في عام 1983 كنت جالساً في العنبر بعد العصر، فتذكرت داري وكيف أنها الآن خالية إلا من شجيرات غرستها قبل الاعتقال فكتبت هذه الأبيات:
1- تذكرت داري فانثنيت محلقاً=لأروي بحور الشعر فيض دموعيا
2- فيا ليت أشجار الصنوبر قد نأت=وقد أورق الرمان أحمر زاهياً
3- لقد طال عهد السجن وامتد ليله=وخلفي شقيقات يتبن بواكيا
4- تعوذن مني كل يوم زيارة=وإن لم أزر يوماً بعثت ندائيا
5- وليس افتقادي وحده كان خطبهم=فإن لهم مثلي بتدمر ثانيا
6- وباكية في الشام حيرى أسيرة=كريمة أخلاق تؤلم قلبيا
7- فلا عرفت أني أعيش فترتجي=ولو بعد أعوام تزيد لياليا
8- ولا عرفت أني قضيت منيتي=فتقضي حداداً أو تعاشر غيريا
9- وهذا الفراق المر صعب مراسه=وأرجو كريما أن يفك إساريا
10- وأسر ألوف قد تقاوم عهدهم=بسجن به الأعناق تجري سواقيا
11- رأيت رمال البيد حفت حدوده=وشم الجبال والجبال الرواسيا
12- وخلفت أيضا طفلة عند أمها=وجاءت ظلال الأنس بعد افتعاليا
13- ستسأل يوماً عن أبيها إذا وعرت=وعذرا إذا كان الجواب خياليا
14- تسلى به عني لأخرج مطلقاً=من السجن أو كسرت قيد وثاقيا
15- وأذكر جيراني فتنهل أدمعي=وعيش رفيفاً قد تبدل قاسيا
16- وإني وإن طال الزمان لثابت=على العهد منكم ما تغير حاليا
17- رعيت لكم عهد الوداد وصنته=وأرجو لقاكم بعد طول غيابيا
18- يهون هذا كله أن غايتي=رضاء إلهي وانتصار مباديا