**********
من ديواني ( هجير الأيام )
أبكي المروءة إذ ماتتْ معانيها= وودّعت من قلوب الناس حاديها
أبكي زماناً زهتْ فيه مروءتُه= فعطّر العَيْشَ منها طِيبُ ذاكيها
وكان ما كان من أخلاق صاحبها= فطاب منها الجنى إذ طاب ساقيها
فمن جَناها إخاءٌ لا يزعزعُه= هُوجُ الوساوسِ إن هبّت سواقيها
والعهدُ منشؤُه في قلب روضتِها= ترويه من غيثِها صفواً غواديها
فليس ينقُضُه مرُّ الزمانِ ولا= كَيد اللئيم فيبقى من مجاليها
وللصداقةِ حبْلٌ ليس يقطعُه= خُبثُ الوشاةِ، فصِدْقُ الودّ حاميها
وجيرةُ الناسِ أيِّ الناسِ في كنَفٍ= من الأمانِ، فعهدُ اللهِ راعيها
وهمّةٌ تبذل المعروفَ عن مِقَةٍ= وليس يعلمُ غيرُ اللهِ خافيها
تجزي الإساءَة بالإحسانِ صابرةً= كذا المروءةُ في أعلى مراقيها
والعُرْفُ تجزيه أضعافاً مضاعفةً= بالعُرْفِ والشكرِ، فالإحسان يسبيها
لا مَيْنَ فيها ولا فحشٌ ولا سَفَهٌ= ولا خِداعٌ، وتقوى اللهِ حاديها
ترعى الأمانة والميثاقَ جاهدةً= فلا تقلبَ في أخلاقِ أهليها
* * *=* * *
تلك المروءة أرثيها وأندُبُها= فقد فقدْنا كثيراً من غواليها
فبالمروءةِ يحيا الناسُ في سلمٍ= وبالدناءَةِ آفاتٌ نقاسيها
فإن ظفرتَ بما يُحيي ضمائرهم= فقد ظفرتَ لدنيانا بآسيها
فكلُّ داء زماني فقْدُ همّتِهِ= وخير شافٍ نفوسَ النّاسِ باريها
فنجّنا ربّنا من كلِّ عاديةٍ= ومن شرور نفوسٍ نام قاضيها