أغنِّي نشيدَ الحُبِّ
(( نظمتُ هذه القصيدة للمسابقةِ الشِّعريَّة التي أقامتها مجلة ( سوا ربينا الأدبيَّة ) للقب " أمير الشعراء "، والمشاركة في هذه المسابقة تكون بنظم قصيدة على بحر الطويل وقافيتها لام مرفوعة والقصيدة لا تقل عن خمسة أبيات وعلى نمط قصيدة أبي العلاء المعرّي المشهورة ، ومطلعها :
( ألا في سبيلِ المَجدِ ما أنا فاعِلُ عفافٌ وَإقدامٌ وَحَزمٌ وَنائلُ ))
أغنِّي نشيدَ الحُبِّ تزهُو المَنازلُ وَتخضَرُّ صحراءٌ وتجري جداولُ
سَمَوتُ بفنِّي رغمَ كيدِ حَوَاسِدٍ وَغيري بأجواءِ البلاغةِ قاحلُ
سَمَوتُ عُلوًّا ثمَّ مجدًا وَسُؤدُدًا ولي منزلٌ فوقَ المَجَرَّةِ ماثِلُ
ولي حكمةٌ من نورِهَا تنهلُ الدُّنى وكم فيلسُوفٍ إنحنى .. لا يُجَادِلُ
وكم عالمٍ منِّي استنارت عُلومُهُ وكم مُدَّع ٍ أفحمتُهُ ، فهوَ جَاهلُ
وَإنِّي لمقدامٌ بيومِ كريهَةٍ وغيري مِنَ الخطبِ العصيبِ لجَافلُ
وَإنِّي نبيُّ الشِّعرِ رائدُ أمَّتي تسيرُ على دربِي القويمِ جَحَافلُ
وَقدَمتُ أعمالا يشعُّ سناؤُهَا وَجئتُ بما لم تَستطِعْهُ الأوائِلُ
بعزمٍ وَجُهدٍ إنطلقتُ إلى السُّهَى وللدَّركِ غيري ، في العمالةِ ، نازلُ
إذا جاءَ ذمِّي مِن قميىءٍ مُنافق ٍ فلا غلوَ في هذا بأنِّيَ كاملُ
سيشهدُ لي التاريخُ في العلمِ رائدًا وفوقَ جفونِ الشَّمسِ إنِّي لوَاصِلُ
هُنا فارسُ الفرسان دونَ مُنازع ٍ لأجلي العذارى كلها تتقاتلُ
وكم من فتاةٍ تبتغيني حَليلهَا وتشتاقُ وصلي دائمًا وَتُغازلُ
ولكن هوى الأوطانِ في القلبِ والحَشَا وَغيرُ هوى الاوطانِ مَن سَيُعَادِلُ
لأجلِ هوى الأوطانِ أرخَصْتُ مُهجتي وفي الذودِ عنها لا يكونُ تخاذلُ
وأرضُ الهوى العُذريِّ كم عصفت بها رياحُ المَنايا ، أرَّقتهَا الغوَائِلُ
لقد بُدِّلتْ أفراحُهَا بمآتمٍ بتشريدِ شعبٍ في المنافي يُدَاوَلُ
وفي ذمَّةِ الأجيالِ نهضة أمَّةٍ لقد أثقلتهَا في الخطوبِ نوازِلُ
ستنهضُ مثلَ الطودِ رغمَ جراحِهَا وإبداعُهَا للعالمينَ مَناهِلُ
وأعطت شعُوبَ الأرض علما وحكمةً وأمطارُهَا مِلْءَ الزَّمانِ هَوَاطِلُ
وَمِن نزفِ قلبي كلُّ شعر ٍأصُوغُهُ ليحيا كئيبٌ بعدَ يأس ٍ يُحاولُ
يخُوضَ غمارَ الموتِ من بعدِ رقدَةٍ لإعلاءِ حقٍّ قد طوتهُ المَعاوِلُ
سأنثرُ وردَ الطُّهرِ في كلِّ مَحفلٍ وأغصانُ روضي دائمًا تتطاولُ
وَفنِّي كضوءِ الشَّمسِ قد غَمَرَ الوَرى وَفي كلِّ مَجدٍ بالكرامةِ حافِلُ وَفي قمَّةِ الإبداعِ شعريَ رونقًا وَكم سارق ٍ أوْرَادَ شعريَ ناحِلَ
وَإنِّي أنا الصَّوتُ الذي بَهَرَ الدُّنى وَكلٌّ وَمِن إبداعِ فنِّيَ ذاهِلُ
وفقتُ أنا الأفذاذَ عزمًا وَجُرأةً ولا أحدٌ يومَ النزالِ يقابلُ
وَيفرنقعُ الأشرارُ مِنِّيَ دائمًا وإبليسُ أيضا مثلهُمْ هُوَ واجلُ
قهَرْتُ أنا الموتَ الزُّؤامَ بهمَّةٍ وَأبعَثُ كالفينيقِ ، للكونِ شاغلُ
