أبيض أسود
من هؤلاء تزاحموا؟
يا جسر أحزاني فدعهم يعبرون،
وأشمّ رائحة البحار السّبع، أمواج ٌ تمدّ رؤوسها
وسلالم تمتدّ، أفواج تحيي ثم تصعد أين كانوا؟
كيف جاءوا؟ إنها الأرض الخصيبة بالدّموع وبالرّجاء
يا جسر أحزاني فدعهم يعبرون،
ما غيّرتنا هذه الأعوام لكنّ المزارات القديمة أفلست
والأولياء، داسوا وعودهم القديمة إذ تدحرج في
الطّريق البكر رأس المومياء،
أتشمّ رائحة العظام؟
أشمّها
والقبر يفتح ثم يغلق ثم يفتح والسّماء تقيّحتْ
حمّى تمارس بطشها،
وأصابع تمتدّ من خلل اللهيب تشنّجت،
جفّت وجوه والعيون دمٌ، وأفواه ٌ
تنادي، بحّ فيها الصّوت من عطش ٍ
فأين شتاؤك المزعوم أين هو الشتاءْ؟
وتقول عاصفة تجيء فيا هلا بالنّكتة السّوداءْ
رعدٌ ولا مطرٌ وطلق ٌ كاذب وكتائبٌ
فاءت إلى ظلّ حذاء،
يا جسر أحزاني فدعهم يعبرون
الصّابرون الطّيّبون
سنقيم قريتنا ونقعدها ونسهرُ
إنّه ليل لمن شاء الغناءْ
في لحظة يتجرّد الوطن الجميل من المرارة والعناءْ
وتهب أنسام تبرد جرحه النّاري َ، في
أعماقنا لحن يحنّ للمسةٍ،
والطّبل يقرع مرّتين ومرّةً فتُهَيّئ الحنّاء
يا جسر أحزاني فدعهم يعبرون
فرس تهمهم أين صاحبة العفاف أميرتي؟
ويشبّ لحن آمر فتُدَقّ أقدام ٌ وتنطلق المناديلُ
الصّغيرة كالحمائم.
ويهلّ فوج من نساء الحيّ وانفجرت زغاريد ٌ
وطافت غيمة خضراء تحتضن الحقولَ وغابت الأشياء
في أحلامها
والصّابرون الطيّبون،
وتوزّع الحلوى وينتشر الصّغار،
غَرسا على الدّرجات في الشّرفات "أين أميرتي؟"
صهلت وجنّنها جحيم الانتظار،
خيطان يلتحمان في الأفق الصّفيح
فتقفل الأسرار،
أبوابها، وتَدُق مطرقة عليه فيذعن السّمّار.
وسوم: العدد 812