبكونَ قطْعانهمْ غيظاً وَقَدْ نفقتْ
فالشامُ مقبــرةٌ يــا مَـنْ تعــاديها
جَــاءَ الخريفُ فبــانتْ عـورةٌ فَتَنَتْ
بعضَ الشبابِ وَفي طهرانَ مفتيها
قَـــدْ ألبسَتْها سواداً مِـنْ عباءتِنا
جاءتْ وأخفتْ سواداً مِـنْ مراميها
والجــاهلونَ رَأَوْهـــا مِـنْ مـآثِــــرنا
وهْيَ القذارةُ فـاضَتْ مِـنْ مجاريها
قالوا : الخلافةُ والإسلامُ منهجنا
وكفّروا مَـنْ يُبــاهي في مَعاليــها
هٰــذا الخريـفُ الذي عرَّى توابعَـــكمْ
حتى الضفادعُ ضجّتْ في سواقيها
والْيَوْمَ مازالتِ الأشجارُ واقفةً
لكنّــها نفضَتْ غَــدْراً يجافيها
هذا انتصارٌ لنا إِنْ كُنتَ تجهله
هاقدْ غسلْنا صديداً عَنْ مآقيها
حتى الشتاء رواها مِـنْ دمٍ عطرٍ
فـــلا يغـرَّكَ لَـوْ غَيْــمٌ جـرىٰ فيـها
تِلْكَ العواصِفُ لَـوْ هبّتْ بثورتنا
فهْي الرجاءُ لِخَيْرٍ سوفَ يُبْقيها
برقٌ ورعدٌ وريحٌ صَرْصرٌ عَصَفتْ
سيلُ الأمـاني عطاءٌ مِـنْ مراقيها
ربيــعُنا العربيُّ اسْتَـلَّ خنجـرَهُ
هاقدْ أتى فانتظرْ يوما مغانيها
إنَّــا بدأنا ولسْنا في نهايتها
كُنّا نزيلُ سموماً عَنْ أقاحيها
يا مَـنْ ظننتَ سهامَ الغدرِ قاتلةً
للحقّ فاعــلمْ بــأنّ اللهَ حــاميها
كلُّ الشّعوبِ إذا قــامَـتْ بثورتها
تزهو وتُبْقي جذوراً مِـنْ أعاديها
إلا رحـــانــــا فلَــنْ ترضى ببـــــاقِيـــةٍ
مِـنْ رِجْسِ مجرمِها أو رِجْسِ عاصيها
وسوم: العدد 782