وَلو أنّني عصرَ المَعَرِّي شَهِدْتُهُ لكانَ لشعري شاهِدًا لا يُجامِلُ
أبو الطَّيْبِ ما كانَ النبيَّ بشعرهِ وأشعارُهُ في الفخر ِ لا تتداوَلُ
ولكّنني في عصرِ كفرٍ وخِسَّةٍ بهِ يُرفعُ الشُّعرُورُ يَمرَحُ سَافلُ
لقد كرَّمُوا المَعتُوهَ .. كلَّ مُنافق ٍ أمَّا الكريمُ الحُرُّ هُمْ قد تجاهَلُوا
أنا الحبُّ والآمالُ والوردُ والندى أنا النارُ والإعصارُ عِشقيَ قاتلُ
تكأكأ كلٌّ قربَ كلكلِ خيمتي وكان انطلاقٌ للعُلا لا يُمَاثَلُ
وكلٌّ غدا بالعزمِ والحزمِ مُترَعًا وكلُّ لنجمٍ في السَّمَاءِ لطائِلُ
سأبقى على ثغرِ الزّهورِ بشاشَةً وَترنيمَةً طولَ المَدَى تتناقلُ
وَينسابُ صوتُ الأرضِ يدنو مُعَانقًا شفافَ قلبٍ خَضَّبَتهُ النَّواصِلُ
مَشَيتُ على الأشواكِ والنارِ واللظى كما اعترَضَتني في المسيرِ جنادِلُ
وكلُّ الرَّزايا قد أتتني وَيْحَهَا تميدُ جبالٌ بالذي أنا حَاملُ
وَفي مَجْمَعِ الأوغادِ ما نلتُ مركزًا " ولا ذنبَ لي إلاَّ النَّدَى والفضائِلُ"
وفي مَجمعِ الأوباشِ فالنّذلُ سيِّدُ وأمَّا كريمُ النفسِ دَومًا يُمَاطَلُ
وفي جنَّةِ الأبرارِ أبقى مُخلَّدًا ونارُ جحيمٍ للبُغاةِ تزاولُ
وفي جنَّةِ الأطهارِ صَرحِيَ شاهقٌ وَينعمُ فيهَا المؤمنُونَ الأفاضلُ
وكم كافر ٍ نارُ الجحيمِ مصيرُهُ طعامٌ لهُ الزَّقُّومُ منهُ يُناوَلُ
أرى تحتَ شسْع ِ النعلِ كلَّ وظيفةٍ إذا كان للشّيطانِ فيَها المُقابِلُ
أرى كلَّ مَن نالَ الوظائفَ خسَّةً لِمزبلةِ التَّاريخِ ، والمالُ زائلُ
وَإنِّي لِربِّي دائمًا لِيَ مُرْتَجًى إلهٌ مُحِبٌّ مُستجيبٌ وَعادِلُ
إلهٌ كريمٌ جُودُهُ غمَرَ الوَرى وَفي كلِّ خطبٍ لا يُخيَّبُ سائلُ
وَمَن يجعلِ اللهَ مَنارًا لِدَربهِ نجاحٌ لهُ كلَّ الجوانبِ شاملُ
أنا الشاعر المغوار جئت مُجَاهِدًا وَمِن أجلِ تحرير ِ البلادِ أناضلُ
وَقد صارَ شعري صوتَ كلِّ مُناضلٍ يخوضُ اللظى، وسطَ اللّهيبِ يُقاتلُ
سيبقى يَراعي للشّعوبِ منارةً وَيُذكي نفوسًا ، تستنيرُ قوافلُ
وَشعريَ للأبرار ِ وَردٌ وعنبرٌ ولكن على أهل الفجور زلازلُ
دخلتُ أنا التاريخَ من كلِّ مَنفَذٍ وعنديَ أعمالٌ سَمَتْ وَرَسائِلُ
وَمَن يصنع التاريخَ مِن نزفِ جُرحِهِ رفيقي على دربِ التَّحرُّرِ باسِلُ
هنا أوَّلُ الأحرار أخرُ مَن قضَى وَحَوليَ أزهارُ الرُّبَى تتمايَلُ
هنا أوَّلُ الأحرارِ أشعَرُ شاعر ٍ يخوضُ الرَّزايا في اللهيبِ يُواصِلُ
أسيرُ على دربِ التَّحرُّرِ والفدا دِمائي لكلِّ الثائرينَ مَشَاعِلُ
أموتُ لِيَحْيَا كلُّ طفلٍ مُشَرَّدٍ وَيُطلقَ مأسُورٌ ويفرَحَ ثاكِلُ
وينعمَ كلُّ الناسِ بالسَّعدِ والمُنى وَتخضرَّ جَنَّاتٌ وتزهُو خمَائِلُ
ستبقى فلسطينُ الأبيّةُ جَنَّتي وفيها مُقيمٌ والغريبُ لراحلُ
ومهما يَطُلْ ظلمٌ فلا بدَّ ينجلي وَفجرٌ سيأتي ، إنَّ ليليَ زائِلُ
وسوم: العدد 806