عُرَامٌ، والتزامْ

ماءٌ وطينٌ، واشتعالُ أوارِ=قد فجَّرَ المكنونَ من أشعاري
والرُّوح في قفصِ الجُسوم أسيرةٌ=ترنو إلى العَليَا من الأنوارِ
وَيَمَسُّها الحُسْنُ البَهِيُّ بصَعْقَةٍ=تسري بكهربةٍ ووهجِ سُعارِ
والجسمُ من حَمَأٍ وطينٍ لازبٍ=راعته رَوْدٌ من سنا الأقمارِ
ما القلبُ إلا مُضغةٌ دونيَّةٌ=وفؤادُهُ مُستودعُ الأسرارِ
يا ربُّ هذا القلبُ كَلَّ صَبابَةً=حتّامَ يبقى لائبَ الأوطارِ؟!
الحسْنُ يأسرهُ، فلولا صنتَهُ=من هائمِ الأشعارِ والأفكارِ
أَوَكُلَّمَا شَامَ الغَداةَ مَليحةً=نبتَ البيانُ بأجملِ الأزهارِ؟
أو مرَّ سِربُ الغيدِ، ثم هَجَرْنَهُ=ثارَ القصيدُ على طلولِ الدارِ؟
فالعينُ مُرهفةٌ تأجَّجُ نارُها=قد ترجمت حُسْن البَهَا بشعارِ
ظمأٌ، ولَوْبٌ، والمياهُ مُسَاغةٌ،=لكنَّ خوفَ اللهِ في إصرارِ
كبحَ الجِماحَ، وَهَاجَ كُلَّ فضيلةٍ=كانت مَصَدَّ الزَّيغِ والإعصَارِ
والنفسُ بينَ عُرَامِهَا وأُوامِهَا=بالشعرِ تبدي مرةً، وتواري
ما ذنبُ نفسي من جِبِّلةِ طِينةٍ؟=ما ذنبُها من بِنية الفخارِ؟
حربٌ ضروسٌ بين قلبي والنُّهَا=كم ذا اكتوَى من مَكْرِهِ الكُبَّارِ؟
واللهِ لولا الله بئتُ بخيبةٍ=فإليهِ بُئْتُ بأوْبةٍ، وفِرَارِ

وسوم: العدد 816